TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > صلاح حـسن: العراق يـعـيـش خرابا ثقافيا بـسبب الـعقـلية الـشفـاهية

صلاح حـسن: العراق يـعـيـش خرابا ثقافيا بـسبب الـعقـلية الـشفـاهية

نشر في: 23 فبراير, 2010: 05:27 م

حوار: علي عبد السادةالشاعر العراقي صلاح حسن بمكانه الهولندي الراهن، يدور هنا في العراق؛ مشحونا بالألم والغصة، والشعور العارم بضيق جغرافيات بالكاد يبرر لنفسه إنتماءه فيها .. سرعان ما يحاصره الضيق منها، ويرمق طريق العودة بعين متحسرة الى مكانه الأول، فيرتد منه عائدا بخفي صدمة عراقية بامتياز. صلاح حسن المتمرد الحالم أحسبه، كما فعل كثيرون، شاعرا متفردا بفجيعته على ذلك المكان الأول،
 وهو يستلذ بـ"لعنة بابل"، ناقما على لعنة الموت المجاني وعطب القيم وخلل المعايير، حزينا على ما خربته أزمنة الظلام فيه. صلاح حسن، اليوم ، وبعد ردح طويل من زمن الغياب، يصدمنا بيأسه، نعم انه يائس من بلد يتحول فيه الشرطي الى خاطف، والطبيب الى قاتل. يشكونا فقداننا الذاكرة، ويتهمنا بالنسيان السريع لما اقترفه الديكتاتور خلال العقود الماضية.. لكنه في النهاية يتمنى ان يتوقف نزيفه ونزيفنا.الحوار مع الشاعر صلاح حسن، كان لابد ان ينطلق من محطته البابلية، المكان الذي يتوق للعودة اليه.. rnلعنة بابلrn• لا اعرف كيف تحضر بابل فيك؟ كيف هي صورتها من نافذة لاهاي؟rn- اشعر إنني لم أغادر بابل ابدا، هي حاضرة في كل مكان اذهب إليه. أحيانا اشعر أنني محاصر ببابل فهي بالنسبة لي اختصار لكل شيء، انها الهوية والذاكرة ويمكن ان اجد فيها كل ما احتاجه. انا أفكر ألان مثلما فكر الاسكندر المقدوني قبل اكثر من الفي سنة، ان تكون بابل عاصمة عالمية ومركزا ثقافيا وهذه ليست أحلام يقظة، فأنا لم اتوقف عن التفكير في بابل منذ سقوط الصنم وحتى هذه اللحظة. لدي افكار كثيرة لتحقيق مشروع “ بابل عاصمة للثقافة “ بالتعاون مع اليونسكو والاتحاد الأوربي. المهم اولا ان يتوقف النزيف ويحل الأمن وبعد ذلك يمكن ان نتحدث في المشروع.اسم بابل مكتوب في اهم وثيقة احملها وهي جواز السفر، موظف الجوازات في البلدية يسألني ان كانت بابل ماتزال قائمة فأجيبه كما لو ان شخصا يشكك بوجودي” نعم قائمة كما اقف انا امامك “، في المهرجانات العالمية التي حضرتها في اوربا وامريكا اللاتينية يقدمونني مقرونا ببابل “ ولد في مدينة بابل عام 1960 “ اما في كولومبيا فقد كان الجمهور ومعه مدير مهرجان مديين العالمي للشعر وبعد الانتهاء من القراءة يصيحون (صلاح حسن، ايراك، بابلون). اما في لاهاي فهناك فندق كبير وقد يكون اكبر فندق في لاهاي اسمه بابلون اراه يوميا تقريبا. اما حضور بابل في شعري فهو مثل اللعنة.rnهولندا ولبنان تضيقان بهrn• في مناسبة سابقة قلت ان هولندا بدأت تضيق بك، وكذا الحال مع بيروت التي فكرت في الاستقرار فيها.. كيف تنظر الى تجربتك مع المنفى منذ عام 1992؟rn- يظن الكثير من الناس ان العيش في أوربا او أمريكا هو الجنة بعينها واعرف بعض الأصدقاء الذين جاءوا الى هولندا مؤخرا بصفة لاجئين كانوا يحسدوننا على العيش هناك، لكن هؤلاء الأصدقاء وبعد مرور سنتين على وجودهم في هولندا بدأوا يفكرون بالمغادرة الى اي بلد عربي بسبب الغربة وقسوتها والثقافة الغريبة التي يعيشون في ظلالها.المنفى من اكثر التجارب قسوة على الانسان لأنه يجرد الفرد من هويته ومن لا هوية له لا وجود له تقريبا، ثانيا المنفى يسلخ الفرد عن ثقافته ويحوله الى نبتة في ارض غريبة. الحل الوحيد للشخص الذي يعيش في المنفى هو الاندماج في المجتمع الجديد الذي يعيش فيه والأنخراط في ثقافته وما عدا ذلك فهو يقود الى العزلة والكآبة والأمراض النفسية  وحتى الانتحار.  ضاقت بي هولندا بعد ستة أشهر من وجودي فيها ولكن لعدم وجود خيارات أخرى قررت ان اتعلم اللغة الهولندية وهي بالمناسبة من أزعج وأصعب اللغات الأوربية وان انخرط في ثقافة هذا المجتمع الذي بدا لي غريبا ومختلفا لانني كنت اعرف ان محنة العراق ستطول، وهذا ما حصل فعلا. لم يكن الأمر سهلا على الاطلاق ولكنني ظللت احاول، وبعد سنة من ذلك حصلت على جائزة دنيا الشعرية (حصل على هذه الجائزة الشاعر الاسباني روفائيل البرتي ) ما جعلني معروفا للصحافة وبعض المؤسسات الثقافية التي بدأت تدعوني للمشاركة في الأمسيات الشعرية التي تقام في المدن الهولندية بين فترة وأخرى. هذه النقلة غير المنتظرة ساعدتني وكانت دافعا لمعرفة تاريخ هذا البلد والتعمق في فهم ثقافته عن طريق التعمق في دراسة اللغة ومعرفة اسرارها لان اللغة هي المنفذ الوحيد لفهم اي مجتمع. فوزي بالجائزة نفسها بعد سنتين كان حاسما للإسراع في تعلم اللغة لان الصحافة والتلفزيون بدأ بإجراء مقابلات معي عن الشعر والوضع في العراق. كنت في السنوات الأولى عندما ادعى للمشاركة في أمسية شعرية او مهرجان شعري اقرأ نصوصي باللغة العربية، لكن بعد ذلك بدأت اقرأ نصوصي باللغة الهولندية مباشرة وهذا كان جواز مروري الى الثقافة الهولندية. قبل أشهر كنت في زيارة الى بيروت هذه المدينة التي طالما حلمت ان أعيش فيها، بعد ان يئست من العيش في العراق. صادف وجودي هناك انتخابات لاختيار رئيس للبرلمان وما ان انتهت الانتخابات حتى بدأ إطلاق نار شديد عرفت بعد يوم واحد من ذلك انه أدى الى مقتل صبي وجرح العشرات، اصبت بصدمة نفسية قاسية لان أحلامي تبخرت كلها في لحظة. في تلك اللحظة فكرت بكوستاريكا التي كنت مدعوا لمهرجانها الشعري قبل سنتين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram