اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الثقافة العربية: الحداثة.. ما بعد الحداثة.. ما قبل الحداثة

الثقافة العربية: الحداثة.. ما بعد الحداثة.. ما قبل الحداثة

نشر في: 24 يوليو, 2017: 09:01 م

لو كنا قادرين على إجراء استفتاء في الوسط الثقافي العربيّ والعراقيّ، عن المنزلة التي تقف بها الثقافة العربية الراهنة، نعني في مجمل ظواهرها وليس باستثناءاتها: هل هي في موقف (الحداثة)، (ما بعد الحداثة)، (ما قبل الحداثة)؟ لتوصّلنا إلى نتائج متشاكلة، ترفض أي استنتاج سلبيّ مهما كان هادئاً موضوعياً.
غالبية الاجابات ستستخدم: (لَعَمْ)، أنها في الحداثة. ولم نرتكب خطأ في كتابة (لَعَمْ) فهي مركّبة من (لا ونعم) ومُسْتخْدَمة منذ وقت طويل قبلنا.
مما سيزيد الأمور سوءاً، أن بداهة مفهوم الحداثة، لم يجر الاتفاق عربياً على دلالته. بعضهم يشيج بوجهه عن مواجهته، بعضهم يسخر من المفهوم. من جهتنا، لم نعرف ثقافة عالمية معاصرة تسخر من المفهوم.
الحروب ذات الوجوه الدينية، والأخرى المؤجَّلة ذات الأبعاد القومية، ومساهمة مثقفين معروفين في المداهنة، أو السكوت عن الجوهريّ في أمر هذه الحروب، أو المساهمة فيها، دليل صارم واحد عن تردد ثقافة العرب بين الحداثة، وما قبل الحداثة وما بعدها. تردّدها نعني به نكوصها.
تبرير هذا التردد بسطوة الميديا والمال والغايات التي تبرر الوسائل دليل ثانٍ لا يقلّ فتكاً.
على صعيد المنجز الإبداعيّ، وفي إطار السؤال نفسه دوماً، لا علائم قاطعة على خيار بين تلك الخيارات الثلاثة. فهناك كثير من الكتاب مع مفهوم الحداثة وما بعدها في المنجز التقنيّ المكتوب، وفيما قبل الحداثة في الموقف العمليّ الضارب في مفاهيم (ضدّ - حداثية)، مع وفرةٍ من التبريرات المنطقية، الشكلية وغير الشكلانية، التي تصيب المرء باللهاث، حتى أننا سنكتشف المواقف الفعلية، من العالم والإنسان، لبعض مثقفينا الحداثيين بعد دهر وصبر.
لا تعبّر تقنيات العمل الإبداعيّ عن موقف وجوديّ وإنسانيّ جوهريّ أبداً، فهي متاحة للجميع وبأقنعة شتى.
تنوُّعُ أشكال الحداثة وما بعد الحداثة وأقنعتها وفق خيارات فردية لا متناهية من المزاجات والأساليب والسياسات، صار حجّة وتعلَّة ممتازة لاستخدام قناع المرائي والمُداهِن الذي يطمس خياره الفعليّ، يطمس جلية الأمر، حتى في قضايا قتل الإنسان و(الوطنية) و(استخدام الهمزات وحروف العلة). ما هي جلية الأمر يا هذا؟ لا جلية ولا هم يحزنون. لا مرجعية ولا بطيخ. يُراد لك ألا  تعرف ماذا تعني قصيدة النثر اليوم على وجه الدقة، مثلما لا تعرف حدود (اختلاس أموال الدولة) أو حدود الإرهاب، أو دلالة (التناصّ) والفارق بينه وبين السرقة الفكرية. لا وجود في حداثة وما بعد حداثة عربية للحدود بين المفاهيم إلا الحدود الجغرافية المقدّسة بين البلدان. وحتى فكرة الجرأة على المقدّس والجنسانيّ والملكية الفكرية تصير جراءة وتَعَدٍ وقلّة كياسةٍ.
نحن جميعاً، نتصرّف بصفتنا حداثيين وما بعد حداثيين في (سياقات ما قبل حداثية). هنا المقتلة. هل يمكن لهذا أن يكون منطقياً؟ وما المنطق يا رجل؟ سؤالك منذ البدء يعاني من خلل فادح. في العراق، وفي العالم العربي، قيم القبيلة والعائلة واتحاد أبناء المحلة والمدينة والمنطقة والحزب دُمِجت، أدمجها مثقفون حداثيون في حداثهم دون أن يرفّ لأحد جفن. في العراق وفي العالم العربيّ، الجميع من أنصار علي الوردي، شريطة أن لا يمسّه منطق الورديّ شخصياً.
الحداثة، وما بعد الحداثة، ليسا ادعاءً لغوياً. وهذا ما تكشفه لنا وسائط التواصل الاجتماعيّ ومنابر النشر العربية الكبرى، بنوع من البلاغة التي تتفوق على الكلام السائد.
نحن نكتب يا سيدي فقط، ولا شأن لنا بعدئذ بالمفاهيم التي تتحدّث حضرتكَ عنها. حجة أخرى لإسكاتنا عن قول خلل مفضوح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram