اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > صباغو قارعة الرصيف..المطر صديقهم وعجرفة الزبائن تزعجهم !

صباغو قارعة الرصيف..المطر صديقهم وعجرفة الزبائن تزعجهم !

نشر في: 22 فبراير, 2010: 05:26 م

تحقيق \وائل نعمةتصوير \ سعدالله الخالديمن منّا، بلا استثناء،لم يضع قدميه على الصندوق الخشبي الموضوع امام صباغي الاحذية المنتشرين على الارصفة والشوارع، ونحن نراقب حركة أيديهم المسرعة وضربات الفرشاة على الحذاء ؟ وكم مرة طلب منا احدهم صبغ احذيتنا ونحن نحتسي الشاي في المقهى أو المحل أو المكتب ليجلبها بعد مدة معينة وقد تم تلميعها بشكل جيد، لنكرمهم عندها فوق استحقاقهم . ولكن هل فكرنا بعدها ماذا يشعر حينما  اعطيناه اكرامية لتلميع اغطية اقدامنا ؟
علاء شاب في عشرينيات العمر ، اسمرالبشرة اسودت أصابعه من صبغ الأحذية، يمشي بوجه طلق لا يعبأ بضيق عيشه، يستعين على شقائه بترديد أغانٍ شعبية مفضلة لديه يداوي بها جروحه رغم علمه بأن صوته لن يكون اعلى من صوت العوز والفقر  ، مكافح من اجل لقمة العيش لا يكترث بنظرة المجتمع القاصرة لمهنته، فهو يفترش أرضية رصيف في   الباب الشرقي ليمارس عمله كصباغ للأحذية.يقول علاء عن كيفية توارثه هذه المهنة «في تسعينيات القرن الماضي نزحت عائلتي من الناصرية  بسبب ضيق العيش هناك ، فلم يكن أمام والدي الذي لم يكن يملك أي مؤهلات إلا أن يعيل عائلته الكبيرة فوجد ضالته بمهنة صبغ الأحذية بعد أن فشل في اعمال البناء لمشقتها».ويضيف «بعد أن بلغت من العمر ما يمكنني من أن أعيل أهلي بالعمل بدلا من والدي المتعب، لم أتردد في العمل في هذه المهنة التي توفر العيش لي ولعائلتي  وانا افضل العمل على ان اكون سارقا او مرتشيا او ارهابيا يقتل النفوس مقابل المال «.علاء غالبا ما يجبر الزبون على انتعال (مداس) مؤقت أثناء صبغه الحذاء (لأنه يرى إن وضع الزبون للحذاء أمام وجهه أثناء صبغه تقليل من شانه) «بصراحة فانا لا أجد فيها ما يخجل رغم مساسي بأحذية الناس فهو عمل على أي حال ، و استغرب من أفعال بعض الصبية من اللهاث وراء الزبائن ما ولد تلك النظرة القاصرة في المجتمع لمهنتنا الشريفة الشاقة «مهنة مشاعة كاظم هو احد زبائن علاء يقول «ربما كانت حركة مد القدمين لصباغ الاحذية، أو مجيئه الينا لاخذ احذيتنا، هي السبب الرئيس لاعتقادنا بأنها مهنة تمس كرامة الانسان، اذ انحصر عملها بالمحتاجين والفقراء والاطفال واغلب الشباب الوافدين من المحافظات للبحث عن عمل لكنها اصبحت الآن مهنة يزاولها الكثير، كباراً كانوا ام صغاراً الوافدين من المحافظات أو من سكنة بغداد، حتى اصبح منظرهم وهم يفترشون الارصفة شائعاً ومألوفا «.ً وحين سألنا كاظم هل يمكنك ان تكون مكان علاء ؟هل يمكنك ان تعمل بهذه المهنة ؟ فكانت اجابته الصمت المطبق ، بعدها عرفنا ما يقاسيه علاء رغم اعتزازه بنفسه .كنت أتمنى أن أكون طيارا فيما يقول صباح الصباغ وهو في العقد الرابع من عمره ورب عائلة متكونة من ستة أفراد، بأنه قد مارس مهنة صباغة وتلميع الأحذية منذ سنوات طويلة متنقلا بين مناطق مختلفة من البلاد، إلا انه استقر في العاصمة بغداد ومنها حصل على شهرته، وبالتحديد في منطقة بغداد الجديدة.ويضيف صباح  «كنت أتمنى ان أصبح طيارا أو ضابطاً في الجيش ولكني لعنت الظروف والأيام التي مرغتني  بالتراب ووضعت أوزارها فوق صدري فتقلبت من فوق سوق الشيوخ الى النجف وكربلاء ومن ثم الى بغداد واستقرت بي الحال على حجر رصيف بغداد الجديدة أنا وصندوقي البائس . ويتفاخر صباح بأنه يمتلك زبائن دائمين من مختلف مناطق العاصمة بغداد، وان بعضهم يأتي إليه بشكل يومي بحكم مكان عملهم القريب من مكان وجوده، وأصحاب محلات الأحذية المستعملة يجلبون له أعدادا كبيرة من الأحذية لكي يقوم بتلميعها وتغيير ألوانها ليقوموا بعرضها للبيع في محلاتهم الخاصة ببيع الملابس والأحذية المستعملة. امتهنتها بعد إعاقتي فيما يقول حساني صباغ آخر في الثلاثينيات من عمره  وهو معوق أصيب إبان الحرب العراقية الإيرانية  يتخذ من قميص الخاكي (العسكري) بذلة للعمل، يصف عمله بأنه (شريف) فيقول  «لا استطيع أن أمد يدي لأحد لطلب المال فالعيش بكرامة لا يكفله إلا العمل و أنا فخور جدا باني وجدت لنفسي عملا برغم إعاقتي في الحرب العراقية الإيرانية التي لم يكن لي فيها ناقة ولا جمل بل حظي التعس من جعلني في مقدمة الحرب وأصبت بعيارات نارية وشظايا قضت على مستقبلي وجعلتني معاقا».وتعود شهرة حساني دون سواه الى مهارته في عمله، كما يقول احد زبائنه، فهو متميز عن بقية الصباغين بالرغم مما يقدمونه للزبائن من تخفيضات في الاسعار او استخدامهم أنواعا أجنبية من الصبغ والفرشاة.ويقول قاسم حسن صاحب محل لبيع الأحذية المستعملة بالقرب من مكان وجود حساني في منطقة الرشيد  «أجلب له اكثر من مائة زوج من الاحذية المستعملة شهريا ولا أصبغها إلا عندما يكون صباح موجودا واضطر للانتظار لفترات طويلة لكي يصلني الدور وادفع له المبلغ الذي يدفعه صاحب الحذاء الواحد، لأن صباح يغير من هيئة الحذاء حتى وان كان متروكا لفترة طويلة» . ويضيف قاسم « اني أتفاءل كثيرا عندما يجلب الاحذية لكي يصبغها حساني لأنها (الأحذية) ستباع بسرعة وبالسعر المطلوب».ومن جهته حساني يعرف بأن عوقه وعدم إكماله الدراسة قد أصبحا وصمة سيبقى يحملها طوال عمره ولن يجرؤ على ان يتمنى ان يكون

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram