adnan.h@almadapaper.net
الإرهاب يضرب إيران هذه المرة .. يضربها في العمق: مبنى البرلمان في طهران وضريح مؤسس الجمهورية الإسلامية في قم، بكل ما لهذين الهدفين من رمزية عالية.
العملان الإرهابيان اللذان وقعا أمس يعيدان التأكيد على أن لا أحد يُمكن له أن يكون في مأمن من الإرهاب، مهما اتّخذ من التحصينات اللازمة للوقاية منه، أو وجد وسيلةً ما للتفاهم من الباطن مع الجماعات الإرهابية في سبيل العمل بعيداً عنه.
مع أنّ إيران في قلب منطقتنا التي يعصف بها إعصار الإرهاب منذ عقد ونصف العقد، بيد أنها بقيت في منأى عن أعمال الإرهاب التي نفّذها تنظيم القاعدة ولاحقاً تنظيم داعش في الدول المجاورة لإيران، وهو ما ظلّ يثير أسئلة عن السرّ في هذا، بينما تواترت معلومات عن قيام تفاهم ضمني بين إيران والمنظمات الإرهابية بالبقاء بعيدة عنها، في حين أفادت معلومات أخرى بأنّ إيران أمّنت نفسها بتوفير المأوى لأفراد من عائلة زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن وغيرهم.
سواء كان بقاء إيران كل هذه الفترة في منجى من العمليات الإرهابية الرهيبة التي ضربت العراق وباكستان وأفغانستان وتركيا والسعودية وسواها، مردّه إلى النظام الأمني المتشدّد في الجمهورية الإسلامية، أو إلى نوع من التخادم والتفاهم بين طهران ومنظمات الإرهاب، فإن الهجومين الارهابيين على مبنى مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني وضريح الخميني أمس، يثبتان أنّ أية إجراءات من هذا القبيل ليس من شأنها تأمين الحصانة من الإرهاب.
الحكومات في بلدان أوروبا الغربية اتّبعت أنظمة أمنية فعّالة، وسعتْ أجهزتها الأمنية إلى إقامة علاقات "ودّية"، علنية أو سرية، مع أشخاص ومنظمات "إسلامية" متشدّدة، إلا أنّ ذلك لم يحل في نهاية المطاف من دون وقوع أعمال الإرهاب المروّعة التي تراوحت بين التفجيرات في المنشآت والاماكن العامة والهجمات بالسلاح الأبيض والسيارات.
الإرهاب حرب عالمية سافرة ضد التحضّر والمدنية، لن تستطيع حتى الدول العظمى من صون نفسها وحماية مواطنيها منها. مواجهة الإرهاب تتطلب عملاً دولياً منسّقاً لا يستثني أحدٌ نفسه منه، ولا يجري استثناء أحدٍ منه، فما من ضمانة لتأمين النفس من هذه الوحشية حتى جرى تقديم التسهيلات لمنظمات الإرهاب، وتركيا مثال وأنموذج، وقد تكون إيران كذلك.
قيام تحالفات إقليمية وتحالف آخر عالمي بين الدول على اختلاف أنظمتها السياسية، يتركّز على مكافحة الإرهاب، هو الخطوة المطلوبة على هذا الصعيد. ومن شروط قيام هذه التحالفات وتحقيق هدفها التزام الحكومات بعدم إقامة أيّ علاقة مع أيٍّ من منظمات الإرهاب، وعدم السعي للركون الى الإرهاب ومنظماته لتصفية الحسابات بين الحكومات.. وقبل هذا ومعه لابدّ من وضع ستراتيجية دولية لمواجهة الإرهاب تأخذ في الاعتبار الأسباب الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن السياسية، لنشوء وتطوّر ظاهرة الإرهاب.