بغداد/ محمد الذهبيلقد اختصر الواقع المتردي احلام العراقيين ، بحلم واحد ، هو الامن والامان ، وهم في ذلك معذورون ، اذ لاتنفك ان تهدأ الاحوال الامنية حتى تثار زوبعة من التفجيرات بمناسبة او دون مناسبة ، ان عدم ثقة الشعب العراقي بقواته الامنية جعل منه مترددا في قبول الانباء التي تقول : ان الوضع الامني مسيطر عليه ، ناهيك عن الضجة التي اثيرت بشأن اجهزة كشف المتفجرات ، وهذا اكبر خرق لمنظومة الاجهزة الامنية العراقية .
ام كاظم امرأة من سكنة منطقة بوب الشام المحاذية لمحافظة ديالى ، فقدت اطرافها وهي ذاهبة الى زيارة اربعينية الامام الحسين (ع ) ، كانت تدعو صباحا ومساء ( الهي الامان يارب العالمين ) ، بلهجتها الجنوبية التي لم تتأثر ببغداد ، ولهجة بغداد ، واحوال بغداد .بيت عبارة عن خربة عصف بها الوقت والمنطقة التي تسكنها جميعها تشكو نقصا في الخدمات الاولية ، هذه المرأة منذ فترة طويلة لم تخرج من دارها الا لاعالة ابنائها ، التوجس والخوف وحسابات اخرى منها بناتها وابنها الذين تعيلهم ، كل هذا حال دون مشروع مثل هذا يبدأ سيرا على الاقدام من بوب الشام حتى كربلاء حيث قبر الامام الحسين ، لان هذا يستغرق منها وقتا، والان لقد اقعدت وانتهى الامر ليصبح كاظم ذو الاثني عشر عاما بوجه المدفع وهو الان رجل البيت على صغر سنه ، بدأ المسكين تحمل مسؤوليات العائلة مبكرا .حادث اجرامي كبير واثيم راح ضحيته ( 146 ) شخصا بين شهيد وجريح جلهم من النساء حين اقتحمت انتحارية مجلسا للعزاء اقيم بمناسبة اربعينية الامام الحسين لتفجر نفسها بوسط تجمع للزوار ، وبعد كل الذي جرى ، اعلن الجيش الاميركي امس الاول السبت عن اعتقال قيادي في تنظيم القاعدة مسؤول عن تجنيد الانتحاريات وبينهن المجرمة التي فجرت نفسها بالزوار في بوب الشام في الاول من شهر شباط الجاري .وقال بيان للجيش الاميركي : ان قوة عراقية يرافقها مستشارون اميركيون اعتقلوا قائد خلية لتجنيد الانتحاريين في قرية المخيسة في ديالى .احلام (ام كاظم ) المسكينة التي لاتمتلك غيرها والتي تتحدث دائما عن الامن والامان ، غادرتها بعد ان تركتها مقعدة مع اربع فتيات وفتى سيأخذ على عاتقه اعالتهن ، وهؤلاء الذين يطاردون المختلات عقليا ، الاتوجد اجهزة لكشفهم مع مفخخاتهم؟ منذ السبعينيات والجيش العراقي يستخدم كاشفات الالغام وكاسحات الالغام ، ومهما يكن المعدن مخفيا تستطيع هذه الكاشفات النفاذ الى اعماقه لتولد صوتا ينبيك ان هذا لغم حتى وان دفن في طبقات للارض بعيدة نسبيا ، ام ان الكذب هو الوحيد الذي يمتلكون من اجهزة الكشف؟الجيش العراقي اعلن عن اسم الارهابي المعتقل وهو ( محمد شاكر محمود ) ، متزوج وفي الثلاثين من عمره ، والذي لم يكن مختلا عقليا هو الاخر ، لقد قتلت هذه المجرمة (41 ) شخصا فيما اصابت اكثر من (106 ) اشخاص ،ومع كل الذي جرى بقيت (ام كاظم ) على حلمها في الامن والامان ، مع ذهاب قدميها ، تجلس في الصباح الباكر تدعو الله ان يحفظ العراقيين ويوفر لهم الامن والامان بدعوتها المعهودة ( الهي الامان يارب العالمين ) لقد اصبح هذا الدعاء احد فروضها اليومية ، ولاتستطيع ان تزيد اكثر من هذه الكلمات ، ان هذه المرأة واحدة من اللواتي فقدن اكثر مما اخذن ، لقد اعطين ازواجا واخوة وآباء وابناء بعمر الورود ، مسكينات النساء وصل الامر اليهن في حين وضع القتال عن المرأة مداراة لها وكي لا تتعرض لما تعرضت له (ام كاظم ) ، حيث قال الشاعر :كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جرّ الذيولولكن القاعدة التي لاتفرق بين طفل وشيخ وامرأة ادخلت هؤلاء الى دائرة القتل والقتال ، كثير من النساء فقدن اجزاء جميلة من اجسادهن بفعل التفجيرات المنحطة ، وكل هذا على اعتاب الحلم الذي لم يتحقق ، ويبدو انه بعيد المنال ، لكننا نصر على تحقيقه مهما كانت التضحيات لتنعم في العراق الاجيال الاتية ، ونعمل ونردد مع ام كاظم في الصباح على اعتاب احلامنا نحن مع حلمها اليومي ( الهي الامان يارب العالمين ).
على أعتاب الحلم
نشر في: 21 فبراير, 2010: 07:42 م