مع كل صيف جديد ، تتجدد أزمة الكهرباء في العراق ، وفي كل صيف تعصبها الحكومة برأس مسؤول فتتم مساءلته اوتنحيته وكأن ذلك سينهي الأزمة ...سكان محافظة البصرة الذين سبق وان فقدوا شابا في ريعان صباه بسبب تظاهراتهم ضد انقطاع الكهرباء لن يقتنعوا كما يبدو باعفاء مديرمحطة النجيبية من منصبه بعد اتهامه بالتقصير فلن يعيد اليهم هذا القرار الكهرباء وسيواصلون العيش في فرن البصرة الساخن وخلال شهررمضان الذي توفر فيه الحكومات في الدول الاخرى كل التسهيلات ليحظى المواطن بالراحة والقدرة على صيام الشهر بسهولة والتفرغ للعبادة وممارسة الطقوس الرمضانية الأثيرة لديه ،وهكذا،بدأوا الخروج في تظاهرات ليلية تطورت الى اشعال اطارات المركبات وامتدت ألسنة لهيبها الى محافظة ذي قار التي تعاني من نفس الأزمة ولااحد يتكهن بما يمكن ان تصل اليه مالم تنتبه الحكومة الى ان الكهرباء هي اهم متطلبات المواطن في الصيف وقد يكون انقطاعها الشرارة التي تشعل شوارع المحافظات الجنوبية في وقت لاتحتاج فيه الشوارع الى شرارة لتشتعل فيها ازمات جديدة ...
يقال بأن هناك اعطال في محطة كهرباء النجيبية وان قطع الخط الايراني الذي يغذي البصرة بالكهرباء المستوردة تم ايقافه بالكامل من قبل الجانب الايراني لأنه يعاني من (تجمر) وسيتم اصلاحه فهل يحتمل الوضع العراقي (تجمرا ) أكثر ؟...ويقال ايضا ان مواقف الحكومة المحلية متضاربة بشأن الحاجة الفعلية من الطاقة الكهربائية فمجلس المحافظة يتحدث عن فائض بالانتاج ويرفض شراء المزيد من الطاقة من القطاع الخاص فيما يشير ديوان المحافظة الى وجود نقص حاد يتطلب شراء الطاقة من خلال تشييد محطات استثمارية ، أما المواطن البصري ومثله مواطنو المحافظات الاخرى فلاتعنيهم الاسباب بل يبحثون عن النتائج ويدركون ان هناك حلولا لكل أزمة وان الأموال التي تنفق لاغراض كمالية في الدولة لابد وان تستخدم في انقاذهم من التقلب على جمر حر الصيف والمعاناة من العطش في شهر رمضان ، ليس عطش الصوم الذي يمنحهم الأجر والثواب بل العطش الى الخدمات الغائبة منذ سنوات ولامجال لاصلاح مايناله العطب منها ...
يرى الباحثون في مجال ادارة الازمات ان المشكلة قد تكون صغيرة ولكن لايمكن حلها فتصبح أزمة كما أوردوا عدة مراحل لنظام ادارة الازمات هي تشخيص المؤشرات والاعراض ثم الاستعداد والوقاية أي التحضيرات المسبقة للتعامل مع الازمة المتوقعة وبعد ذلك احتواء الاضرار والحيلولة دون تفاقم الازمة ووضع الضوابط لمنع تكرار مثل هذه الأزمة وبناء خبرات منها ..ويرى الباحثون ان أهم مورد يجب الاهتمام به هو الانسان وان أي حل لأية أزمة قد يتطلب فرض القانون بشرط الا يتخذ كتبرير لاستخدام القوة او انتهاك حقوق الانسان ..ألم يكن من الممكن مثلا ان تتعامل الحكومة مع مشكلة الكهرباء بهذه الطريقة قبل أن تتحول الى أزمة من خلال الوقاية منها قبل حدوثها واحتواء اضرارها ومعالجتها والاهتمام بالانسان الذي يعتبر المتضرر الاول منها وقبل كل شيء عدم التعامل معها وفق مبدأ القوة كما حدث من قبل وانتهى بقتل شاب بريء ...أم أن بمقدور الحكومة التي تواجه عدة أزمات خارجية وداخلية في الموصل وكركوك أن تسمح بخلق أزمة جديدة في الجنوب ؟...
كيف ندير الأزمة ؟
[post-views]
نشر في: 19 يونيو, 2017: 09:01 م