TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هذا لا يكفي لمكافحة فساد الأحزاب

هذا لا يكفي لمكافحة فساد الأحزاب

نشر في: 17 يوليو, 2017: 06:59 م

adnan.h@almadapaper.net

يعطيها العافية، المفوضية العليا للانتخابات التي، في الايام الأخيرة لمجلسها الذي ستنتهي ولايته بعد بضعة أسابيع غير مأسوف عليه، استجابت لاقتراح هيئة النزاهة إلزام الأحزاب السياسية بعدم تأسيس لجان اقتصادية تابعة لها.
على مدى عشر سنوات وأكثر، كانت اللجان الاقتصادية للاحزاب الحاكمة "تشفط"، بواسطة وزرائها ووكلاء الوزارات ورؤساء المؤسسات والهيئات "المستقلة" والمدراء العامين المُعيّنين على وفق نظام المحاصصة، ملايين الدولارات  شهرياً من الشركات العراقية والاجنبية المتقدمة لتنفيذ عقود استثمارية ومقاولات تجارية أو إنشائية أو سواها، ولم يجرؤ أحد على رفع صوته ليكشف عن لجان الفساد والإفساد هذه.. الناس لم تكن تعرف بوجود هذه اللجان إلى أن أميط النقاب عنها في السنة الأخيرة في إطار الصرع بين حراميّة المال العام .. الاحزاب المتنفّذة وحدها كانت تعرف ذلك، وكانت تتواطأ في ما بينها، فالمصلحة مشتركة في نهب المال العام بمئة طريقة وطريقة، وتحويل المليارات إلى خارج البلاد بمئة طريقة وطريقة أيضاً.
هيئة النزاهة فضحت في بيان لها أن مجلس المفوضية غير المأسوف على انتهاء ولايته قريباً قد وافق على اقتراحها نتيجة لـ "إصرارها واتخاذها موقفاً ثابتاً من المقترح، فضلاً عن دعم الأمانة العامَّة لمجلس الوزراء"، ما " دعا المفوضية للاستجابة للمقترح" الذي تضمن تعديل التعليمات الخاصَّة بتسهيل تنفيذ قانون الأحزاب السياسيَّة رقم (1) لسنة 2016 وذلك بإضافة الفقرة (د) من البند خامساً إلى المادَّة (6) التي تنصُّ  على "عدم قيام الحزب بتأسيس لجنة اقتصادية تُسبِّب الإضرار بالمال العامِّ مع احتفاظ الحزب بحقِّه في تنظيم موارده المالية وفقاً لنصِّ المادة (38) لقانون الأحزاب".
الإجراء مفيد الى حدّ ما، لكنّه لن يوقف عملية سرقة المال العام في الوزارات وسائر هيئات الدولة. حتى مع وجود اللجان الاقتصادية كان العديد من الوزراء والوكلاء والمدراء ورؤساء المؤسسات والهيئات الفاسدين يتّفقون مع المقاولين وممثلي الشركات، الفاسدين مثلهم، على دفع مبالغ الرشى والكوميشنات في حسابات مصرفية خارج البلاد. إغلاق هذه النافذة الكبيرة لسرقة المال العام يلزمه إجراء حازم وحاسم من الحكومة يستند الى قوانين واضحة يشرّعها مجلس النواب. هذا الإجراء لن يحصل ولن يكون مادام نظام المحاصصة قائماً في تعيينات المناصب العليا والخاصة في الدولة. بموجب هذا النظام تولّى الإدارة الفاسدون عديمو الكفاءة والخبرة .. والوطنية أيضاً.
هيئة النزاهة مطالبة من جانبها باقتراح إجراءات كهذا الذي أُرغمت مفوضية الانتخابات عليه، منها على سبيل المثال تعهّد الوزراء والوكلاء وسائر المكلفين وظائف عليا في الدولة، عند تعيينهم، بعدم الفساد وبردّ ضعف ما يأخذه بالفساد في حال ثبوت الأمر عليه ولو بعد أمد طويل، وكذلك أخذ تعهدات من الشركات والمقاولين بعدم تقديم الرشى، وفي حال ثبوت ذلك لن يُكتفى بوقف التعامل معهم، وإنما أيضاً سيتعيّن عليهم دفع غرامات تعادل ضعف المبالغ المدفوعة إلى المسؤولين الفاسدين، على أن لا يسقط هذا الالتزام بالتقادم .. ولابدّ أن هناك الكثير من الافكار من هذا النسق تستطيع هيئة النزاهة توليدها. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. رحيم الحلي

    كانت اللجان الاقتصادية للاحزاب الحاكمة تشفط ، بواسطة وزرائها ووكلاء الوزارات ورؤساء المؤسسات والهيئات المستقلة والمدراء العامين المُعيّنين على وفق نظام المحاصصة، ملايين الدولارات شهرياً من الشركات العراقية والاجنبية المتقدمة لتنفيذ عقود استثمارية ومقا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram