TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا هذا الموت بالجملة للصحافيين ؟

لماذا هذا الموت بالجملة للصحافيين ؟

نشر في: 8 يوليو, 2017: 05:32 م

adnan.h@almadapaper.net

في غضون الأسابيع القليلة المنصرمة قُتل وأُصيب بجراح نصف دزينة من المراسلين والمصورين الصحافيين العراقيين، فضلاً عن مقتل صحافي فرنسي وجرح زملاء له، بنيران عناصر داعش، في حرب تحرير الموصل وعلى هامشها.
   هذا عدد كبير للغاية، فالقاعدة ألّا يكون المراسل أو المصور الصحافي في مرمى النيران وهو يغطّي الحروب وسائر أعمال العنف.
من يتحمّل المسؤولية عن هذا الموت الجماعي للمراسلين والمصورين الحربيين هنا في العراق؟
بالتأكيد، المسؤولية الرئيسة تتحملها إدارات المؤسسات الإعلامية التي غالباً ما تُرسل صحافييها ومصوريها من دون تجهيزهم بالمعدّات اللازمة لحمايتهم، وقبل هذا من دون تدريبهم على الطريقة الصحيحة والسليمة للعمل في بيئة الحرب والعنف، فكما يتدرّب الجندي طويلاً على استعمال السلاح وعلى سائر فنون الحرب قبل إرساله الى جبهات القتال، يتعيّن أن يخضع الصحافيون سلفاً إلى دورات تدربيبة قبل الزجّ بهم في ميادين القتال وسائر أعمال العنف. كما يتوجب على إدارات المؤسسات الإعلامية التأمين على حياة مراسليها ومصوريها لضمان حقوق عائلاتهم من بعدهم.  
قيادات العمليات العسكرية هي الأخرى يقع على عاتقها جزء غير قليل من المسؤولية، فمن اللازم لها أن تُدرك أن الصحافي ليس جندياً كيما يُسمح له بأن يكون في الخطوط الأمامية إلى جانب قواتها المنخرطة مباشرة في القتال. مكان المراسل الصحافي والمصور يكون في الخطوط الخلفية ..  المراسل يتقصّى المعلومات من القادة العسكريين والمراكز الإعلامية المُفترض إنشاؤها  في الخطوط الخلفية، والمصور يلتقط صوره بعدساته المّقرّبة من بعد. من واجب القيادات الحربية  إفهام الصحافي بأن الحرب ليست نزهة وليست نشاطاً عادياً مأموناً، وبأن هذه القيادات تهمّها حياة المراسل الحربي وأمنه، وأن خسارة الصحافي هي خسارة مباشرة للقوات المقاتلة بوصف الصحافي شاهد عيان في الميدان  وناقل الحقيقة إلى الرأي العام الذي يشكّل الجبهة الداخلية المساندة.
موت وجرح هذا العدد الكبير من الزملاء المراسلين والمصورين في غضون بضعة أسابيع، يتعيّن أن يكون جرس إنذار نهائي للمؤسسات الإعلامية والقيادات العسكرية وسواها لإعادة النظر في الترتيبات المتّصلة بالتغطية الصحافية للمعارك المتواصلة مع التنظيم الإرهابي الذي لا يراعي حرمةً لدم الإنسان وروحه ولا يلتزم قواعد أخلاقية أو اجتماعية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram