TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > البطالة ودور الدولة المفقود في معالجتها

البطالة ودور الدولة المفقود في معالجتها

نشر في: 22 فبراير, 2010: 04:34 م

 خالد الخفاجيالبطالة هي طاقات معطلة وغير مستغلة من القوى البشرية القادرة على العمل، وهي مشكلة تعاني منها الدول النامية وخاصة ذات الاقتصاد الضعيف. والعراق احدى هذه الدول التي تعاني من ظاهرة تفشي البطالة فيه وبنسب عالية جداً وقفت الدولة عاجزة عن خفضها او الحد من تفاقمها،
ودون الالتفاف الى الاخطار الجمة التي تنشأ مع انتشار البطالة، من فقر وادمان على المخدرات وحتى الانتماء الى المجموعات الارهابية او الخارجة عن القانون. لقد كانت للسياسة الاقتصادية الخاطئة والعشوائية التي انتهجتها الدولة منذ سقوط النظام السابق والى يومنا هذا اثرها البالغ في رفع نسبة البطالة واستفحالها فهي لم تفعل شيئاً لازالة الاثار السلبية للامر رقم (12) الذي اصدره الحاكم المدني (بول بريمر) عام 2004 الذي الغى بموجبه جميع القوانين والتعليمات المتعلقة بالاستيراد وتنظيم عمله، وفتح الباب على مصراعيه لاستيراد واغراق السوق العراقية بما تحتاجه وما لاتحتاجه بذريعة التحول الى اقتصاد السوق.. هذه السياسة افقدت عشرات الالاف من العمال لوظائفهم، وجعلت من قطاعات واسعة كان لها الفضل الكبير في استقطاب مئات الالوف من الايدي العاملة وتوفير فرص عمل مستمرة لها، في احلك الظروف الاقتصادية التي مر بها العراق، الى قطاعات مهملة طاردة للايدي العاملة، وتحريرها من دورها في عملية البناء الاقتصادي. لقد اهتمت الدولة بتفعيل دور القطاع التجاري الخاص، وجعلته يعمل وفق ارادته من دون اي ضوابط او رقابة وهذا جاء على حساب قطاعي الصناعة والزراعة، اللذين كانا الركيزة الاساسية في استقطاب الايدي العاملة وامتصاص البطالة، وكان الاحرى بها دعم هذين القطاعين لما لهما من اهمية كبرى في القضاء على البطالة والبناء الاقتصادي. لقد اتخذت الدولة اجراءات عقيمة وحلولاً آمنة وليست جذرية في معالجة المشكلة، وهو التعيين في دوائر الدولة، اي الحد الذي اصبحت دوائر الدولة كافة مصابة بالترهل الوظيفي واعتبار من هم فوق الملاك ضمن البطالة المقدمة، وهي اسوأ بكثير من البطالة المكشوفة والمعروفة لما لها من تأثير سلبي في استنزاف الموارد الاقتصادية للدولة. وكان من الاجدر للدولة في معالجة مشكلة البطالة هو في دراسة الاسباب التي جعلت من هذه الشرعية الواسعة من المجتمع ان تفقد وظائفها وتصبح عاجزة عن العمل، ووضع الحلول المناسبة لاستمرارية عملهم، لا ان تجعل شبكة الحماية الاجتماعية ملاذهم الاخير في الحصول على اعانة شهرية من المفترض ان تكون مؤقتة، توفر جزءاً يسيراً من احتياجاتهم، ومن دون ان توفر لهم اي فرص عمل الا ما ندر. وعلى الدولة ان تتعامل بجدية مع مشكلة البطالة وان تعيد النشاط الى القطاعات المهملة في الصناعة والزراعة فأغلب العاطلين هم من هذه القطاعات وان نفسح المجال امامهم في خدمة وطنهم وبناء اقتصاده. وان نتعامل بواقعية مع الحجم الحقيقي للبطالة، وليس كما ادعى مؤخراً احد المسؤولين متفاخراً بتخفيض نسبة البطالة الى 23% ، وهنا يحق للمواطن العراقي ان يتساءل كيف خفضت نسبة البطالة، واين المشاريع التي استوعبتهم؟ فالنسبة الحقيقية للبطالة عالية جداً وحسابهم على ارض الواقع ليس بالامر العسير، فعدد المسجلين في شبكة الحماية الاجتماعية زائداً غير المسجلين مضافاً اليهم الاعداد الهائلة من البطالة المقنعة فستظهر نسبتهم الحقيقية التي يجب على الدولة وضع الخطط الكفيلة بتوفير فرص العمل المناسبة لهم، وان لا نعتمد على استيعابهم في دوائر الدولة الا في حالة فتح مشاريع جديدة او النقص في الملاك، وان تفعل دور القطاع الصناعي الخاص والقطاع الزراعي لامتصاص الاعداد الهائلة من العاطلين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram