تكاد ان تصبح شركة معرض باريس للعطور ومواد التجميل والمجوهرات في دبي، واحدة من اولى الشركات التي تفتح ابواب الكماليات الدولية في العراق الذي مزقته الحرب. حيث كشفت الشركة عن خططها لافتتاح ما لا يقل عن خمسة مخازن في مدن العراق الرئيسية بضمنها بغداد والبصرة خلال الاشهر الثلاثة القادمة ، على ان يبدأ المتجر الأول بالعمل في النصف الاول من عام 2013 . يقول المدير التنفيذي محمد فاهم ان الوقت مناسب الآن للاستثمار في السوق العراقية " كنا ننتظر لسنوات تحسّن الاوضاع، وقمنا بتقديرات مكثفة ونعتقد ان البلد اليوم يتحول فعلا من الحالة التي كان عليها الى ما يريد ان يكونه ".
يقدّر صندوق النقد الدولي ان الناتج الاجمالي المحلي للفرد سيزيد بنحو الضعف بناء على الاسعار الحالية ما بين عامي 2009 و2012 ، وان شركة معرض باريس تراهن على نمو ثقافة المستهلك التي كانت راكدة في السابق وعلى العراقيين القادرين على الانفاق اكثر . يقول السيد فاهم " عندما تدخل شركات مثل شركتنا الى اماكن مثل العراق فانها تقول لأبناء الشعب : انكم تستحقون ان تفخروا بانفسكم وان تأتي افضل المنتجات من كل العالم الى اعتاب ابوابكم".
سهى الراوي، محاسبة تكسب 19 الف دولار سنويا عاشت كل حياتها في بغداد، ترغب بشراء مواد تجميل وعطور ذات ماركات عالمية من داخل العراق. سعر قنينة العطر يبدأ من 50 دولارا وستتوفر لأول مرة مواد تجميل عالمية الصنع شائعة في الغرب . تقول سهى " انا امرأة عراقية تستطيع وترغب بشراء الاشياء النادرة التي تبيعها محال قليلة هنا " . قبل الاجتياح الاميركي للعراق عام 2003 ، كانت سهى لاتزال فتاة صغيرة لكنها تتذكر ان الماركات العالمية كانت صعبة الحصول بسبب ارتفاع اسعارها، " كانت حدودنا مع ايران والكويت مغلقة وكان هناك حصار اقتصادي دولي، واتذكر ان الحاجات كانت غالية الثمن ويصعب شراؤها ". حتى اليوم – تقول سهى التي تعيش مع ابويها – ان المواد المستوردة لا تنال الرضا واسعارها عالية، وانها مع زميلاتها تتطلع الى افتتاح محال مثل معرض باريس في مدينتها " نعم لازال هناك تفاوت في الدخل هنا ، ولا يستطيع الجميع شراء مثل هذه المنتجات، لكن بعد سنوات الحرمان هناك شعور بالحاجة اليها ". ان استمرار اعمال العنف والتفجيرات والمماطلة في برامج البنية التحتية ، كل ذلك يعني ان ازدهار ثقافة المستهلك لازال بعيدا حسب وليم واتس مدير العمليات في ( استشاريي الحدود الدنيا ) . يقول واتس "ان العراقيين يحافظون على غريزة تنظيم المشاريع وعقد الصفقات وتنويع مصالحهم والعمل الجاد وحل المشاكل . انهم يقبعون على واحد من اكبر احتياطات النفط في العالم ، لذا فالعراق يمتلك اقتصادا كبيرا، لكن مع ذلك فان التعديلات الخاصة بالبنية التحتية ليست في المكان الذي يجب ان تكون فيه ". لازال العراق يكافح لنقل النفط من حقوله الى الشاحنات التي تقوم بتصديره الى بقية العالم حسب قول واتس " كل شيء يتعلق بالنفط ، فإيرادات النفط تشكل 96% من ميزانية العراق، لذا فكلما زاد جمع المال من النفط كلما استطاع العراقيون الإنفاق على بناء الطرق والكهرباء والوضع الأمني. هذه هي معوقات البناء الذي يجعل البيئة التجارية مستقرة وجذابة ".
يقول واتس ان العراق يمتلك سمعة تاريخية كأرضية خصبة للاعمال التجارية ، وثقافة لازالت باقية ، " رغم سنوات عدم الاستقرار، فان العراقيين لديهم غريزة تجارية وانهم بارعون في عمل الصفقات وتنويع مصالحهم". من جانب آخر، يشير واتس ان التركة ثقيلة وذات طابع بيروقراطي مما يجعل اجراء الاعمال بطيئا وصعبا وان تعديلات البنية التحتية ليست في مكانها الصحيح . يقول " لقد سمعت عن شركات لازالت معداتها وتجهيزاتها في الكمارك منذ ثمانية اشهر، كما ان الاجراءات الروتينية في الحصول على تأشيرة الدخول للعراق تعتبر بمثابة كابوس ".
كل ذلك لا يردع السيد فاهم ، حيث قال ان شركة معرض باريس قد شاركت مجموعة الهاندل ، وهي شركة عراقية تأسست عام 1975 تألف بيئة الاعمال المحلية وستدير المخازن بموجب امتياز . واضاف " هناك دوما مشاكل تواجه تأسيس اعمال في بلد جديد مهما بلغت درجة تطوره. لكننا لا نعتقد ان هناك مشاكل لا يمكن حلها. نتمنى ان نرى الشركات العالمية الاخرى المتخصصة بالتسوق والرفاهية وهي تتحرك لجعل العراق مكانا اكثر سعادة لمن يعيش فيه".
عن : توبيكس
الثروة الجديدة تجلب الترف للعراق .. لكن متى؟
نشر في: 3 نوفمبر, 2012: 05:14 م