اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > الصحـافة والصراع النيابي في العراق

الصحـافة والصراع النيابي في العراق

نشر في: 21 فبراير, 2010: 04:49 م

د. سامي القيسي عرف العراق اول مجلس نيابي عام 1925 وكان يتكون من مجلس الاعيان ويعين الملك اعضاءه ومجلس النواب وينتخب بالاقتراع المباشر الذي كان في حقيقة الامر نوعا من التعيين ولعل اصدق صورة لهذا المجلس ما كتبه احد النواب في جريدة ((البلاد))عام 1946اذ قال»ان اصبحت قائمة مطبوعة تصدر من وزارة الداخلية (تليفونيا )
وتبلغ الى المتصرفيات ومن ثم الى جمع من فراشي البلدية وسعاة البريد وصغار الموظفين يفترض انهم المنتخبون الثانويون ثم انتخاب مسرحي فكاهي  محزن ينتهي بتعيين النائب وهو بطبيعة الحال مقصوص اللسان واليد ولم تكن السلطات المتعاقبة تخفي ذلك او تتستر عليه فهذا نوري السعيد قطب السلطة في العراق يخاطب النواب قائلاً بصراحة»هل بالامكان- اناشدكم بالله-ان يخرج احد نائبا مهما كانت منزلته في البلاد ومهما كانت خدماته في الدولة ما لم تأت الحكومة وترشحه؟ ولما خيب الشعب امال نوري السعيد في انتخابات صيف 1954وانتخب عشرة نواب يمثلون الجبهة الوطنية فازواعلى الرغم من كل اعمال التزييف والضغط قال نوري السعيد وكان يومها يعالج في احد مستشفيات لندن:»لن ادع هذا المجلس يجتمع ساعتين» وتحقق لنوري ما اراد فلم يجتمع المجلس سوى اقل من ساعتين استمع خلالها الى خطاب العرش ثم اجلت اجتماعاته وحل فيما بعد بارادة ملكيه عشية تشكيل نوري السعيد لوزارته الثانية عشرة في آب من العام نفسه. وترينا هذه الصورة مدى احترام النظام الملكي المندثر لهذا الحق المقدس الذي نص عليه الدستور والمناخ الذي عملت فيه الصحافة الوطنية ضد هذا التزوير لارادة الامة وقد اتخذت الحركة الوطنية وصحافتها موقفين متعارضين احيانا من حيث المشاركة في الانتخابات التي جرت خلال هذه الفترة(1946-1958)وهي موضوع دراستنا وان كانت جميعها قامت بدورها في كشف التزوير الذي حصل فيها.فانتخابات 1947 قاطعها الشيوعيون وحزب الاتحاد الوطني وحزب الشعب وشارك فيها حزبا الوطني الديمقراطي والاستقلال اما حزب الاحرار فقد اعلن مشاركته فيها ثم قاطعها بعد ان اجتازت بعض مراحلها. اما انتخابات 1948فقد شاركت فيها جميع القوى الوطنية عدا الشيوعيين الذين رفعوا شعار(لاانتخابات حرة والاحرار في السجون)وطالبوا بوجوب تنظيف الجهاز الاداري ذي الصلة المباشرة بالانتخابات اما الانتخابات الثالثة فقد جرت في ظل الاحكام العرفية اثر انتفاضة تشرين 1952 لذلك لم تشارك فيها القوى الوطنية.والانتخابات الرابعة وهي التي جرت في حزيران 1954وقد شاركت فيها القوى الوطنية في جبهة موحدة اما الانتخابات الاخيرة التي سنتعرض لها بالدراسة فهي انتخابات خريف 1954وقد شارك فيها حزب الاستقلال وقاطعها الحزب الوطني الديمقراطي وحزب البعث.واشير هنا الى انني اغفلت الانتخابات التي جرت في ربيع 1958اي قبيل ثورة 14تموز بثلاثة اشهر وذلك لان الاحزاب كانت قد حلت والصحافة الوطنية العلنية اغلقت ولم يشارك فيها احد غير اتباع الحكومة ومما يذكر ان ثلاثة وخمسين سياسيا من الاحزاب المنحلة والشخصيات المستقلة واساتذة الجامعة وبعض النواب السابقين كانوا قد وجهوا بيانا الى الشعب دعوه فيه لمقاطعة تلك الانتخابات. انتخابات 1947 وموقف الصحافة منها: شكل نوري وزارته في 21 تشرين الثاني 1946 وكانت باكورة اعمالها صدور الارادة الملكية بحل المجلس النيابي وذلك (بناء على انتقال الوضعية العالمية من حالة الحرب الى حالة السلم وضرورة اتخاذ تشريعات تلائم هذه الحالة الجديدة التي تتطلب ان يسود السلم في العالم). وبعد يومين من تشكيل الوزارة عقد نوري السعيد مؤتمرا صحفيا قال فيه:((ان وزارتي ستكون انتقالية ومهمتها اجراء انتخابات حرة لذلك سنمنع التزوير ونمنع كل تهديد او اعتداء فيها ولا تستعمل الحكومة نفوذها في الانتخابات لتفضيل مصلحة شخص على اخر «ولم يكتف السعيد بذلك بل عقد بعد اسبوع مؤتمرا صحفيا اخر قال فيه:(( انه لن يكون هناك ضغط على احد باعتباره رجعيا او شيوعيا)) ثم حاول ان يتقرب الى المعارضة وان ينتقد ماضيه المريب والمعروف جيداً لدى الشعب فقال: (انني اعرف اني في نواقص وان لي اخطاء وليست العبرة ان المرء لايخطئ بل العبرة هي ان يصحح اخطاءه).وقد وقفت الحركة الوطنية الفتية من هذه الانتخابات التي هي اول انتخابات تواجهها بعد الحرب الثانية وبعد الحريات الشحيحة التي حصلت عليها موقفين متباينين فبينما حزبا الاتحاد الوطني والشعب والشيوعيون لم يشاركا فيها، شارك حزبا الاستقلال والوطني الديمقراطي اما حزب الاحرار فقد شارك في مراحلها الاولى ثم قاطعها بعد ذلك. والواقع ان الحزب الوطني الديمقراطي لم يكتف بالمشاركة في الانتخابات بل شارك في الوزارة السعيدية ايضا فشغل نائب رئيس الحزب محمد حديد وزارة التموين لمدة اربعين يوما ثم استقال احتجاجا على تدخل جماعة(الكتلة)في الانتخابات مع ممثل حزب الاحرارعلي ممتاز الدفتري وكذلك لعدم استجابة السلطة لشروط الحزبين عند مشاركتهما في الوزارة ومن بين هذه الشروط دعم الحياة الحزبية وفتح فروع للاحزاب خارج بغداد وبعد يومين من استقالة ممثلي الديمقراطي والاحرار استقال من الوزارة ايضا صادق البصام وصالح جبر ليصبحا اكثر حرية في التدخل في الانتخابات ومن ثم لضمان المجئ ببرلمان يمكن ان تمر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram