مبارك النصر العراقي الأول الذي لم نعرفه منذ عقود بعيدة في تأريخنا المعاصر، وطوبى لبسالة المقاتلين وتضحياتهم الجليلة، والمجد لشهدائنا الذي افتدوا الأرض بأرواحهم وأحلامهم وأجمل سنوات أعمارهم، مبارك تحرير مدينة الموصل العريقة من التنظيم الوحشي الذي سبى
مبارك النصر العراقي الأول الذي لم نعرفه منذ عقود بعيدة في تأريخنا المعاصر، وطوبى لبسالة المقاتلين وتضحياتهم الجليلة، والمجد لشهدائنا الذي افتدوا الأرض بأرواحهم وأحلامهم وأجمل سنوات أعمارهم، مبارك تحرير مدينة الموصل العريقة من التنظيم الوحشي الذي سبى النساء وأسر الرجال ودمّر شواخص التاريخ ونهب الثروات وأحرق المكتبات ودور العلم والجامعات. رغم زهو النصر وزوال غمّة التنظيم الداعشي المتوحش عن مدينة الموصل، إلا أن ثمة غصةً كبيرة تخنقنا، وتنتحب أرواحنا مع قلوب أمّهات الشهداء الثاكلات والعرائس المترملات واليتامى المفجوعين وأسر السبايا ونتساءل: هل ستضمن الدولة لهم حقوقاً تليق بتضحياتهم ومواطنتهم وتحمي كرامتهم وتتكفل بتعليم الأيتام ورعايتهم ؟؟
إنّ جرح احتلال الموصل ومدن أخرى في وطننا لن يبرأ، مالم يُقدّم المتسببون بالكارثة والمتعاونون مع داعش لمحاكمات عسكرية كما يحصل في دول العالم التي تحترم سيادتها وأرضها وتأريخها ومستقبل أجيالها؛ وعندها سوف تقر عيون المفجوعين ويستعيد الوطن بعض كرامة أهدرها الخائنون والمتعاونون .
نحتفي بالنصر؛ ولكن لن تنتهي الأصولية المتشددة والطائفية بالنصر العسكري والتفاهمات السياسية الفوقية ومؤتمرات المصالحة المظهرية، بل بإحداث ثورات حقيقية في نظام الدولة والمؤسسات واعتماد نظام مدني ديموقراطي حقيقي يفصل بين الدين والدولة ليبقى الدين مصوناً في معابده بعيداً عن مساومات السياسة وفساد السياسيين، وكذلك بإحداث ثورة في مناهج وأساليب التربية والتعليم وتأهيل المعلمين والمدرسين وتخليص المناهج من الشعوذات والنفس الطائفي والنزعات الشوفينية، وبإحداث ثورة في توجهات الإعلام وثورة لتغيير الواقع الإقتصادي وثورة في التنمية الاجتماعية.
نعم ، النصر الكبير لحظة فاصلة عظيمة في حياة الأمم ، ومن هذه اللحظة لابد أن تبدأ جهود مخلصة لانتشال الوطن من كبوته، وتتطلب البداية مواجهة حقيقية وصلبة مع التشدد والطائفية والعصابات المنظمة، ويتبعها حصر السلاح بيد الدولة واعادة الاعتبار للقضاء والقانون واصدار قانون الأحزاب وحظر تأسيس الاحزاب الدينية التي تفرخ متشددين ومتعصبين وطائفيين .نحتفي بالنصر ولكنه سيبقى منقوصاً مالم تنبذ المحاصصة ويتم اختيار أعضاء الحكومة وقيادة المؤسسات على أساس الكفاءة والمهنية والنزاهة والوطنية ولأشخاص لا يخضع تعيينهم لمساومات بيع وشراء المناصب، وكي يدوم النصر لابد من تعزيز روح المواطنة التي استعادتها معركة تحرير الموصل ولحظة النصر المباركة .
لطفية الدليمي