اعجبتني إجابة مختصرة لقيصر الكرة العالمية فرانتز بكنباور وهو يجيب أحد الصحفيين حول سر تألق المنتخبات الألمانية على الدوام ووصولها الى القمم العالمية في جميع المناسبات الكروية، وقد لخص إجابته بأن لألمانيا دوري كرة رائع وتحكيماً أروع .
لقد عزا بكنباور وبكل خبرته المتراكمة سر التألق في دوري الكرة أولاً لأنه الاساس وحجر الزاوية في العمل المنهجي الصحيح، حيث لا وجود في قاموسه أبداً لمصطلحات التأجيل والمجموعات وعدم نزول الأندية المتأخرة في الترتيب ، وهذا هو اساس المنافسة وازدهار كرة القدم كلعبة شعبية عالمية محبوبة .
تذكّرت هذه العبارة وأنا اتابع الاخبار المتواردة بتأكيدات تكاد تكون محسومة حول عودة دوري الكرة النخبوي الى الخلف رجوعاً نحو منهج المجموعات بواقع 24 فريقاً بصعود فرق متصدرة لدوري الدرجة الأولى وعدم نزول من يستحق النزول أصلاً أسوة بما يعمل به في العالم من حولنا منذ انبثاق فجر الكرة كدوري وهوية لكل بلد .
واتمنى حتى لحظة كتابة هذه السطور، أن تعيد لجنة المسابقات ومن خلفها الاتحاد جميع الحسابات التي لم تعد خافية على أحد اليوم من حالة الملل والترهّل التي ضربت اطناب الفرق بلاعبيها وصارت هماً تئِن تحت وطأته الأندية بلا استثناء، بثقل الحسابات المادية وصولاً الى ارتفاع حرارة الجو القياسية بفترة طويلة تراكمت بها التأجيلات بلا مبرر والأضرار التي يسببها للاعبين وحتى الجمهور، ناهيك عن ملف التراخيص المزعج وندرة البنى التحتية الجاهزة، حيث سجلت العدسات حالة البؤس التي حلت بارضيات افضل الملاعب وجميعنا يعلم ما تعنيه مشكلة التراخيص الآسيوية التي اشترطت على الاندية وجود ملاعب جاهزة، ما حدا بها الى الاستئجار أو الوقوف بعنق الزجاجة الخانق بانتظار فرج يأتي من الغيب حتى الساعة !
هل من المعقول أن نعيد الكرة مرة أخرى ونفاقم من حجم الفشل والإعداد لأندية اثقلها العوز والعناء أصلاً؟ وهل من المناسب أن نرجع الى تجربة اثبتت عقمها وفشلها بدوري المجموعات البائد؟
لقد أقرّ أكثر من مسؤول في اتحاد الكرة يضاف لهم عشرات النجوم السابقين، بأن الدوري فقد روحه التنافسية الى حدود بعيدة حتى صارت أقوى المواجهات بين قطبي الكرة الزوراء والجوية لا توحي بأنها مباراة قمة يقف على اعتابها توثيق الصدارة، هذه حقيقة يدركها تماماً حتى من يلعب داخل المستطيل الكروي، وأقول المستطيل فقط دون الأخضر، حيث لا فائدة من التلوين ونحن نعلم هذه الحقيقة المرة ، ولكن يبقى أملنا في التراجع عن هذه الخطوات قائماً، فلابد لمن يقفون على رأس الهرم الاتحادي، أن يعيدوا حساباتهم مرات ومرات قبل أن يتحول دوري الكرة الى العوبة مرهقة وحالة من اسقاط الفرض للوصول الى نهاية الماراثون لأجل الوصول فقط وتوثيق التواجد وبذلك تكون لعبة كرة القدم والمنتخبات الوطنية هي الخاسر الأكبر من هذه العملية التدميرية التي لن تجد من يوافق عليها وربما شهدت قطيعة جماهيرية غير مسبوقة، إن حصلت فعلاً، ما زلنا نحسن الظن بأن اتحاد الكرة وبعد التطور الحاصل في المنظومات الكروية من حولنا أن يكون له نصيب من هذا التطوّر بدوري رشيق وثوابت زمنية محددة تقينا حرّ الصيف وتكرّم منتخباتنا بمواهب واعدة.
دوري الكرة.. إلى الخلف !
[post-views]
نشر في: 18 يوليو, 2017: 09:01 م