TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سقوط الموصل: هل شبعتم محاصصةً؟

سقوط الموصل: هل شبعتم محاصصةً؟

نشر في: 12 يوليو, 2017: 08:03 م

بعد يومين فقط من سقوط الموصل، كان هناك صحفي غربي يسألني عن تفسير مقنع لهذا الزلزال الغامض الذي يقترب من التهام العاصمة بغداد. (انه نهاية متوقعة لنظام ٢٠٠٣)، هذه كانت إجابتي المختصرة.
الايام التي تلت صدمة صعود داعش وقضم الاراضي، أثبتت صحة هذه الرؤية. فالمحاصصة وأطرافها ألقت بظلالها على طبيعة التعاطي مع اول واخطر تحدٍ وجودي يواجهه نظام ما بعد صدام. فلأيام استمر الحديث عن ثورة عشائر، وانتفاضة شعبية، ومؤامرة إقليمية. وتجلى الانقسام بأوضح صوره عندما أعلن بعض النواب عن ترحيبه بالثوار انسياقا وراء البروباغندا العربية والعالمية. وحتى هذه اللحظة، أزعم أننا بلا رؤية موحدة إزاء داعش!
وحتى بعد الفتوى التاريخية التي اطلقها المرجع السيستاني وأسهمت بإيقاف المدّ الداعشي، انتقلت تأثيرات هذا الانقسام السياسي الى مرحلة التصدي للإرهاب، وتسبب ذلك، في أكثر من مناسبة، بتشويش بوصلة عمليات التحرير عبر عرقلتها حينا او تبديل وجهتها حينا آخر. وهذا عامل أساسي في تلكؤ عمليات التحرير وتأخر استعادة الموصل طيلة السنوات الماضية، الامر الذي سمح لداعش بفرض سطوته على الاهالي، وترتيب خططه العسكرية استعداداً للمعارك المتوقعة.
ولم تقتصر نتائج المحاصصة على التخبط في تحديد العدو ولا على طريقة مواجهته، بل تلمسنا آثارها في التحقيق الذي اجري لمعرفة اسباب هزيمة أكثر من ٦٠ ألف عنصر أمني، كانوا يتواجدون في الموصل في صبيحة العاشر من حزيران ٢٠١٤، أمام ٢٠٠٠ مقاتل قدموا من الصحارى.
فحتى الورق والحبر اللذين كُتب بهما التحقيق خضع للمحاصصة. وفي كل مرحلة من مراحل التحقيق كان التسييس حاضرا بقوة لحماية هذا الطرف أو ذاك. والنتيجة أننا نحتفل بتحرير الموصل، بعد ثلاث سنوات من الاحتلال، من دون معرفة الاسباب والاشخاص والجهات التي شاركت في هذه النكبة التاريخية.
لقد أدت مرحلة التصدي لداعش، ومرحلة الانتصار على داعش، الى تأجيل البحث في مصير نظام المحاصصة الذي يرفض البعض الاعتراف بفشله، ويريد البعض الآخر إنتاجه بطريقة جديدة، "وكأنك يا بوزيد ما غزيت"!
إنّ الإصرار على بقاء المحاصصة وإعادة إنتاجها يؤكدانِ أنّ الطيف السياسي لم يستوعب الدرس القاسي لسقوط الموصل والفاتورة الباهظة التي كلفتنا لاستعادتها. ومن هنا، فلن يكتمل الفرح بتحرير الموصل ولا بعودة جميع المدن، رغم أهمية ذلك طبعاً، ما دامت هناك مساعٍ داخلية وخارجية لإعادة ترميم نظام معطوب يأكل أبناءه ويُبدِّد ثرواته، ويصرّ على البقاء كبؤرة للتوتر والنزاعات التي خلقت داعش
وأخواتها.
ما لم نخلق بيئة مناسبة لدفن المحاصصة، فلنبشِّر بنسخ جديدة من داعش، وانهيارات أخرى لاتقلّ دمويةً عن سقوط الموصل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram