TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نصرٌ باهظ على داعش

نصرٌ باهظ على داعش

نشر في: 21 يونيو, 2017: 07:03 م

من المؤكد أنّ إكمال تحرير ما تبقى من الموصل ونينوى، لم يعد سوى مسألة وقت. إذ إنّ العمليات باتت تدور في رقعة محدودة جدا، قد تستغرق بضعة أسابيع في أسوأ الاحتمالات.
واليوم تكون عمليات تحرير الموصل لوحدها، قد دخلت في شهرها التاسع. فقد استغرقت السيطرة على الساحل الايسر 3 أشهر، بينما تستمر العمليات لاستعادة الجانب الغربي منذ اواسط شباط الماضي. وسنحتاج عاماً آخر لتأمين الشريط الحدودي، واستعادة ما تبقى من شمال الانبار.
جميع العراقيين، ينتظرون ان تُطوى صفحة داعش، فيما ينتظر ملايين النازحين العودة الى مدنهم ومنازلهم التي تركوها، على أمل استئناف حياتهم التي اختطفها مدّ إرهابي عاتي حظي بدعم وتسهيلات مخابرات إقليمية ودولية.
كان بالإمكان ان نحتفل بالنصر في الموصل، بتكلفة أقل مما تكبدتها المدينة، فيما لو أُديرت المعارك بطريقة مختلفة من التي سارت عليها. فبدلاً من انطلاق العمليات من أكثر من جبهة ومحور، قررت  القيادة اقتصار العمليات على المحور الشرقي، رغم وجود جهد عسكري واضح في المحورين الجنوبي والغربي.
وهذا ما طمأن داعش من عدم حدوث مفاجآت، وسمح له بتشييد استحكاماته والمطاولة في قتال المدن والشوارع. ولم ينهزم داعش في شرق المدينة، إلّا بعد رضوخ القيادة العسكرية لفتح محاور أخرى.
القرار الغامض ذاته اعتمد في الساحل الايمن، إذ اقتصر التقدم من المحور الجنوبي، وتركت القوات المنتشرة في الشمال والغرب بانتظار مشاركتها بالعمليات. ولم يندحر التنظيم إلّا بعد تحرك الجيش في المحور الشمالي، والتحاق الشرطة الاتحادية بقتال الجنوب.
ثمن هذه الخطط والقرارات كان باهظا بعد أشهر من القتال. فبحسب نواب ومسؤولين موصليين فإن 70% من الساحل الايمن بات مدمراً، وقريب من هذ النسبة في الساحل الايسر. وفيما لم تسجل عمليات الساحل الشرقي مقتل مدنيين، فإن العمليات الحالية أوقعت المئات منهم بيد قنّاصة داعش، والقصف الخاطئ لطيران التحالف.
الآن وبعد أشهر من بدء العمليات، يظهر جلياً سرّ التوقيت الذي تزامن مع الانتخابات الاميركية، وسرّ تكرار الحديث عن إكمال التحرير قبل نهاية عام 2016. ومن هنا نكتشف أنّ خارطة العمليات لم تكن ترسم برؤية ستراتيجية من شأنها تقليل الخسائر، وتعظيم مكاسبنا في حربنا مع الإرهاب، بل اكتشفنا تدخل عوامل سياسية واخرى اقليمية في ذلك. فبدلاً من تحرير الحويجة وإكمال تحرير الشرقاط، قررت القيادة الذهاب شمالاً. وعندما تقدمت القطعات من المحور الجنوبي بوقت قياسي تم تجميدها، وترك جهاز مكافحة الإرهاب يعاني من استنزاف في الساحل الأيسر.
وبدلاً من الإطباق على تلعفر، التي تحاصرها قوات الحشد والجيش منذ أشهر، والانطلاق من شرقها للمشاركة بعمليات الساحل الايمن، وُجّهت هذه القوات نحو منطقة الجزيرة الصحراوية. وعندما تمكن الحشد من تحرير الشريط الحدودي في البعاج، يطلب منه الآن العودة الى الحويجة أو تلعفر، رغم وجود إمكانية للتوجه الى القائم.
كل هذه الفاتورة القاسية يمكن تحمّلها فيما لو تعلّمت الحكومة وأجهزة الأمن درس داعش الفادح، وقامت بتحليل النتائج ورسم ستراتيجية وطنية لمواجهة التنظيم الإرهابي بشكل جذري.
إلّا أنّ المعطيات، للأسف، لا تبشّر بخير. فسيناريو الإفراج عن الدواعش والمتعاونين معهم الذي شهدته الانبار بعد تحريرها، مرشح للعودة بقوة الى الموصل، بفعل فساد أجهزة الامن والقضاء.
ومتى ما وضعت رؤية متكاملة، أمنيّاً وسياسيّاً ودينيّاً، لمواجهة آثار داعش ومنع عودته إلى المناطق المحررة، عندها يمكن الاحتفال بالنصر مهما كان باهظاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الطبيب أنور وصاحب "ألوان"

العمود الثامن: إخجلوا !!

الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

قناطر: قبورنا التي تلتهمنا

بيت المنقسم والمعركة المؤجلة: أزمة الشرعية في ظل استحقاق انتخابي مضطرب

العمود الثامن: إخجلوا !!

 علي حسين يخوض السياسي العراقي، وعذراً على كلمة "سياسي" التي لا تنطبق على 80 بالمئة ممن نشاهدهم على شاشات الفضائيات، معارك من اجل المغانم بحجة انهم تبحروا في علوم السياسة حتى تجاوزوا عميد...
علي حسين

قناطر: قبورنا التي تلتهمنا

طالب عبد العزيز بعيداً عن السردية الدينية التي تؤسس لمقبرة النجف(وادي السلام) يتوجب على الدولة العراقية أنْ تفكر ملياًّ في المساحات الشاسعة من الأرض التي تقضمها المقبرة، إذا ما علمنا بأن 500.000 الف جنازة...
طالب عبد العزيز

الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

ثامر الهيمص نعم الغاز الايراني بات درسا، بل قاسيا وضعنا في حرج شديد ووضع الحليف الامريكي في الاشد انسانيا واخلاقيا. اذ لا زال الغاز الايراني يتدفق باريحية عالية الى تركيا, فبطلت الحجة. وهكذا بلا...
ثامر الهيمص

بيت المنقسم والمعركة المؤجلة: أزمة الشرعية في ظل استحقاق انتخابي مضطرب

محمد علي الحيدري حين تقترب اللحظة الانتخابية، لا تختبر الأنظمة السياسية فقط قدرتها على التنظيم والإدارة، بل تُعرّي أيضًا بنية التفاهمات التي قام عليها التوازن السياسي في مرحلة ما. وفي الحالة الراهنة، يبدو أن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram