TOP

جريدة المدى > مواقف > مأساة عائلة عراقية

مأساة عائلة عراقية

نشر في: 23 فبراير, 2010: 05:08 م

ترجمة : اسلام عامــر كانت نور سلمان واحدة من سكان بغداد الذين عاشوا قصص الرعب تلك بعد ان تم قتل والدتها وإخوانها وأخواتها، في وقت ٍ متأخر من ظهيرة ٍ حارقة من صيف آب ،شوهدت فتاة ُ دشداشتها ملطخة ُ بالدماء تمشي متعثرة ً و في وجهها نظرة من الرعب في شارع ٍ تركت عليه الحرب آثارها في منطقة الدورة إحدى ضواحي بغداد كانت الفتاة ترتعش
 و في حالة من صدمة شديدة على الرغم من انها كانت سليمة ً نفسيا ً الا انها كانت تصرخ :»لقد ماتوا كلهم ماتوا ذهبوا جميعا ً». بددت صرخات نور صمت الشارع الرهيب الذي جرجرت نفسها فيه و بعد مضي ساعتين سمع السكان صراخا ً  وأصوات إطلاقات نار متناثرة. فكانت عائلة نور اكثر الضحايا تأثرا بالذبح الطائفي الذي أعقب الحرب في العراق طول السنوات السبع الماضية. عندما جاء المتعهدون الى منزل نور في اليوم التالي كانت هي الوحيدة التي تبقت من افراد عائلتها فقد تمت مطاردتهم و طيلة عامين فوصلت حصيلة الموتى في عائلتها الى تسعة أفراد، فكانت أمها وأخواتها الثلاث الضحية الأخيرة الممدة على الأرض في غرفة المعيشة حيثما كن يعدّن لتناول العشاء. نجت نور من الحادث لانها اختبأت تحت الأريكة متوارية ً عن أنظار الرجال المسلحين وبعد مضي ساعتين من  إطلاق النار تظاهرت الفتاة متحجرة ً بالموت، بينما كان لا يزال واحد من القاتلين متربصا ً كانت دماء عائلتها تجري متصببة ً نحوها. وعندما وصلت الدماء صوبها وقفت على قدميها و ركضت مسرعة، خطفت نور من قبل اثنين من الرجال الذين يعتقد انهم كانوا مراقبين وحراساً للقاعدة والذين أخفقوا في قتلها أيضا ًفقالت نور ببساطة :»لم يكن من المقدر لي ان اهرب». وجدها ابن عمها خارج منزل تعرض للقصف يعود لعائلة خرجت للمنفى وتم قتل إخويها الاثنين فيه في عام 2007 و اللذين يبلغان من العمر سبع و ست سنوات و تم إلقاء القبض عليهما على يد اثنين من المتمردين فتم ربطهما و تقييدهما داخل المنزل الذي احتجزا فيه و تم تفجير المنزل و تطايرت أشلاء الولدين متناثرة فيه. فكانت القاعدة مقتنعة بأن والد نور سلمان ذيب المقاول في الصرف الصحي يعمل لدى الأمريكان الذين كان لهم بدورهم شكوكهم الخاصة. وبعد مرور يومين على مقتل ولديه تم القاء القبض عليه و على ولده الآخر على يد الأمريكان الذين راودتهم شكوك تفيد بأنه كان يعمل مع نفس الجماعة التي كانت تودي بحياة  افراد عائلته واحدا ً تلو الآخر. وكان ذيب معتقلا ً في سجن بوكا الأمريكي في الوقت الذي قتل فيه المسلحون ولديه حيث كان لا يزال هناك غير قادر على حماية عائلته من المسلحين فلم يعلم ذيب بالامر الابعد مرور ثلاثة اشهر من حصول الحادث. و لم تنته هذه القصة المرعبة بالنسبة لنور حتى الآن.. حيث وافقت نور على مقابلتنا الشهر الماضي الا انها لا تزال خائفة من الذين يحاولون اقتفاء اثرها ووصلت الينا مع ابيها الشخص الوحيد الذي تثق به و الذي تم إطلاق سراحه من الاعتقال الأمريكي من دون وجود اي تهمة في شهر شباط. و وعدها والدها بأن يصطحبها الى المقبرة التي دفنت العائلة فيها. فلم تزر نور المقبرة من قبل. و حتى هذا الوقت و بعد مضي اكثر من عام لا تزال نور ترتدي الدشداشة الملطخة بالدم و التي كانت ترتديها حال حصول الحادث.» لم تغير نور دشداشتها من يوم الحادث  هذا ما قاله ذيب لنا بخصوص هذا الامر، وفي طريقنا الى المقبرة في بغداد سألت نفسي لم نور ليست في المدرسة؟ أجابني والدها قائلا ً: «انها لم تذهب الى المدرسة منذ الحادث (أي منذ عامين) لأنهم حاولوا اختطافها من المدرسة لأنهم يعلمون انها الشخص الوحيد الذي يمكنه توجيه التهمة اليهم». فبدلا من الذهاب الى المدرسة أ ُجبرت نور على البقاء في بيوت أقاربها الآمنة في أنحاء بغداد، وقد تزايدت أهمية  نور عندما تعرفت وأبوها على الشخص الذي كان من بين قتلة عائلتها وذلك من بين العديد من الأشخاص الغرباء، وأصبح شغل ذيب الشاغل منذ إطلاق سراحه ان يستعيد عمله في المقاولات وان يبرئ ساحته وان يجد كل من ساعد على ذبح عائلته.. وليست أي من هذه المهام مهمة سهلة المنال.ويقول ذيب:»لقد اعتقد سكان الحي اني كنت اعمل مع القاعدة فلا يجلس أي منهم بصحبتي وقد انتهى عملي وذلك بسبب تلطخ سمعتي بالعمل مع الإرهابيين والأمريكيين وحتى ان كان ذلك صحيحا يصعب علي ان اكسب ثقة الناس الا بعد مضي وقت طويل». ارتدت نور العباءة وقت وصولنا الى المقبرة في وقت ٍ مبكر من ظهيرة شتائية.. فوقعت نور على الأرض حيثما دُفِن أخواتها وأمها ومن ثم ذهبت الى قبر أخوانها ولم يكن في القبر أي شيء يدل على الظروف التي قُتل فيها أفراد العائلة . وقف ذيب خارجا و ابى ان يدخل بوابة المقبرة المحاطة بأشجار النخيل و التي تستخدم حتى الآن كغطاء لإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء في بغداد. و يقول ذيب انه لن يزور قبر عائلته حتى ان يتم وضع المسؤولين عن ذبح العائلة في السجن «حتى ذلك الحين سأكون غير قادر على نسيان الماضي و لكني على كل حال من الأحوال ناشدت القبائل ان تسوي الامر فقد أصبحت مثلهم .. فبدلا من ذلك كنت اريد ان اصدق بأن لنا نظاما للعدالة هنا في ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية
مواقف

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram