adnan.h@almadapaper.net
لستُ من متابعي برامج قناة "العراقية" إلّا بالصدفة عندما يكون هناك وقت للّعب بالريموت كونترول، فلم أجد يوماً، وقد لا أكون على حق في هذا، أن في هذه القناة ما يجتذبني إليه كما الحال مع قنوات أخرى، غير عراقية في الغالب.
لفت انتباهي في الأيام الأخيرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ ثمة عدم رضا بين عدد لا يُستهان به من الكتّاب والفنانين، فضلاً عن نشطاء العالم الافتراضي، حيال البرامج الرمضانية لـ "العراقية" على نحو خاص.
مع كامل التقدير للملاحظات والأسئلة المطروحة في هذا الصدد ولأصحابها، لكنني أتحيّر من أن يكون هناك استغراب لأن تكون برامج "العراقية" بهذا المستوى المخيّب للآمال. الذي يتوقع من العراقية برامج في مستوى BBC البريطانية و DWالالمانية و24 FRANCE الفرنسية، أو حتى في مستوى قنوات عربية مثل MBC أو المصرية أو الخليجية، هو كمن يتوقّع من وزارة التجارة، على سبيل المثال، أن توزّع الحصة التموينية في وقتها وليست متأخرة ثلاثة أشهر، بكامل التخصيصات وليست منقوصة بواقع مادتين في الأقل كل شهر، وأن تكون مواد الحصة بنوعية صالحة للاستهلاك البشري وليس للاستهلاك الحيواني كالجاري الآن، أو كمَنْ يحلم أن يصحو ذات صباح ليجد أن أمانة بغداد، أو أيّ بلدية أخرى في البلاد، قد أنجزت المهمة وجعلت من الشوارع تعود نظيفة كما كانت من قبل وأرصفتها لم يعد أحد يتجاوز عليها وصارت ممشىً مريحاً للسابلة ولعربات الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، أو كمَنْ يتوهم أن يصحو في اليوم التالي ليجد أن أحداً لم يعد ينتهك نظام المرور وقواعده وقوانينه ويقود سيارته أو دراجته في الاتجاه المعاكس، وأنّ مواكب كبار المسؤولين في الدولة، وأحياناً صغارهم أيضاً، ما عادوا يتجاوزون على ما تعلنه اللافتات المرفوعة عند نقاط التفتيش والقائلة :" الكل يخضع للتفتيش .. احترمْ تُحتَرَمْ"، أو كمن يذهب به الخيال بعيداً ليتوقع أن الوزارات والدوائر قد نظفت من الفاسدين والمفسدين، من الوزراء والوكلاء والمدراء الذي يعقدون الصفقات لقاء الكوميشنات إلى سُعاة صحة الصدور الذين لا يحملون كتب صحة الصدور إلى الجهات المقصودة ما لم يجرِ دفع "المقسوم" لهم مقدماً.
قناة "العراقية" المثقلة، كما أمها شبكة الإعلام العراقي، بمئات الموظفين الفائضين عن الحاجة والفضائيين والمعيّنين بموجب نظام المحاصصات الطائفية والقومية والحزبية والعشائرية والمناطقية، لا يُمكنها أن تكون غير التي هي الآن، ولا أن تكون واحة غناء في صحراء مُجدبة.
تريدون قناة عراقية حيوية ببرامج جذّابة ومثيرة للاهتمام في رمضان وسائر الأشهر القمرية والشمسية؟ .. إذن، أعيدوا هيكلتها جذرياً. وقبل هذا أو بموازاته في الأقل، أعيدوا هيكلة الدولة التي ليست "العراقية" سوى فرع منها وصورة مصغرة لصورتها وصدىً لصوتها ونسخة مطابقة لها ممهورة بختم "صحة الصدور" المتوافق عليه في مجلس النواب بين الكتل المتحاصصة.
جميع التعليقات 1
ناظر لطيف
مقال رائع جدا لاينكن الطلب من مؤسسة واحد ان تؤدي عملها بشكل صحيح فيما باقي المؤسسات غارقة في الفساد. شكرا للاستاذ عدنان حسين