الفنان ( لطيف العاني) شأنه شأن الفوتوغرافيين الآخرين ؛ كوّن الصورة لديه علامة توّثق للزمان والمكان . لذا فإن جُلَّ اهتماماته تنصّب في حقل توثيق صوّر الأمكنة. وكما أشرت البيبلوغرافية كوّنه من المصوّرين الذين اهتموا بتصوير المكان من الجو . أي كما
الفنان ( لطيف العاني) شأنه شأن الفوتوغرافيين الآخرين ؛ كوّن الصورة لديه علامة توّثق للزمان والمكان . لذا فإن جُلَّ اهتماماته تنصّب في حقل توثيق صوّر الأمكنة. وكما أشرت البيبلوغرافية كوّنه من المصوّرين الذين اهتموا بتصوير المكان من الجو . أي كما اصطلح على تسميته بـ (التصوير الجوّي) وقد برع في هذا الضرب من التوثيق بتميّز يشهد له محترفو فن الصورة في الداخل والخارج ، ومن كبار المصوّرين . كذلك تشهد له معارضه في الخارج وفي العراق . إذ كان رائداً في هذا لمجال . إن أولى ما تتصف به صوّر الفنان العاني ؛ إنه يعكس من خلالها موهبته. فقد كان له دور ميّزه عن أقرانه .
صحيح أنه بدأ هاوياً ومحباً للكاميرا، إلا أنه ساير موهبته ، ودأب على انماء مكوّناتها الفنية ، حتى بلغ هذه المنزلة من بين أقرانه ومنهم ( أرشاك يوسف بانيكيان، مراد الداغستاني ، عبد الرحمن عارف، أحمد القباني، ناظم رمزي ، حازم باك، كوفاديس فاكاريان، جاسم الزبيدي، سامي النصراوي، صلاح حيدر ، فؤاد شاكر ، عادل قاسم ، عبد علي مناحي ، هيثم فتح الله ، ناصر عسّاف ) وهو من بينهم أرّخ ووثق الأمكنة ، من أماكن مقدسة ، وازقة وشوارع المدن، الحِرف والمِهَن . وأهم ما وضح في اهتماماته الفنية هو البورتريه، الذي من خلاله عبّر عن جمالية الوجه وقسو الأزمن عليه عبر تجسيد التغضنات ، وإبراز سيميائيات تقود إلى ظواهر اجتماعية ونفسية . ينحصر بعضها في سن الشيخوخة مقابل سن الشباب، ليقيم بينهما نوعاً من الجدلية في الحياة ومسار الزمن . فالحقل الانثروبولوجي من الدراسات يجد له متسعاً في صوّر (العاني) فالصورة عنده وثيقة تحمل مجمل ما يخص الانسان العراقي وتاريخه ، ضمن تاريخ عاج بالمتغيرات الايجابية والسلبية، كذلك اهتمامه بالمكان من باب الأخذ بالاعتبار ظاهرة الإزالة العشوائية التي تمحو معالم الأمكنة التي هي من النوع والصنف التراثي .فالصورة تحافظ على المكان ولا تُفرّط به. وقد كثُرت لقطاته عن المكان، موّزعة على أمكنة مختلفة من أجزاء العراق ، ولعلّ بغداد باعتبارها مزاً حضارياً حصلت على حصة كبيرة . تميّزت لقطاته بهذا الشأن بالدقة والجمالية وسعة المشهد والفضاء . الأمر الذ يُعين الذاكرة على استرجاع صورة المكان بكل قدرة استعادية . الأمكنة لديه مفتوحة، ووافرة الضوء، وهذا الدأب من حرفة وجمالية الاختيار أسس لمنهج فوتوغرافي ، عزز من خلاله خاصية المشهد . لاسيّما أنه يشتغل بالأسوّد والأبيض . .وهذا يتطلب الحرص على موازنة الضوء والظل بسردية عالية. بمعنى يكون الضوء والظِل لساناً يروي ويسرد الواقعة في المكان ، بما يُثيره من مظان حدثت وأرّختها الصورة . إن اللذة التي تمنحها الصورة للرائي البصري ، لا تفوقها أية متعة . وقد استفاد منها جنس السرد من قصة ورواية ، يستعيد من خلالها السارد تاريخ الأسرة والمجتمع والبلد بشكل عام . ولعلَّ (العاني) اكثر حرصاً في تنفيذ التقنية في التقاط المشهد . وهو حرص ارتبط بخطواته الأولى حين رصد بعين كاميرته ونفّذ مجموعة صوّر ضمها كتاب ( العراق في صوّر) احتوت تاريخاً وصوراً، بل قل سياحة صوّرية في الأزمنة ، سواء القديمة منها من سومر وأكد وآشور ، وفي عصور اسلامية من خلال مشاهد القصور والمدارس العلمية ، والمعاصرة بما نفّذه من صور رصدت معالم العراق السياحية والإثارية . إن صوّره بمثابة موسوعة تراثية ، أرّخ من خلال بالصورة أهم الأمكنة والمواقع في البلد .
أما في جانب البورتريه فقد رصد وجوه مجايليه من الفنانين والشخصيات المهمة في البلد . كذلك وجوه من بيئات مختلفة وطوائف عديدة وحِرف دقيقة كالصابئة المندائيين وحرفتهم صياغة الذهب في الجنوب مثلاً . كذلك اهتم بالبيئات المختلفة كالبيئة الجبلية والريفية ومناطق الأهوار . إن المسح الذي أحدثه على بنية البيئات تلك، أتاح الفرصة لأن يؤرخ لأهم ما احتوته من معالم شعبية، ومهن وحِرف كالزراعة .لقد ارتبط ( العاني) بتاريخ العراق الثقافي والفني، فكانت له نتيجة هذه العلاقة، تواصل مع كبار الفنانين كـ ( جواد سليم، ونوري الراوي، عاصم حافظ ،الرسام صالح زكي ) وقد صوّر نوعاً من البانوراما، شملت مراسيم تشييع الفنان ( جواد سليم ) معززاً ذلك بصوّر ضمت نصب ساحة التحرير ، قبل التشييد وبعده .
إن الفنان الفوتوغرافي (لطيف العاني) من الرواد الذين تركت كاميرته التنوّع من الصوّر، ستبقى على مر الأزمنة مرجعاً للدارسين في حقول السيسيولوجيا والأنثروبولوجيا ، باعتبارها وثيقة ميدانية حرصت على رصد كل معالم الحياة وأندرها .