لا مفرَّ من مصارحة وزير الشباب والرياضة، بأنه يعمد اليوم وبإصرار الى مسك تفاحتي (الملعب والمال) بيد واحدة على مائدة الأندية، في وقت لم تنته إداراتها بعد من استكمال ملف التراخيص الآسيوية وموعد مراجعة النواقص يوشك على النفاد منتصف تموز الجاري، ومن غير المضمون أن تمر الأزمة بسلام، طالما هناك زيارات مكوكية من لجنة الاتحاد الآسيوي للعبة لمطابقة ما وردها من معلومات على أرض النادي المستوفي للمعايير بحسب قناعة مسؤوليه وربما تأتي النتائج صادمة!
لا يمكن للوزير عبطان، أن يشغل الأندية بملف ثانٍ هذه الأيام، ونعني مسألة عقود اللاعبين التي استنزفت ميزانياتها الكثير، فالموضوع فيه تفصيلات متشعّبة وأذرع إدارية حكومية تؤمّن المليارات سنوياً، وأخرى أهلية تفتقد الدعم وبالكاد تخرج من صندوق الهيئات والمجالس الراعية لها بضعة ملايين بعدد اصابع اليد أو تزيد بقليل، وبالتالي لا يُحسم جدل تقنين أموال العقود في لقاء تداولي كالذي عقده وزير الشباب مع ممثلي أندية الدرجتين الممتازة والأولى بتفاعل خجول من اللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم، وكلاهما لم يقدم الرأي السديد بالرغم من أن ممثل الأولى الكابتن فلاح حسن أبن اللعبة ونجم كبير من نجومها وغاص في شجونها طوال العقود الثلاثة الماضية، بينما ممثل الثاني رئيسه عبدالخالق مسعود، ابدى موقفاً غريباً بعدم قدرة الاتحاد التدخل في شؤون الأندية المالية خشية تعرّض الكرة الى استفسار أو تنبيه دولي!
دراماتيكياً، ستسقط تفاحة الوزير الثانية، إذا ما اختار رؤساء الأندية إخلاء مائدة التحاور، ولجأوا الى مقاعد المعارضة في برامج حوارية مشاكسة يصفق ويرقص بعض اصحابها تهليلاً لهكذا حلقات تستهدف قطع الطريق أمام أي مقترح وجيه، ويمنحوا الفرصة للبعض من منتهزي الأزمات للتهديد والتصعيد من أجل إبقاء آلية العقود على حالها رافضين تحويلها الى مرتبات شهرية محددة تقلّص مبالغ المليارات وتمنع هدرهم المفضوح في كل موسم، والمثير للسخرية، أن الاندية المعارضة للتقنين مُلاحقة قضائياً بسبب عجزها عن دفع ديون مستحقيها من لاعبين ومدربين أقرّتها المحاكم المحلية والدولية ، أيّ مكابرة مزيفة هذه.
واقعياً، الأندية العراقية بدرجتيها الممتازة والأولى، تقف مضطربة إزاء مصيرها في الموسم 2017-2018 المفترض أن ينطلق في تشرين الأول المقبل، والمؤشرات المستحصلة من مصدر في لجنة التراخيص أن شهري آب وأيلول، سيكونا مفصليين للكرة العراقية في ظل متابعة وتقييم الاتحاد الآسيوي لملف التراخيص، والمعطيات لا تشجع أبداً بشهادة منعم جابر عضو لجنة التراخيص المشكّلة من اتحاد اللعبة بتوجيه واشراف نظيره الآسيوي، حيث كشف في مقال نشرته الزميلة طريق الشعب يوم 30 أيار الماضي: ( من خلال عملنا في لجنة التراخيص واجهنا اشكالين رئيسيين، الأول عدم توفر الملاعب ذات المواصفات الدولية أو على الأقل المقبولة آسيوياً، أما الاشكال الثاني هناك ديون في ذمة الأندية للاعبين ومدربين لسنوات طويلة، حيث يؤكد الاتحاد الآسيوي على ضرورة تسديد الأندية لديونها أو تضمينها ضمن الميزانية كحقوق للآخرين بذمة الأندية، لذا يتوجب تصفيتها وإنهائها وإلا فالنتائج وخيمة بحق الاندية ولن تمنح الترخيص المطلوب).
نرتأي التمهّل في موضوعة تحديد السقوف العليا لمبالغ عقود اللاعبين ليس لأن الأمر غير مجدٍ أو يلقى ضغوطاً كبيرة لمعارضته أو خوفاً من اشعار دولي ينبّه بعدم التدخل، بالعكس هناك اتحادات عربية ومنها السعودي مثلاً أقرَّ في 22 حزيران الماضي " تخفيض رواتب اللاعبين إلى 150 ألف ريال كراتب شهري (حد أعلى) سعياً لوقف نزف التصاعد المالي لرواتب اللاعبين" وسبقته أو حذت حذوه اتحادات أخرى ، إنما سبب تمهّلنا في الملف هو ترقّب نتائج تقييم لجنة الاتحاد الآسيوي لبيان أيّ الأندية تبقى في الدرجة الممتاز ونوع عائديتها، وفي ضوء ذلك يتم استيضاح الموقف المالي سواء أكان النادي حكومياً مثل النفط والشرطة أم أهلياً يعتاش على مُنح مجالس المحافظات مثل كربلاء والسماوة، ومن بعد ذلك يمكن إعداد تقرير متكامل من وزارة الشباب والرياضة، يعرض على رئاسة مجلس الوزراء متضمناً الاندية المسموح لها فعلياً بالبقاء في مستوى الممتاز لتوافر شروط التراخيص المطلوبة، ثم تصدر لائحة موحدة من المجلس عبر المالية تحدد المبلغ الأعلى لقيمة عقد المدرب واللاعب والإداري والطبيب في النادي تماشياً مع العلاقة المركزية لمنظومة الاندية "إدارياً ومالياً" مع الحكومة ، ولا يمكن للبعض إقحام مبادئ العمل الأولمبي والتهديد بخطابات جيروم بويفيه وأحد الفهد الأخيرة في موضوعة تقنين الميزانية الحكومية، فالمؤسسات الرياضية الكبيرة كـ"الأولمبية الدولية والفيفا والأنوك" لن تتدخل مطلقاً في إجراءات حكومية صِرفة تنظّم السياسة المالية للدولة في قطاع الرياضة.
تفاحتا الوزير
[post-views]
نشر في: 4 يوليو, 2017: 04:48 م