تُمثّل التجارة غير المشروعة في الحيوانات البرية مصدر قلق رئيسي للحكومات والمنظمات الدولية والعالمية، فضلا عن الضرر البديهي الذي تسببه للمخلوقات المستهدفة. وتُصنّف التجارة بالأحياء البرية كتهديد عالمي للأمن والحكم والتنمية. وتقدر قيمة الصيد غير الشرعي
تُمثّل التجارة غير المشروعة في الحيوانات البرية مصدر قلق رئيسي للحكومات والمنظمات الدولية والعالمية، فضلا عن الضرر البديهي الذي تسببه للمخلوقات المستهدفة. وتُصنّف التجارة بالأحياء البرية كتهديد عالمي للأمن والحكم والتنمية. وتقدر قيمة الصيد غير الشرعي وحده ب 10 مليارات دولار سنويا، ممّا ينصّب التجارة غير المشروعة في الحيوانات البرية في الترتيب الخامس "كسلعة" غير مشروعة والأكثر قيمة في العالم.
ربطت تقارير حديثة بين تجارة الحيوانات البرية غير القانونية والأنشطة الإرهابية، إذ تأكّد تورّط جماعات -على غرار الجنجويد في السودان والعديد من المجموعات الدولية وغير الدولية المسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، و حركة الشباب المجاهدين، وغيرها من الجماعات المسلحة-، في تجارة العاج. وأثبت تحقيق سري في مدى تورّط حركة الشباب المجاهدين أن الدخل الشهري للجماعة المسلحة من تجارة العاج يغطي جزءا كبيرا من تكاليف تمويل جيشها. وتشير الصلات بين التجارة بالأحياء البرية والجماعات المسلحة إلى أن هذه التجارة أصبحت اليوم راسخة في شبكة الجريمة والصراع والإرهاب، فالصيد والتجارة غير القانونيين يعتمدان أساسا على عدم الاستقرار الذي تسببه الصراعات، ويوفران إيرادات تساهم في تمديد فترات العنف والنشاط الإرهابي.
كما تم ربط أشكال أخرى من النشاطات غير المشروعة بالجماعات الإرهابية والمسلحة. على سبيل المثال، تفرض القوات المسلحة الثورية لكولومبيا (فارك) ضريبة على منتجي الكوكايين وتجارها لتمويل أنشطتهم، مع تورّط العديد من أعضائها مباشرة في تجارة المخدرات. وفي مالي، ساهمت السلطة السياسية والعسكرية الممنوحة لتجار المخدرات شمالي البلاد في صعود القاعدة في المغرب العربي .
وعلى الرغم من أنّ جميع أشكال الجريمة المنظمة تسعى أساسا إلى تحقيق أرباح مادية، لكن الصلات بين الجماعات المسلحة والتجارة غير القانونية في الحيوانات البرية تشير إلى أن هذه التجارة تستند على الحاجة إلى الربح المادي لتدعم أنشطة أخرى، سواء كانت إرهابية أو ذات صلة بالنزاعات المسلحة. وتصبح بذلك الأرباح الناتجة عن التجارة غير المشروعة في الحيوانات البرية وسيلة –بدلاً من الهدف النهائي- في حرب اقتصادية أكثر منها جنائية. ونتيجة لذلك، تتخذ التجارة بالأحياء البرية ديناميكيات مختلفة عن تلك التي تتميّز بها الأنواع الأخرى للتجارة غير المشروعة. وتساهم جميع أشكال الجريمة المنظمة في العنف، سواء عن طريق الابتزاز أو الاستيلاء على الدولة أو سياسة الترهيب وقتل أعضاء الشبكات المنافسة في هذه العمليات بتمويلها للجماعات الإرهابية والمسلحة. وفضلا عن أعمال العنف التي تعمل على تسهيل هذه التجارة، على غرار قتل حراس المنتزهات والغابات، تؤدي عائدات هذه الأنشطة غير القانونية في نهاية المطاف إلى شن مزيد من الهجمات والنزاعات المستمرة.