شكا مواطنون وموظفون عدة في القطاع الحكومي، أمس الاثنين، المصارف المكلفة بمنح القروض الحكومية بـ"الالتفاف" على ضوابطها و"عرقلة" منحها، مشيرين إلى وجود الكثير من التعقيدات التي تحول دون تحقيق أحلامهم بالحصول على وحدة سكنية. فيما أكد خبراء مصرفيون عدم ص
شكا مواطنون وموظفون عدة في القطاع الحكومي، أمس الاثنين، المصارف المكلفة بمنح القروض الحكومية بـ"الالتفاف" على ضوابطها و"عرقلة" منحها، مشيرين إلى وجود الكثير من التعقيدات التي تحول دون تحقيق أحلامهم بالحصول على وحدة سكنية. فيما أكد خبراء مصرفيون عدم صواب قرار إدارات المصارف بدمج الموظفين وغيرهم في خانة "الاقتراض المصرفي".
في غضون ذلك، أعلنت اللجنة المالية البرلمانية، عزمها استدعاء المدراء العامين للمصارف الحكومية للإطلاع على "كوامن الخلل" في أدائهم، معربة عن شعورها بـ"الحرج أمام المواطنين" جراء التخبط الواضح في عمل تلك المصارف.
ويقول المواطن حسام عباس لـ(المدى)، إن "المصارف المكلفة بمنح القروض تلتف بشكل واضح على الضوابط المحددة وعرقلتها لها وتقديمها مصالحها على المصلحة العامة"، مبيناً أن "موضوع الاقتراض يسير ببطء شديد ويعاني التعثر برغم أننا يومياً نسمع وجود تحديثات بشأن شروط المصارف التي تعلن عبر وسائل الإعلام".
وأشار عباس إلى أن "قروض المشاريع المطروحة من قبل المصارف الحكومية، يمكن أن تحدث نقلة نوعية تسهم بالحد من حجم البطالة العالية جداً في البلاد إذا ما سارت بنحو صحيح"، مستدركاً بالقول "لكن ذلك يتطلب فك الألغاز وعلامات استفهام التي تشوبها حالياً وتعرقل منحها أو تبطئ وتيرته، برغم موافقة مجلس الوزراء عليها".
وأعرب عن استغرابه من "تغيير التعليمات الخاصة بمنح القروض المالية لعدّة مرات طيلة الأسبوع الماضي"، متسائلاً "متى تستقر الجهات المعنية على صيغة نهائية للقروض وتبدأ بمنحها للمستحقين".
من جانبه شكا الموظف في وزارة الشباب والرياضة، مصطفى عادل في حديث إلى (المدى) من "الإجراءات والشروط المعقدة التي تجعل من المستحيل على الشباب الحصول على قرض حكومي لتحقيق حلمهم بشراء وحدة سكنية". إلى ذلك، وصف الخبير المصرفي ماجد الصوري دمج الموظفين وغيرهم في خانة الاقتراض المصرفي بـ"الخطأ الكبير" من قبل إدارات المصارف الحكومية، ويقول الصوري لـ(المدى)، إن "الموظف يتمتع بعدّة مزايا، منها الراتب وبعض الإمكانات الكبيرة أو المتوسطة، والتجربة أثبتت أن بعض المصارف أعطت قروضاً لكبار موظفي الدولة وبمبالغ طائلة دون وجود تسديد حقيقي". وعدّ الصوري سياسة الحكومة في منح القروض للمواطنين "تدخل في خانة تيسير أمورهم"، مستدركاً بالقول "لكن الموظف الحكومي بات يزاحم المواطن غير الموظف بشأن تلك المسألة". وقرر مصرف الرافدين في 19 آذار الماضي، منح قروض مالية لدعم الموظفين والمواطنين لشراء وحدات سكنية في المشاريع الاستثمارية التي يتم انجازها من قبل هيئة الاستثمار الوطني، وأعلن مصرف الرافدين، تعديل شروط وضوابط منح القروض التي أعلنها المصرف في آذار الماضي. بدورها، وصفت اللجنة المالية في مجلس النواب، هذا التغيير المستمر في شروط وتعليمات الاقتراض بـ"التخبط وغياب الرؤية الواضحة" للسياسة المالية لإدارات المصارف الحكومية.
وتقول عضو اللجنة ماجدة التميمي لـ(المدى)، "حقيقة لاحظت أداء مدراء المصارف الحكومية، فوجدت الكثير منهم أداؤه غير جيد"، وتعلّق التميمي بشأن التعقيدات التي تصاحب عملية الاقتراض، قائلة "أرى تعليمات جديدة بشأن القروض وشروطها، وبعد يومين أو ثلاثة تتغير الشروط، ومن ثم تظهر شروط لاحقة، لذا عملية استبدال الشروط بشكل اليومي يدل على عملية تخبط في إدارات تلك المصارف وعدم وجود رؤية واضحة لديهم، الأمر الذي أدى إلى إرباك المواطن الساعي إلى الاقتراض المصرفي". وبشأن جدية المصارف الحكومية، في إقراض المواطنين من عدمها، اعتبرت التميمي بأن "الأمر لا يصب في مصلحة المواطن العادي، بقدر ما يصب في صالح تلك المصارف التي تسعى إلى التسويق الإعلاني لنفسها، من خلال تغيير تعليماتها بشكل دوري"، مبينة أن "اللجنة المالية نفسها أصبحت في وضع محرج أمام المواطن الساعي إلى الاقتراض جراء التغييرات اليومية في استمارات التقديم لتلك المصارف".
وتابعت عضو المالية النيابية قولها " لمسنا كجهة رقابية وجود أشخاص يتم منحهم القروض خارج الضوابط المعمولة بها في المصارف، مما يدل على وجود فساد إداري كبيرة في عمل إدارتها، وفق مبدأ المحسوبية والمنسوبية"، مطالبة رئيس الوزراء بـ"معالجة هذا الموضوع على أتمّ وجه"، مشيرة إلى "قيام اللجنة المالية برفع الكثير من التقارير إلى هيئة النزاهة بصدد الفساد المستشري في الكثير من المصارف الحكومية". وأكدت التميمي أن "اللجنة المالية في مجلس النواب، ستعمل بعد شهر رمضان المبارك، على استدعاء المدراء العامين لتلك المصارف، لمعرفة كوامن الخلل في أدائهم وماهية خططهم في إدارة العمل المصرفي"، مشددة على "أهمية حسم هذا الموضوع لكي يتعظ الآخرون حينما يجدون رقابة فاعلة على عملهم". وصوّت مجلس الوزراء، خلال جلسته المنعقدة في 30 أيار الماضي، على رفع شرط الكفيل من شرط منح القروض الخاصة بمشروع بسماية حصراً، ورهن الوحدة السكنية للمصارف (الرافدين، والرشيد، والمصرف التجاري).
وأعلن مصرف الرافدين، في 31 أيار الماضي، عن رفضه التعليمات الصادرة من مجلس الوزراء العراقي بشأن إلغاء الكفيل من إجراءات قروض مجمع بسماية.
وبشأن ذلك، يعلق الخبير المصرفي ماجد الصوري، أنه " لابد من وجود فصل بين رأس المال والإدارة المصرفية"، مبيناً أن "المصرف أعرف بالشروط التي وضعها أمام المقترض، وإذا كان مجلس الوزراء يتعهد بالكفالة وتقديم الضمانات للمصارف، هذه مسألة أخرى، لأن عملية رفع الضمانة والكفيل تتم عن طريق هيئة الاستثمار التي عن طريقها تنفذ المصارف القرار".
ويشير الصوري إلى أنه "من حق المصارف الحكومية رفض قرار مجلس الوزراء، وفي حالة الموافقة يشترط على الحكومة ضمانة حقوق المودعين في المصارف، لتتحمل تبعية القرار"، مبيناً أن "عدم حصول المقترض على كفيل، يعرض المصرف إلى خطر عدم التسديد المبلغ الذي تم اقتراضه، وهنا من يكون الضامن ؟".