TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى السبت: الأوركسترا وترتيب أدواتها

موسيقى السبت: الأوركسترا وترتيب أدواتها

نشر في: 15 يوليو, 2017: 12:01 ص

كان عدد العازفين في الفرق الموسيقية صغيراً حتّى الفترة الكلاسيكية وظهور شكل السيمفونية، لكن حجم الاوركسترا وعدد العازفين فيها قفزا بشكل كبير في الفترة الرومانتيكية في القرن التاسع عشر بعد ادخال أدوات جديدة واستعمال الكورس في الكثير من الأعمال الاوركس

كان عدد العازفين في الفرق الموسيقية صغيراً حتّى الفترة الكلاسيكية وظهور شكل السيمفونية، لكن حجم الاوركسترا وعدد العازفين فيها قفزا بشكل كبير في الفترة الرومانتيكية في القرن التاسع عشر بعد ادخال أدوات جديدة واستعمال الكورس في الكثير من الأعمال الاوركسترالية، مثلاً في تاسعة بيتهوفن، التي لم تكن السيمفونية الاولى التي يغنّي فيها الكورس والمغنون المنفردون، لكنها الأشهر والتي فتحت الباب أمام مثل هذا التوليف بين الصوت البشري والأدوات في الفن السيمفوني.
ففي البدايات كان عدد العازفين صغيراً، يمكن اعتبارهم بمقاييس اليوم يشكّلون ما يسمّى بفرقة الحجرة، إذ كان الموسيقى تقدم في صالات قصور النبلاء أو في المقاهي، لكن ليس في قاعات كبيرة، سوى في حالة الأعمال الاوبرالية التي قدمت في دور الاوبرا. وكان عدد عازفي الاوركسترا في زمن هايدن متواضعاً، ولم تكن هناك قواعد لترتيب جلوس العازفين سوى ما يمليه الذوق والاحساس بالتوازن الصوتي. وقد أجلس هايدن قسم الكمان الأول إلى اليسار، وقسم الكمان الثاني الى اليمين بينما احتل عازفو الفيولا والتشلو الجزء الوسطي، وجلس خلفهم عازفو الهوائيات فالنحاسيات. وهذا الترتيب نابع من تجارب طويلة أجراها هايدن مع فرقته التي قادتها، فرقة الأمير أسترهازي. لذلك تتميز موسيقى هايدن بأن الكمان الثاني ليس ثانوياً أو مصاحباً، بل كان نداً للكمان الأول (يعبر عن ذلك بالمصطلح الموسيقي: أنتيفوني أي الصوت المضاد)، فتحتم هذا الترتيب للوصول الى صوت "ستيريو" يسمع في القاعة. بالطبع لم يقود الفرقة أحد بعصاه كما هو الحال اليوم، بل قام عازف الكمان الأول بمهام قائد الفرقة.
لكن مع القفزة الهائلة في عدد العازفين في العصر الرومانتيكي بسبب الانتقال الى دور ضخمة تستوعب أعداداً كبيرة من المستمعين من الرأسماليين وأفراد الطبقات الوسطى النامية، بدأ قادة الاوركسترا الكبار من برليوز حتى مالر بتجارب صوتية مختلفة، فقد قاد برليوز اوركسترات بلغ عدد العازفين فيها نحو 500 (بضمنهم الكورس)، وقاد مالر أعداداً أكبر، ولديه سيمفونية تعرف باسم السيمفونية الألفية (وهي الثامنة) كناية عن عدد المشتركين في إدائها. ألا أن ترتيب الاوركسترا الأساس لم يتغير حتى عند مالر، فكان عازفو الكمان الثاني يجلسون على اليمين في مقابل قسم الكمان الأول، واستمر الحال هكذا حتى مع الجيل التالي من قادة الاوركسترا الكبار مثل ليوبولد ستوكوفسكي الذي قاد فرقة فيلادلفيا الشهيرة.
وكان هنري وود (1869 – 1944) أول قائد اوركسترا أجلس عازفي الكمان بالترتيب المعتاد حالياً، بذلك يجلس عازفو الفيولا في الوسط وعلى اليمين عازفو التشلو وخلفهم الكونترباص. نقول هنا أن وود كان كذلك أوّل من دعا إلى السماح للمرأة بالعزف في الفرق السيمفونية. بذلك لم يبدأ تقليد جلوس الكمان الثاني خلف الكمان الأول إلا في خمسينات القرن الماضي، على يد بيتشهام وبرنستين وكارايان. في المقابل بقي عدد من قادة الاوركسترا محافظين على التقاليد الانتيفونية، مثل توسكانيني وكلمبرر وفورتفنغلر.
ترتيب جلوس العازفين في الاوركسترا إذاً هو أمر يخضع للتوازن الصوتي وذوق قائد الاوركسترا والمتطلبات التي يضعها المؤلف في خاتمة المطاف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة
عام

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

د. نادية هناوي جددت المدرسة الانجلو أمريكية في بعض العلوم المعرفية كعلم النفس اللغوي وفيزياء الأدب وعلوم الذكاء الاصطناعي أو أضافت علوما جديدة كانت في الأصل عبارة عن نظريات ذات فرضيات أو اتجاهات كعلوم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram