TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > إلـى متـى هـذا التيـه العربي فـي سـراب لا ينـقـشـع؟

إلـى متـى هـذا التيـه العربي فـي سـراب لا ينـقـشـع؟

نشر في: 21 فبراير, 2010: 05:20 م

شاكر النابلسي كان الزعماء الوحدويون في العالم العربي، وفي النصف الثاني من القرن العشرين على وجه الخصوص من العسكريين والديكتاتوريين. ومن هنا ارتبط في ذهن المواطن العربي العلاقة الوثيقة بين الديكتاتورية والدعوة القومية إلى الوحدة. وزاد من اعتقاد المواطن العربي بهذا فشل التجارب الوحدوية المختلفة التي قامت بين بلدان عربية، كان يحكمها زعماء ديكتاتوريين، وما زال بعضهم منذ ما يقارب من أربعين عاماً على رأس السلطة.
رأي مختلف في الوحدة والديكتاتوريةولكن بعض المفكرين العرب اعتبروا، أن الدعوة إلى الوحدة لا تعني الانحياز إلى الاستبداد، وأن الدعوة إلى الوحدة لا تعني مصادرة حق الآخر السياسي، كما حصل أثناء الوحدة المصرية – السورية، حين اشترط عبد الناصر على القادة السوريين، تفكيك حزب البعـث، وإلغاء نشاط الأحزاب الأخرى، واندماجها في الاتحاد القومي (حزب الدولة) لضمان قيام الوحدة المصرية – السورية 1958.rnالديمقراطية عماد الوحدة ولكن.. فالانحياز الكامل للفكر الوحدوي العربي ضد فكر التجزئة ومخلفات الاستعمار، لا يعني إطلاقا الانحياز إلى أساليب القمع والإرهاب ضد الجماهير العربية المسحوقة، تحت لافتة الوحدة العربية. فمثل هذه الوحدة لن تُكتب لها الحياة إلا إذا كانت الديمقراطية عمادها، وإطلاق الجماهير العربية من سجونها أبرز شعاراتها. ولنلاحظ حسب إحصائية سعد الدين إبراهيم، عام 1980، أن نسبة 4 %  فقط من الشعب العربي، يعتبر أن انعدام الديمقراطية في العالم العربي من المشكلات الكبرى. (أنظر: سعد الدين إبراهيم، "اتجاهات الرأي العام العربي في مسألة الوحدة"، ص 79) و (انظر: مسعود ظاهر، "مدخل لدراسة ركائز التجزئة في المشرق العربي"، مجلة "الفكر العربي المعاصر"، عدد 11/12، 1979 ، ص119). وهذه نتيجة مخيفة ومفزعة تشير إلى عدم وعي المواطن العربي، النائم في العسل الأسود دائماً.rnالديمقراطية هي الأساسورغم هذا، فإن بعض المثقفين العرب، يعتبر أن غياب الديمقراطية – وليس انتظار الوحدة لتحقيق الديمقراطية، كما كان يقول بعض البعثيين والناصريين- هو السبب في إعاقة قيام الوحدة العربية. ويقولون أنه لو مارست أقطارنا العربيـة الديمقراطية حقاً، لرأيت تفتُّح الأحزاب الوحدوية في كل مكان، ولرأيت زحف التيار الوحدوي، حتى ولو كانت الدول والحكومات ضده. إذ من الصعب أن تقف أية قوة، بين حقائق التاريخ وضمير الناس.rnالعيب فينا وليس في الآخر فقطكما يعترف هؤلاء المفكرون، أن أكبر إساءة لشعار الوحـدة، وأكبر حركة تخريبية في وجه وحدة قائمة، لا تأتي من الآخر فقط، ولا من الخارج فقط ولا من الخطر الخارجي (الاستعمار وقوى الإمبريالية)، بل هذه الإساءة وهذه الحركات التخريبية للوحدة كامنة فينا، وفي سلوكنا تجاهها، وفي الإمكان استغلالها سياسياً كأداة للقولبة، والمجانسة، والتدجين. وهذا ما تم عندما استُغلت الاشتراكية والديمقراطية وغيرها من الشعارات، في حقبة الستينات من القرن الماضي، لخدمة نقائضها أحياناً.rnالقرار الفوقي لا يستقيمهل صحيح أن نسبة عالية من تجارب الوحدة العربية في النصف الثاني من القرن الماضي تمَّت على أساس رغبة وقرار الحكام بعيداً عن رغبة الشعوب، ومصالحها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؟وهل صحيح أن مصالح الحكام في تجارب الوحدة، تتغلب وتُرجَّح على مصالح الشعوب؟إن بعض المفكرين العرب المعاصرين يردُّ عوائق الوحدة العربية، واستمرار عدم قيام هذه الوحدة،  إلى أن مشاريع الوحدة العربية على مدار التاريخ العربي، وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، كانت مشاريع تُقام بقرار من الحاكم، وليس بقرار من الشعـب عن طريق الاستفتاءات الحرة والنزيهة. وأن هذه المشاريع الوحدوية، كانت متعلقة بشخصية الحاكم الفرد الواحد الأحد. فإذا زال هذا الحاكم، زال معه مشروع الوحدة القائمة.ويقول المفكر السوري الراحل حافظ الجمالي: "كثيرٌ ما يُظن بأن الوحدة العربية القادمة هي عبارة عن تكرار لوحدة كانت موجودة من قبل. وفي علمي أن هذه الوحدة في الأصل لم تكن إلا وحدة الحاكم. فعندما فتح الأمويون البلاد العربية، فرضوا وحدة القوة، وحدة الحاكم. فما دام الحاكم قوياً بقيت الوحدة، وعندما يضعف الحاكم أو ينشغل، تضعف معه الوحدة" ("ندوة الوحدة العربية.. وقائع وآفاق"، ص116). الزعماء هم الوحدةفهل الخلفاء والزعماء هم الوحدة.. إن حضروا حضرت، وإن غابوا غابت؟فعندما انشغل هارون الرشيد عن الدولة، أصبح كل والٍ يرسله على ولاية ينشق عليه، ويستقل، وينشئ دولة جديدة. ولم تعد وحدة الإمبراطورية الإسلامية قائمة وقوية، كما كانت في العصر الأموي، أو بداية العصر العباسي الأول.وكذا كان الأمر في العصر الحديث، فعندما كُسر عبد الناصر في هزيمة 1967، لم يعد للوحدة العربية ذلك الصدى والوهج والتأثير، الذي كان قبل الهزيمة، وبرحيل عبد الناصر في العام 1970، طويَّ ملف الوحدة الجادة. ولم يعد أحدٌ من القادة والزعماء ورجال الفكر السياسي يفكر بالوحدة، أو ينادي بها. كذلك نرى، أن معمر القذافي في السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، كان الصوت الوحدوي المدوي في الساحة العربية، وهو صاحب عدة مشاريع للوحدة، وكان الساعـي إليها دائماً. ولكن عندما يصمت عن الوحـدة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram