الموصل الحدباء لن تنحني، انتصرت بقامتها الأبية بعد ثلاث سنين من الحرب والحصار اللذين أحرقا كل شيء أخضر في ربوعها الممتدة من سهل الوفاء الى جبل الكرامة، وأغرقا صور التاريخ في نهر الاحتلال ليعاود أبناء العراق النجباء تنقيته ويفكّوا أسر أهلهم ويحتضنوهم لينعموا بالحرية من جديد ويهرعوا لبناء مدنهم الخربة، ويكملوا رسالة الحياة للأحفاد: الغرباء كالحرباء لا يؤمن لهم!
أمس الأول السبت، أتمَّ الأبطال من قوات العمليات المشتركة واجبهم الوطني السامي باستعادة الموصل العزيزة، ليأذنوا بإطلاق ساعة الصفر للشروع بإعادة السكان الى مناطقهم المدمّرة، ويشيعوا الأمن والطمأنينة الى نفوسهم وقلوبهم المكلومة بفقد الأحبة ، ليندمجوا في أجواء ما بعد التحرير، ويبدأوا رحلة البناء الشاقّة باندفاع أكبر على حماية الأرض والعرض من دنس الإرهاب وعبث المجرمين وعملاء التآمر على وحدتهم وصفائهم وافكارهم ، لاسيما الشباب المطالبين بأدوار كبيرة تبعث على الارتياح بأنهم البُناة الأصلاء للموصل، ثأراً للآباء والأمهات والشيوخ والأطفال الذين كانوا يتنفسون روائح الموت ويتلظون بسياط الإرهاب ويكتبون بدموع القهر أماني النجاة من شرفات الصبر.
الشباب هم هدف الحكومة المقبل، توليهم كل الرعاية والاهتمام ، ليستعيدوا مقوّمات التأهيل بعد الحرب، وهي مسؤولية وزارة الشباب والرياضة لتمارس دورها التاريخي والوطني، وتفتح ملف إعمار المنشآت الرياضية ومراكز الشباب ومنتدياتهم كأسبقية أولى في النصف الثاني من العام الجاري على خط شروع واحد من حملة إعمار المستشفيات والأسواق ودوائر الدولة لتقديم الخدمات اللازمة لأبناء المدينة.
أما أنت الوزير الشاب عبدالحسين عبطان، أول من ينبغي أن يستجيب لنداء شباب الموصل حال إجلاء القطعات العسكرية من الأزقة والساحات العامة ودلف الجنود والآليات الى الثكنات، فالبصمة الكبرى المرتقبة قبل انتهاء مدة استيزارك أن تجمع ملاكات الوزارة الهندسية والإدارية والفنية وتنقل مكتبك الدائم في بغداد الى الموصل مؤقتاً لتشرف على وضع حجر الاساس لخارطة الملاعب والمرافق والمقار الخاصة بالرياضة لتكون من أهم معالم التطوّر في العراق ردّاً على تجاهل الموصل رياضياً منذ سنين طويلة قبل احتلالها من تنظيمات داعش الإرهابية.
هل يحتاج الوزير عبطان التذكير بأن البناء الفكري للشباب في أية بقعة من العالم يبدأ من اهتمام الدولة بما يمارسه من ألعاب رياضية وهوايات مختلفة إضافة الى تحصينه من التطرّف في المُعتقد والسلوك ؟ لعلَّ الرياضة اليوم اصبحت واحدة من اسلحة الحكومات لمواجهة الأفكار السلبية التي تغزو المجتمعات المستقرّة وتستهدف شريحة الشباب خوفاً من انزلاقهم وترغيبهم بعيداً عن الرقابة والعناية، وهذا أمر خطير لابد من الانتباه اليه ، ولتدخل وزارة الشباب كشريك أساس في حفظ الأمن الموصلي، الموصول بأمن البصرة والنجف والانبار وديالى وأربيل وجميع مدن العراق.
لتستنفر وزارة الشباب جهودها وبرامجها وفق ستراتيجية شاملة لا تستثني أي نادٍ أو اتحاد يستفيد منه الرياضيون لمواصلة انشطتهم ومشاركة زملائهم في بقية المحافظات التنافس ضمن البطولات المحلية التي انقطعوا عنها ومنهم من يحمل ألقاباً عربية وقارية سواء بالنسبة للاعبين الاصحاء أم المعاقين، فضلاً عن تعشيق دور المنتديات للتغلغل في أقاصي الاقضية بحملات توعية تستنهض هِمم الشباب وتحفّزهم للانخراط في حملات اعمار المحافظة والتكاتف لدعم خططها ببسط الأمن وتغيير معالم الموصل بأسرع وقت كي تعود خضراء .. بيضاء .. معطّرة بورد الربيعين.
أما أنتم زملاء المهنة ، فتحية كبيرة لكم لصمودكم وتضحياتكم وصبركم من أجل رسالة سلطتكم التي تبقى قوية في جميع الأزمنة لمساندة الرياضيين الابطال والتناغم مع مقترحات مسؤولي الأولمبية الفرعية والاتحادات الممثلة للألعاب الفاعلة ليكون المُنجز باهراً باسم الموصل، والعيون شاخصة على رسائلكم وصوركم ، فأنتم رجال الشرف المهني وصفحة التحرير الثانية بانتظاركم.
نريد عبطاناً موصلياً
[post-views]
نشر في: 9 يوليو, 2017: 03:46 م