سواء أكانت التهم بالفساد التي وجهت الى محافظ البصرة صحيحة أو غير صحيحة، أو أن خبر اعتقاله من قبل جهة قدمت من بغداد كان مفبركاً كما بينه وفنّده المحافظ بنفسه، فهذا لا يعني أننا في ظل قضاء عادل، يفصل بين الناس بموجب ما اقترفوا، أو في دولة ترعى وتحفظ كرامة مواطنيها المخلصين لها ولا يلفلت فيها شخص مسيء من العقاب، أبداً، فما نحن في شيء من ذلك كله. إنما، من يملك ريشةً أكبر في رأسه سينال العفو والحمد والشكران.
كنت قرأت في الصحف اللبنانية بثمانينيات القرن الماضي لقاء مع الرئيس كمال جنبلاط، الذي لا يقل فكاهة وجراة عن ابنه وليد. قال فيه: "أنا لا أريد أصبح رئيساً للبنان، لأنني سأسجن ما نسبته 75% من اللبنانيين، ذلك لأنَّ هؤلاء كلهم يعملون لصالح إسرائيل" وهنا، نقول: لو أن القضاء العراقي تمكن من محاسبة كل من سرق وشجع على الطائفية واساء استخدام السلطة وتاجر بدماء العراقيين واخفى معلومة عن شعبه وقتل وتعامل مع دولة أجنبية.. وما الى ذلك من التهم لأودعنا السجن أكثر من 75% من المسؤولين العراقيين. وما في ذلك تجنٍ على أحد.
في مقابل ذلك، علينا تذكر آلاف المودعين في السجون على ذمة التحقيق، بسبب مشابهة في الاسماء، والذين أودعوا السجن بتهم ما أنزل الله بها او الذين تلاحقهم تهم بسرقات لا تشكل معنى أزاء ما سرق الكبار، تذكر المختطفين من قبل عناصر مسلحة لم تستطع الدولة ولا القضاء انصافهم، علينا تذكر ان ضابطاً صغيرا، في مركز شرطة ما، أيّ مركز، وفي أيّ مدينة يمكنه أن يبتزَّ أي مواطن بماله ووطنيته، شريطة أن يكون عار عن أي انتماء حزبي مسلح، ولا يملك سنداً من حزب او ميليشيا، ولمن لا يصدق ذلك عليه زيارة أي مركز للشرطة والسماع - مع اشتراط ضمان الحماية - لقصص يشيب لها رأس كل حر شريف. عن أي قضاء، عن أي دولة نتكلم ؟ نحن في بلاد من كلٍّ حسب ريشته .
كانت صورة وجبة الغذاء البسيطة جدا التي أقامها رئيس الوزراء الكندي مع زوجته لرئيس الوزراء البلجيكي مع زوجته، قد أثارت الرأي العام في العراق، ذلك لأنها لم تتجاوز حدود السندويتشات وقناني الماء الغازية وهم جالسون على الطاولة الخشبية التقليدية، في الحديقة، أتعلمون لماذا ؟ لأن المسؤولية عند هؤلاء شرفٌ أولاً ثم أنها تخضع لرقابة الشعب ومحاسبة القضاء !! يا ترى، لماذا لا يحاسب القضاء العراقي على الموائد الرمضانية الباذخة التي أقامها المئات من المسؤولين العراقيين، وبادر بالسؤال والتقصي لمعرفة ما إذا تم صرفها من جيوبهم الخاصة؟- هذا، إن كانت كل جيوبهم خاصة - مع يقيننا بانَهم يملكون المال خاصه وعامه، الذي أتاح لهم الصرف، بلا وازع من ضمير ولا شرف من مسؤولية.
وكانت قضية طرد النائب محمد الطائي من عضوية المجلس واحدة من أطرف الحكايات البرلمانية العراقية، نعم، لم يكن النائب يتمع بالنزاهة، كما يعلم الجميع في البصرة وبغداد، لكنه لم يكن الوحيد من حشد النواب، لكنْ، لماذا لم يتنصر له أحد في البرلمان، الذي غالبا ما يتغيب ثلثاه، وماذا عن كبار الاعضاء، ورؤساء الكتل الذين يأنفوا صراحة عن حضور جلساته، لماذا لا يتساوى الريش على رؤوس الأعضاء، أم أنَّ الطائي كان منتوف الريش من كتلته قبل غيره؟؟ تحياتي للدولة وللقضاء، وسلام على المرسلين.
مِنْ كلٍّ حسْبَ ريشته
[post-views]
نشر في: 20 يونيو, 2017: 09:01 م