adnan.h@almadapaper.net
لسنة جديدة، مدّد مجلس الأمن الدولي أول من أمس ولاية بعثة الأمم المتحدة المكلّفة تقديم المساعدة للعراق (UNAMI) 2003. التمديد حصل بطلب من الحكومة العراقية قدمه وزير الخارجية إبراهيم الجعفري الشهر الماضي، ما يشير إلى إدراك الحكومة استمرار حاجتها الى مساعدة المنظمة الدولية. وللتذكير فإن (يونامي) أُنشِئت بالاستناد إلى قرار مجلس الامن الدولي 1500 الصادر في 14 آب (أغسطس) 2003. وللتذكير ايضاً فإن من مهماتها تطبيق "اتفاق العهد الدولي مع العراق" المقرّ في مؤتمر شرم الشيخ في أيار (مايو) 2007، وهو اتفاق يتعلق بالالتزامات المتبادلة بين دولة العراق و60 دولة شارك ممثلوها في ذلك المؤتمر، وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الصناعية الكبرى ودول الجوار ودول عربية وأجنبية أخرى، فضلاً عن الامم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.الحكومة العراقية ألزمت نفسها بموجب الاتفاق باتّخاذ جملة من الخطوات اللازمة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، منها على سبيل المثال: تطبيق الدستور المُستفتى عليه في أواخر العام 2005، نبذ الإرهاب والتطرّف وإجراء حوار ومصالحة وطنية، تشكيل قوات أمنية على أساس المهنية والولاء للوطن فقط، السعي الجاد للتخلص من التهديدات الإرهابية، حل الميليشيات ودمج أفرادها بالقوات الامنية الحكومية، كفالة حقوق الانسان، دعم عمل منظمات المجتمع المدني، تعزيز سلطة القانون واحترام استقلال السلطة القضائية، الالتزام ببرنامج للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية في مجالات إدارة الموارد العامة والإدارة الرشيدة وتقوية مؤسسات الدولة ووسائل محاربة الفساد وتطوير القطاع الخاص وإعادة هيكلة القطاع المالي ، تشريع قانون النفط والغاز، ورسم سياسة إدارية جيدة لقطاع الزراعة والمياه.بالطبع، العديد من هذه الالتزامات قد تحقّق كلياً أو جزئياً على مدى السنين العشر الماضية، بيد أن العديد أيضاً لم يتحقّق منه شيء بعد أو أنه ظلّ منقوصاً، وهذا ما يُبقي على الحاجة ماسّةً إلى عمل (يونامي) لسنة أو عدة سنوات أخرى.مع بدء سنة جديدة للبعثة، يتطلع الكثير من العراقيين إلى دور أكثر فاعلية لها. بالتأكيد، ليس من الإنصاف لوم البعثة على التقصير في تطبيق الالتزامات المحددة في اتفاق العهد الدولي، فالملوم الرئيس هنا هي مؤسسات الدولة العراقية وبخاصة الحكومة ومجلس النواب والسلطة القضائية. لكن لا ينبغي إعفاء البعثة الأممية تماماً من المسؤولية. البعثة كان يمكنها أن تضغط أكثر على مؤسسات الدولة العراقية للوفاء بالتزاماتها حيال الاتفاق. والآن يُمكن لـ (يونامي) أن تفعل ذلك بالمزيد من الضغط، وهذا يتأتى خصوصاً بانتهاج سياسة الشفافية التي تعني عدم المجاملة والسكوت على تصرفات غير سليمة للمؤسسات العراقية.الدور الفعّال للبعثة الدولية مطلوب لأن الحاجة إليه قائمة .. في هذه اللحظة التاريخية مثلاً نتطلع إلى أن يكون للبعثة دور كبير في الإشراف على عمليات إعمار المناطق التي احتلها داعش وإعادة سكانها النازحين إليها، ومراقبة عمليات الفساد المحتملة فيها. ودور البعثة مطلوب أيضاً في إعادة تشكيل الهيئات "المستقلة" التي صادرت الحكومات العراقية المتعاقبة استقلالها، ونخصّ بالذكر مفوضية الانتخابات المطلوب إعادة تشكيلها على أسس مهنية وليس على أساس نظام المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية الذي سمح بتزوير إرادة الشعب العراقي في الانتخابات السابقة. وكذا الحال بالنسبة لمفوضية حقوق الإنسان وهيئة النزاهة وسائر الهيئات التي لا يُمكن وصف أي منها بأنها مستقلة ،لأنها لم تكن يوماً كذلك.نريد لـ (يونامي) في سنتها الجديدة أن تكون غير ما كانت عليه في سنينها السابقة، من دون نكران الأشياء الجيدة التي عملتها للعراق.