ترجمة : عمار كاظم محمدالشعارات تعبر عن حلم البلاد بالوحدة «العراق للجميع» لكن الحقيقة تكمن في المكان الذي يمكن ان تلصق فيه وتكتب فهي تمتد على مئات من نقاط التفتيش التي تقسم العاصمة في الأسابيع القليلة المتبقية على الانتخابات الوطنية المقبلة. بغداد في الوقت الحاضر تبدو مختلفة قليلا عما كانت عليه في السابق حينما كانت البلاد على حافة الحرب الأهلية عام 2006
فقد كانت مقسمة ومليئة بالخوف ومحاطة بالحيطان الخراسانية المضادة للانفجارات، الحملات الانتخابية قد تذكي أحياناً بعض التوترات بوجود آلاف الملصقات للمتنافسين ورايات الحملة الانتخابية حول المدينة. انتخابات السابع من آذار المقبل للبرلمان القادم ستنتج حكومة تتحمل مهمة رعاية البلاد بعد مغادرة آخر جندي أمريكي للبلاد في نهاية العام المقبل ويجب عليها إدامة الأمن في وجه احتمالية ارتفاع وتيرة العنف ومعاناة المفاوضات لتقاسم السلطة بين أطراف العملية السياسية. ان فشل إحدى او كل تلك المهام سيدفع البلاد مرة أخرى الى العنف وفوضى السنوات الماضية او ربما يعيد اشعال النزاع الطائفي فيه من جديد كما حدث في عامي 2006 و 2007 والذي كاد أن يمزق البلاد اربا اربا لكن بغداد اليوم تقدم اطمئنانا للمستقبل بسبب الهبوط المثير لعدد الهجمات التي كان يقوم بها الإرهابيون. مخاوف الناس وشكاواهم مازالت قائمة يقول علي محسن وهو موظف حكومي يسكن شرقي بغداد «نحن نخشى أن تسير الامور من سيئ الى أسوأ فيما يتعلق بالأمن والخدمات بسبب انشغال المسؤولين بالانتخابات وانشغال البعض منهم بمصالحهم الخاصة» وعبر المدينة وفي منطقة الاعظمية شمالا يقول سالم خطاب محمد وهو طالب جامعي «انا مازلت لا اشعر بالأمان تماما في بغداد فالانفجارات أو إطلاق النار ممكن أن يحدث في أية لحظة». بعد سلسلة الانفجارات الدامية التي أصابت أهدافا حكومية في قلب بغداد في شهر آب الماضي أضافت السلطات الحكومية المزيد من نقاط التفتيش والجدران العازلة للآلاف الموجودة أصلا حيث أغلقت الطرق الرئيسية المؤدية الى الدوائر والأهداف الحكومية الأخرى المحتملة. البعض من نقاط التفتيش اتخذ طبيعة دائمية بوجود أماكن لنوم الجنود بالقرب من تلك النقاط ففي المدخل الجنوبي لمدينة الكاظمية التي تضم ضريحا مقدسا وأسواقاً شعبية وأسواقاً للذهب توجد هناك منطقة لتفتيش السيارات بحجم مسبح أولمبي وهناك الآلاف من رجال الشرطة والجنود العاديين يقومون بدوريات في الشوارع على مدار الساعة. وحفاظا على سلامتهم هناك الكثير من البغداديين يمنعون عن الخروج من أحيائهم بعد المساء والشوارع تفرغ تقريبا بين الساعة والعاشرة مساء على الأقل لكن الأحياء التي كانت ملتهبة في ما مضى مازالت محاطة بالجدران العازلة ودخول معظمها يتم عبر ممر وحيد تسيطر عليه قوات الأمن ما يجعل السواق يتحملون عبء الانتظار الطويل لأجل المرور وفي بعض الأحيان يتوجب عليهم إبراز هوياتهم التعريفية. قرب مسجد الإمام (أبو حنيفة) شمالي بغداد مازالت الحواجز الكونكريتيه تحمل آيات قرآنية «قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا» وتشكى صالح عمران وهو رجل متقاعد من تلك الحواجز قائلاً: «الى متى يجب علينا ان نتحمل هذه المأساة»، لكن الطريف في الامر هو ان نقاط التفتيش هذه هي واحد من الرموز الأكثر فعالية في بغداد منذ حرب إسقاط النظام عام 2003 والتي وفرت رؤية لتوحيد البلاد وما يجري فيها من محاولات لتخليصها من الفساد والطائفية وقد علقت عليها شعارات الولاء والإخلاص للوطن والناس فقط وعدم المحسوبية على حساب الواجب. على العكس من بعض الدعايات الانتخابية المختلفة في توجهاتها و التي تبلغ حد التحريض لدى البعض من كل جانب وهناك البعض من الملصقات التي حملت طابع المناطق التي تهيمن عليها الأغلبية من هذا الطرف أو ذاك او التي تنتمي الى التيار السياسي الديني لهذه الطائفة او تلك وهي إشارة الى أن البعض من المتنافسين مازالوا يعولون على نمط التصويت اعتمادا على الطائفة. ومما هو جدير بالذكر أن ما يزيد على 440 مرشحاً قد تم استبعادهم من المشاركة في الانتخابات على خلفية الشك بارتباطاتهم بحزب البعث وهو الامر الذي اثار جدلا واسعا واثار أسئلة كثيرة حول طريقة التصويت في الانتخابات المقبلة.عن/ الواشنطن بوست
شعارات نقاط التفتيش في بغداد تجسد احلام العراقيين
نشر في: 23 فبراير, 2010: 05:11 م