تتمتع محافظة كربلاء بمواصفات سياحية عالية سواء أكانت دينية أم اثرية، مما يفتح شهية المستثمرين الاجانب والمحليين لإقامة المشاريع المهمة كالفنادق ذات المواصفات العالية، التي يمكن لها أن تدر أرباحاً مالية هائلة بحسب معنيين في القطاع الفندقي، وحيث يرى خب
تتمتع محافظة كربلاء بمواصفات سياحية عالية سواء أكانت دينية أم اثرية، مما يفتح شهية المستثمرين الاجانب والمحليين لإقامة المشاريع المهمة كالفنادق ذات المواصفات العالية، التي يمكن لها أن تدر أرباحاً مالية هائلة بحسب معنيين في القطاع الفندقي، وحيث يرى خبراء بالشأن الاقتصادي امكانية أن ينشط قطاع الفنادق في حال تم ايلاؤه الاهتمام المطلوب قطاعات اخرى كالزراعة والصناعة ويسهم بتشغيل أيدٍ عاملة بكل هذه الجوانب الحيوية والمهمة، داعين لضرورة توفير الدعم الكامل لقطاع الفنادق، كونه يعاني من الإهمال الدائم مع ما به من سوء الإدارة والتنظيم.
ويؤكد مدير عام هيئة السياحة محمود الزيدي في حديث لـ(المدى)، انه ومع كثرة في الفنادق في محافظتي كربلاء والنجف المقدستين، لكن لا تحصل على فائدة مالية إلا في المناسبات الدينية والزيارات مثل الاربعينية وعرفة وعاشوراء، مستدركاً: بهذه المناسبات فقط يمكن لأصحاب الفنادق تشغيلها لتغطية المصاريف، سواء أكانت على مستوى رواتب الموظفين ومستلزمات الفندق الأخرى، مع الضرائب والرسوم المفروضة عليهم كضريبة العقار والمبيعات والكهرباء ورسوم المهنة مما ولد شكوى دائمة من اصحاب تلك الفنادق، فهم يعللون زيادة اسعارها والتي قد تفوق الـ" 100 $" في الليلة الواحدة لقلّة المناسبات وعدم تعاون الدولة معهم، وهذه الأسعار وفقاً لرأيهم لا تعد مبلغاً كبيراً اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار المصاريف التي يتحملها صاحب الفندق.
يتابع الزيدي، هناك فنادق يحاول اصحابها التعاقد مع اطراف متعددة، مما يجعلها قادرة على تشغيل نفسها على مدار العام، لكن حتى هذه الفنادق تكون على عدد الاصابع، لذلك نرى اغلب اصحاب الفنادق يطالبون بضرورة توفير الدعم من الدولة لهم من خلال تقليل مبالغ الضرائب المفروضة عليهم، داعياً الى ضرورة تقديم المساعدة من قبل الدولة لهذا القطاع الحيوي والمهم خاصة في مسألة توفير الكهرباء، مستدركاً: أن هذه الفنادق اذا ما شُغلت بشكلها الصحيح ممكن لها ان تحقق للدولة ارباحاً مالية هائلة، اضافة الى تشغيل الآلاف من الايادي العاملة وجذب السيّاح الاجانب الذين يسهمون بدخول العملة الصعبة للبلد، مما ينشط حركة المدينة التجارية وينعكس ايجاباً على الوضع الاقتصادي لأهالي المحافظات وبخاصة محافظة كربلاء.
من جهة أخرى يشير مدير احد الفنادق الخمس نجوم في كربلاء اشرف عمارة، الى ضرورة تغيير فكرة ادارة الفنادق في العراق خاصة في المحافظات التي تزخر بالمناسبات الدينية ككربلاء المقدسة، مؤكداً أن فندق البارون في كربلاء والذي تحت تصنيف خمس نجوم وهو يعمل بمعايير دولية، بالتالي يعتبر تحت المنظار بالنسبة للكثير من المستثمرين، وهم يتابعون هل يمكن لهذا الفندق الذي يمتاز بخدمة عالية من النجاح أم لا، وفي حال نجح فإن كل المستثمرين الموجودين على مستوى العالم سيكون لهم استعداد تام للمجيء للعراق وفي كربلاء بالتحديد لفتح فنادق ذات مواصفات عالمية، الامر الذي سيجعل السنتمتر الواحد في المحافظة من اغلى بقاع العالم، لكن هذا ايضاً يتطلب أن تكون هناك مساعدة من الجهات المسؤولة في الحكومة.
عمارة يؤكد ايضاً، على أن محافظة كربلاء تتمتع بزيارات دينية موسمية بل شبه دائمية في بعض الاحيان، كما تتمتع بسياحة اثرية أيضاً وتمتلك مقومات سياحية أخرى يمكن الاستفادة منها لإحياء المحافظة وجعلها محل جذب للكثير من المستثمرين الاجانب، ويمكن لهذه الفنادق أن تسهم في انعاش الاقتصاد العراقي بشكل عام والمحافظة بشكل خاص، خاصة وأن الفنادق لا تقوم فقط على الخدمة الفندقية، فهي تستهلك مواد غذائية ومناشف واغطية وغازاً ومنظفات ومعدات أخرى، الامر الذي يعني اننا نستطيع ان نشغل المصانع والمعامل والمواطن والمزارع، بل ونشغل ايدي عاملة اكثر مما نتخيل، في حال شغلت كل هذه الجوانب في البلد، ونستطيع أن نقلل من نسبة البطالة المنتشرة بين الشباب مما ينعش اقتصاد البلد بشكل كبير ويرفد خزينة الدولة بأموال هائلة، بل حتى يمكن لنا أن نسهم بتسوق منتجات صناعية وزراعية مهمة في البلد كالتمور العراقية التي تعد من اجود انواع التمور في العالم والرز ومنتجات زراعية أخرى، ففي وقت يدفع السائح مصاريف الفندق فهو يدخل للبلد عملة صعبة من خلال شرائه للهدايا والسلع المصنعة محلياً.
ويبيّن، لذلك ومع الادارة الحكيمة لقطاع الفنادق في المحافظة وفي البلد بشكل عام سننشط الحركة السياحية والصناعية والزراعة في آن واحد، بل حتى اسعار الفنادق التي يراها البعض اليوم عالية قد تنخفض امام اقبال السائح الكبير على هذه المناطق، مما يولد تنافساً بين الفنادق لأننا استطعنا أن نشغل العشرات منها، لكن الآن انا كصاحب فندق، مجبر على رفع سعر الفندق لأن نسبة الاقبال لديّ منخفضة ومصاريف الفندق عالية، ولكي اغطي هذه المصاريف لابد لي من زيادة السعر .
الخبير الاقتصادي باسم انطوان، بدوره يؤكد في حديث لـ(المدى)، أن واقع الفنادق في العراق وخصوصاً في المحافظات الدينية والتي تكون الفنادق في مقدمتها يحتاج الى نهضة كبيرة، مضيفاً، وهنا الحديث ليس عن البنايات فحسب بل عن الخدمة المقدمة في تلك الفنادق، فهل هي فعلاً درجة اولى حتى في فنادق الخمس نجوم؟ مجيباً لكن ومما يؤسف له، اننا لا نستطيع القول أن هناك فنادق تمتاز بمعيار الخمس نجوم في العراق، ما عدا بعض قليل جداً منها، فنحن في العراق نفتقر للكفاءات في ادارة الفنادق والكوادر السياحية لا تمتلك الخبرة، مما يجب أن تكون هناك اعادة تصنيف لهذه الفنادق مع متابعة ورقابة دائمتين.
انطوان يواصل بالقول: عندما ندخل للفنادق في العراق اليوم وخصوصاً في المحافظات الدينية ككربلاء والنجف، لا نجد كادراً وموظفين متخصصين من خريجي السياحة، لأن القائمين على هذا القطاع لا يفتشون عن الشهادات والخبرة، بل ان الفنادق تحولت الى مصالح ذاتية لتحقيق الأرباح فقط، في وقت أن رابطة السياحة والفنادق يجب أن ترعى هذه العملية، خاصة وأن هناك منظمة السياحة العالمية والعراق نائب رئيس بها، فلماذا لا يتم الاستفادة من ملاحظاتهم وتجربتهم بهذا المجال، مضيفاً: في كربلاء يرأس قطاع الفنادق شخص لا يمتاز بالكفاءة وليس ذا اختصاص، فكيف يمكن للفنادق أن تنتعش ولا توجد لها ادارة متخصصة مطلعة على تجارب الدول الأخرى وكفوءة في مجال هذا العمل.
ويستطرد قائلاً: نعم اليوم يحاول اصحاب الفنادق في وقت الزيارات فرض اسعار غير طبيعية وذلك لعدم وجود حدود أو ضوابط أو حتى رقابة جيدة على عمل تلك الفنادق، في وقت نحن لسنا الوحيدين في تصنيف الفنادق وهناك معايير دولية، وعندما يكون هناك فندق بدرجة الخمس نجوم أو اربع أو ثلاث نجوم، يكون كل واحد منها له معايير ومواصفات معينة يجب توفرها للقيام بعمله، وعندما لا يطبق صاحب الفندق تلك المعايير في فندق المصنف يُغرم ويُعاقب، بل حتى بناء الفنادق يجب أن يتم وفق برنامج وليس بشكل فوضوي، لكن ايضاً بمقابل ذلك يجب توفير مستلزمات الدعم الضرورية للفنادق كتوفير الكهرباء بشكل دائم أو توفير الوقود للمولدات بأسعار مخفضة، كما أن الضرائب يجب أن تعفي الفنادق منها لفترة معينة حتى ينتعش وضعها.
ويختتم بالقول: اليوم نحن نحتكر السياحة الدينية في العراق، في وقت هناك مستثمرين عرب واجانب يرغبون باستثمار الفنادق في العراق، كونه أمراً ناجحاً ومربحاً لكن يجب أن ينمو هذا القطاع من جميع الجوانب سواء ببناء الفنادق وتطويرها كما يجب أن تبنى للمدى البعيد مواصفات سلامة عالية .
يذكر أن محافظة كربلاء، تُعد من بين أبرز مدن السياحة الدينية في العالم، إذ يقصدها الزوار من مختلف الدول العربية والأجنبية، لزيارة مرقد الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام)، والمزارات الدينية الأخرى الموجودة فيها، كما تضم مجموعة معالم ومواقع أثرية، أبرزها قصر الاخيضر (40 كم غرب مركز المدين)، وكهوف الطار (15 كم غرب مركز المدينة أيضاً)، وبحيرة الرزازة (7 كم غربي مركز المدينة)، وعيون المياه المعدنية، وكنسية القصير، وقصر شمعون في قضاء عين التمر (90 كم غرب مركز المدينة)، فضلاً عن خان النخيلة على الطريق بين كربلاء والنجف (10 كم جنوبي مركز المدينة)، وخان العطيشي في ناحية الحسينية (9 كم شرقي مركز المدينة).