adnan.h@almadapaper.net
في غضون الأسابيع القليلة المنصرمة قُتل وأُصيب بجراح نصف دزينة من المراسلين والمصورين الصحافيين العراقيين، فضلاً عن مقتل صحافي فرنسي وجرح زملاء له، بنيران عناصر داعش، في حرب تحرير الموصل وعلى هامشها.
هذا عدد كبير للغاية، فالقاعدة ألّا يكون المراسل أو المصور الصحافي في مرمى النيران وهو يغطّي الحروب وسائر أعمال العنف.
من يتحمّل المسؤولية عن هذا الموت الجماعي للمراسلين والمصورين الحربيين هنا في العراق؟
بالتأكيد، المسؤولية الرئيسة تتحملها إدارات المؤسسات الإعلامية التي غالباً ما تُرسل صحافييها ومصوريها من دون تجهيزهم بالمعدّات اللازمة لحمايتهم، وقبل هذا من دون تدريبهم على الطريقة الصحيحة والسليمة للعمل في بيئة الحرب والعنف، فكما يتدرّب الجندي طويلاً على استعمال السلاح وعلى سائر فنون الحرب قبل إرساله الى جبهات القتال، يتعيّن أن يخضع الصحافيون سلفاً إلى دورات تدربيبة قبل الزجّ بهم في ميادين القتال وسائر أعمال العنف. كما يتوجب على إدارات المؤسسات الإعلامية التأمين على حياة مراسليها ومصوريها لضمان حقوق عائلاتهم من بعدهم.
قيادات العمليات العسكرية هي الأخرى يقع على عاتقها جزء غير قليل من المسؤولية، فمن اللازم لها أن تُدرك أن الصحافي ليس جندياً كيما يُسمح له بأن يكون في الخطوط الأمامية إلى جانب قواتها المنخرطة مباشرة في القتال. مكان المراسل الصحافي والمصور يكون في الخطوط الخلفية .. المراسل يتقصّى المعلومات من القادة العسكريين والمراكز الإعلامية المُفترض إنشاؤها في الخطوط الخلفية، والمصور يلتقط صوره بعدساته المّقرّبة من بعد. من واجب القيادات الحربية إفهام الصحافي بأن الحرب ليست نزهة وليست نشاطاً عادياً مأموناً، وبأن هذه القيادات تهمّها حياة المراسل الحربي وأمنه، وأن خسارة الصحافي هي خسارة مباشرة للقوات المقاتلة بوصف الصحافي شاهد عيان في الميدان وناقل الحقيقة إلى الرأي العام الذي يشكّل الجبهة الداخلية المساندة.
موت وجرح هذا العدد الكبير من الزملاء المراسلين والمصورين في غضون بضعة أسابيع، يتعيّن أن يكون جرس إنذار نهائي للمؤسسات الإعلامية والقيادات العسكرية وسواها لإعادة النظر في الترتيبات المتّصلة بالتغطية الصحافية للمعارك المتواصلة مع التنظيم الإرهابي الذي لا يراعي حرمةً لدم الإنسان وروحه ولا يلتزم قواعد أخلاقية أو اجتماعية.