محمد درويش علييدخل الى الجريدة بهدوء لا تسمع له نأمة، وكأنه يسير على بيض، ويستمع الى الملائكة، هذا ديدنه منذ أن عمل في الجريدة منذ ثلاث سنوات، انه علي القيسي الصحفي الدؤوب الذي لم يكل من العمل ولا يتعب وليس مثل بعض الآخرين الذين يأخذون حتى فرصة غيرهم، بضجيجهم واعلانهم عن أنفسهم بمناسبة وبلا مناسبة.
عرفته مرتين مرة في تسعينيات القرن الماضي في شارع المتنبي، ومرة في جريدة المدى حينما عمل بمعية زميلنا جلال حسن في قسم المحليات، وفي الحالتين لم يتغير علي (رحمه الله) كان كما هو صادقاً مع نفسه والآخرين، هادئاً لايتكلم عن أحد بسوء، وحتى الذي يسيء اليه يسامحه. وفي آخر مقال له نشره قبيل وفاته يقول فيه: (ثمة مفارقات طريفة تعتري حياتنا اليومية بشكل مفاجىء وغير محسوب) صدق فيما قال موته كان مفارقة ولكن ليست طريفة وانما تقطع القلب وتجعله ينزف دماً. لقد فاجأنا جميعاً بموته وجعلنا نفكر في ترتيب حياتنا من جديد، حياتنا التي لا تقبل ان تكون الا على هذه الشاكلة. سأنتظرك حتى تأتي ولن أخذلك، وأترك مكانك شاغراً، لكي لا أنساك في غمرة انشغالي، وان لم تأت سأعود الى سنوات التسعينيات وأجلس عند دكة في شارع المتنبي بالقرب من ابي ربيع لكي تمر وأراك وأسمع صمتك، وأرى تلويحة يدك وأتعلم من أدبك الجم درساً. لا أقول لك وداعاً لأني بانتظارك.
ومضـــــــة: لا أقول وداعاً
نشر في: 22 فبراير, 2010: 05:21 م