adnan.h@almadapaper.net
بالتأكيد هناك طريقة ناجعة لمكافحة الفساد الإداري والمالي الناخر كيان دولتنا إلى العمق، ولم يبق أحد في الدولة لم يعترف بوجوده وبخطره الماحق ولم يدعُ إلى مكافحته .. والطريف أن الأعلى صوتاً في مجلس النواب والحكومة والهيئات "المستقلة" في هذا الصدد هم الأكثر فساداً.
أكثر ما يُعيق عملية المكافحة هو فساد الكبار الذين يتربّعون على عروش الكتل والائتلافات والمكاتب السياسية واللجان الاقتصادية (هذه لجان حزبية تدير عمليات الفساد لصالح أحزابها عبر الوزراء والوكلاء والمدراء العامين)... هؤلاء (الكبار) هم الذين يأمرون وينهون في عمليات الفساد الكبرى، وهم الذين يعرقلون أية إجراءات لمكافحة الفساد، وهم الذين، عند الحاجة، يرمون الآخرين بتهم الفساد إذا ما وقفوا في وجوههم أو رفضوا تمشية صفقاتهم الفاسدة.... قاعة مجلس النواب وقاعة المراسلين الصحافيين في مجلس النواب تشهدان.
في الغالب يجد هؤلاء الكبار مَنْ يُعينهم ويتستّر على فسادهم بين مسؤولي الأجهزة الحكومية، بما فيها دوائر المفتشين العموميين.
مكافحة الفساد تتطلب قرارات جريئة وحازمة وحاسمة على غرار القرارات التي اتّخذت لإطلاق عمليات تحرير المناطق والمناطق التي احتلّها داعش منذ ثلاث سنوات (ما كان لذلك الزلزال أن يحدث لو لم يكن الفساد قد نخر كيان دولتنا من العمق).
هناك طريقة ناجعة لمكافحة الفساد .. هذا أمر مؤكد، وثمة دول عدة أُبتليت بالفساد طويلاً وتعافت منه ،لأن قادتها لم يتردّدوا في اتّخاذ القرارات الجريئة والحازمة والحاسمة.
منذ خمسين يوماً فقط أقدم رئيس تنزانيا، جون ماغوفولي، على فصل نحو 10 آلاف موظف حكومي بعد أن كشفت عملية تحقُّق وتدقيق أجريت في أنحاء البلاد عن وجود آلاف الموظفين بشهادات مدرسية وجامعية مزوّرة (نحن شرّعنا قانوناً يعفو عن المزوّرين، بل يكافئهم!!).
وكان الرئيس ماغوفولي قد بدأ بعد انتخابه في تشرين الاول 2015 عملية منظمة لإطاحة كبار الفاسدين أولاً، فأقال عدة مسؤولين بارزين، بينهم رئيس جهاز مكافحة الفساد ورئيس مصلحة الضرائب ومسؤول بارز في السكك الحديد ورئيس هيئة الموانئ.
جمهورية جورجيا لها تجربة ناجحة للغاية في مكافحة الفساد، فبعدما كانت من أكثر الدول فساداً، شأنها شأن العراق والسودان والصومال وليبيا، صارت الآن تحتلّ المرتبة 11 بين الدول الأقل فساداً، متقدمة على النرويج وفرنسا وهولندا وسويسرا وبريطانيا والنمسا. السرّ يكمن في أن قيادتها تبنّت ستراتيجية فعالة لمكافحة الفساد، وكانت النتيجة أن البنك الدولي أفاد بأنّ نجاح جورجيا في مكافحة الفساد قد حطّم أسطورة أن "الفساد هو ثقافة"، حيث أثبتت أنها يمكن أن تُحقِّق نجاحاً في هذا المجال في فترة قصيرة من الزمن بإرادة سياسية قوية وبتحرك فعال من الحكومة. ومن أهم ما قامت عليه هذه الستراتيجة اعتماد الشفافية في التعاملات والإجراءات الحكومية (في حدود علمي أنّ هيئة النزاهة وضعت ستراتيجية كهذه لكنها غير مرغوب فيها من "الكبار"!).
والشفافية تتطلّب في المقام الأول قانوناً يكفل الحقّ في الوصول إلى المعلومات بحريّة والحقّ في نشر المعلومات بحريّة، وهذا ما ينقصنا هنا في العراق، لكنّ القانون في حدّ ذاته لن يكون ضامناً لمكافحة الفساد ما لم تكفل الدولة احترام قانونها والعمل به.
جميع التعليقات 3
د عادل على
للقضاء على الفساد يجب اولا حل المشكله السنييه الشيعييه وهدا يجلب السلام الى كل مناطق العراق والسلام يعطينا الازدهار كل العالم يحل مشاكله عن طريق المفاوضات فما على حيدر العبادى الا دعوة السنه غير البعثيين الى مفاوضات على مائدة مستديرة وعلى الشيعه تقدي
محمد سعيد
راي سديد.... ان الإرادة السياسية هي الدعامة الأساسية للولوج في عمليه مكافحه الفساد في البلد, وان غابت سنظل ندور في متاهات ,عليه ولترجمه هذه الحقيقة الي واقع ملموس في ظروف العراق الغريبه, فيجب علي الثلاث الكبار اولا وهم رئيس الجمهورية ورئيس الوز
ابو احمد
اضافة لما ذكرتم بشأن مكافحة الفساد والتي بدون شك ليست مستحيلة لو توفرت الاراده الحقيقيه بدل معسول الكلام الا انها ينبغي ان تبدأ برووس الفساد الكبيره وتطبيق حكم القانون بعدالته وشفافية المقطع الآخري اعلان اسماء المحكومين من الفاسدين مع تفاصيل جراءمهم وهو