يرصد مراقبون اقتصاديون اضرارا بالغة تلحق بالاقتصاد الوطني ونظام الخدمات العامة من جراء العشوائية في بناء المساكن وعملية الانشطار الى وحدات سكنية صغيرة بسبب الحاجة التي تعجز الدولة عن ايجاد حلول لها، فمن نتائج هذه العملية حصول تجاوزات واسعة النط
يرصد مراقبون اقتصاديون اضرارا بالغة تلحق بالاقتصاد الوطني ونظام الخدمات العامة من جراء العشوائية في بناء المساكن وعملية الانشطار الى وحدات سكنية صغيرة بسبب الحاجة التي تعجز الدولة عن ايجاد حلول لها، فمن نتائج هذه العملية حصول تجاوزات واسعة النطاق على شبكات الكهرباء والماء الصالح الشرب والصرف الصحي والهاتف الارضي، فضلا عن التجاوز على ارصفة الشوارع وتلفها، وتعطيل العديد من المشاريع الخدمية المهمة، وهو ما يمكن ملاحظته في العاصمة بغداد وسائر المدن.
مختصون في الشأن الاقتصادي يلقون باللوم على عدم وجود ستراتيجية لدى الحكومة لتنفيذ المشاريع السكنية مع تزايد نسبة النمو السكاني في الاعوام الاخيرة بعد تصاعد الهجرة من الارياف الى المدن، وتُقدّر الآن الحاجة الى مساكن جديدة بما يزيد على ثلاثة ملايين وحدة سكنية.
في العاصمة تلقي أمانة بغداد باللائمة على مجلس النواب الذي لم يمنحها الموافقة على التخصيص المالي لأنشاء ثلاثة مشاريع سكنية استثمارية كبرى، على الرغم من انها وضعت الخطط لبنائها. يقول المتحدث باسمها حكيم عبد الزهرة في حديث لـ (المدى) ان: الانشطار الذي يحدث في بيوت المواطنين قد أثّر بشكل واضح على تقديم الخدمات، ويضيف: أن تخطيط وتصميم المدن يتم في سياق محدد وأي خروج عن هذا السياق سيؤثر على منظومة الخدمات، خاصة وان الاحياء السكنية عندما تنشأ فان اي واحد منها يستوعب ألف دار، وتُخطط لهذه الدور مشاريع مياه ومجاري وكهرباء وطرق ومنافذ للماء وفق احتياج الحي، لكن عندما تتضاعف هذه الدور يعني ان التصاميم الموجودة للحي لن تستوعب التغيير مما يحدث ارباكا في العامل الخدمي الذي سيستنزف الدولة اموالا طائلة، بالتالي يبقى مهما نقدم من عمل قاصرا كونه لن يستوعب التغييرات الموجودة.
ويستدرك عبد الزهرة قائلا: اما في مسألة انشاء المجمعات السكنية فان امانة بغداد قامت بوضع خطة لبناء ثلاثة مشاريع كبرى على شكل مجمعات سكنية استثمارية، يموّل جزء منها عن طريق الاستثمار وآخر يكون بتمويل حكومي، وهذه المشاريع هي "العشرة في عشرة" في مدينة الصدر ومشروع معسكر الرشيد، ومشروع منطقة الدهنة، وقد تم اعطاء الموافقات على انشاء هذه المجمعات الاستثمارية، حيث تصل سعتها الى 300 ألف وحدة سكنية في مدينة بغداد، وهو موضوع كان يمكن له ان يحل مشكلة السكن في العاصمة دون اللجوء الى زيادة الانشطار في الدور السكنية والتجاوز على المناطق الزراعية وماخلفته من تأثيرات جانبية على جميع الخدمات، لكن المشكلة كانت في مجلس النواب الذي لم يوافق على التخصيص المالي لهذه المشاريع، ونحن اذ نؤكد ان المشكلة ليست في أمانة بغداد كما يعتقد البعض فهي خططت وهناك من عرقل عملها، نرى ان حجم الضرر المادي الذي تكلفه عملية الانشطار هذه كبير على الدولة من تجاوز على منظومة الطاقة والمجاري والمياه، خاصة وان تأهيل وصيانة هذه المنظومات يحتاج الى اموال وجهد كبيرين مع مرور البلد بأزمة اقتصادية واضحة، خاتما بالقول: من جهة اخرى فان هناك بعض المشاريع السكنية تلكأت لتغيب المستثمرين بسبب الظروف الأمنية حينها.
الخبير الاقتصادي ماجد الصوري يؤكد في حديث لـ(المدى)، ان: البلد اليوم يحتاج الى اكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية لاستيعاب الكثافة السكانية الحاصلة، ويلفت الى ضرورة عدم تبرير الاخفاق في هذا المجال بمشكلة توفير الخدمات ومنها الكهرباء، فقد تم صرف مبالغ طائلة على منظومة الكهرباء لكن لحد الآن لم يتم القضاء على المشكلة، بينما كان يمكن لهذه المبالغ ان تغطي حاجة العراق في الكثير من المشاريع التنموية ومنها السكنية، لذلك فان الحلول بيد الحكومة وهي لا تستطيع عمل شيء.
يستطرد الصوري قائلا: المشكلة الاساسية هي عدم تحمل الحكومة لواجباتها ومسؤولياتها في توفير الخدمات ، فالأموال التي صرفت على العراق بهذه الجوانب كانت كبيرة جدا لكن الاستفادة منها سيئة جدا وقد أدى ذلك الى هدر أموال طائلة في مجالات مختلفة لكنها لم تعالج حتى اليوم ازمة السكن او ازمة الكهرباء.
الخبير الاقتصادي باسم انطوان من جانبه يعتقد في حديث لـ"(لمدى) ان عملية الانشطار في المساكن هي: نتيجة حتمية لازمة السكن المتعاظمة والزيادة السكانية التي وصلت الى نسبة 3% سنويا، وعدم وجود مشاريع اسكانية كبيرة وتوقف التخصيصات المالية للمشاريع السكنية الكبيرة والعجز عن تلبية الحاجات الضرورية للمواطن وشحة الاراضي خصوصا في العاصمة وعدم وجود ستراتيجية لتنفيذ مشاريع السكن وارتفاع كلف البناء، كما ان الآزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد جعلت الكثير من العوائل تلجأ لشطر بيوتها الى اقسام متعددة اغلبها غير نظامية حيث يقوم البعض بالتوسع داخل البيت الواحد وبيع جزء من الارض لتأمين قوته او زيادة دخله، وهذا ما يؤدي الى زيادة الاحمال على الطاقة الكهربائية وزيادة الضغط على منظومة المجاري وشبكات المياه..
ويرى انطوان: ان على امانة العاصمة تشديد الرقابة في هذا المجال من خلال عدم سماحها بالبناء اضافة الى وضع استراتيجية للسكن وبناء الوحدات السكنية قليلة الكلفة وسريعة الانجاز، والتي تحل جزءا من المشكلة المتفاقمة بسبب الهجرة الواسعة، ويضيف: نحن نحتاج اليوم الى ما لا يقل عن 200 ألف وحدة سكنية سنويا، اضافة الى بناء اكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية.. هذا يحتاج الى برنامج حكومي واسع واشراك القطاع الخاص مع تيسير اجازات ومواد البناء من اجل خلق حركة عمل لحل المشكلة خاصة وان ذلك سينمي الاقتصاد العراقي ويخلق فرص عمل للمواطنين.