المهناوية .. هي إحدى نواحي محافظة (الديوانية) تقع على الحدود الفاصلة مع النجف، حيث تجاورها ناحية الحرية أو (الصليجية) كما كنا نسميها. والمهناوية في السجلات الرسمية للدولة العراقية (ناحية) منذ العام 1961م .. ولكنها في الحقيقة منطقة مأهولة منذ
المهناوية .. هي إحدى نواحي محافظة (الديوانية) تقع على الحدود الفاصلة مع النجف، حيث تجاورها ناحية الحرية أو (الصليجية) كما كنا نسميها. والمهناوية في السجلات الرسمية للدولة العراقية (ناحية) منذ العام 1961م .. ولكنها في الحقيقة منطقة مأهولة منذ سنوات طويلة وتعود التجمعات السكانية الحديثة فيها الى بدايات العهد العثماني... وربما أقدم من ذلك بكثير.. أما في العهود العراقية القديمة جداً، فقد كانت مدينة عامرة كما تؤكد ذلك كثـرة (اليشن) الأثرية التي تحيط بها وكذلك قربها من مراكز الحضارة في العالم القديم حيث بابل ونفّر وأوروك...
ولكن يبدو أنها غرقت بالمياه حتى بدأت تجف رويداً رويداً، بسبب انحسار الماء عنها... وكان أهل الحلة يسمونها (الهور) وحتى الآن بعض أقاربنا يطلقون عليها الاسم القديم نفسه... وبالمناسبة في الحلة أيضاً ناحية لها نفس الاسم، ذكرها العلامة الكبير أحمد سوسة (1900م...1982م) في مذكراته، وهذا الأمر يشير الى أن اسم (مهناوية) لاعلاقة له بما هو شائع من أنها سميت بذلك نسبة الى عائلة السادة آل مهنا التي كانت تسكنها في القرن التاسع عشر أو أنها سميت نسبة الى رجل اسمه (مهنا) كان أول من سكنها ... لأن مهناوية الحلة لها الاسم نفسه ولم يسكنها السادة آل مهنا أو مهنا... لذا أظن أن الاسم تحوير لاسم آخر .
المس بيل والجيجان
المهناوية غابة نخيل أو هكذا ترى من الأعلى.. حيث يسقى الشط الكبير (فرع من نهر الفرات) جانبي (أبو جفوف) ليتفرع منه (الجيجان) الذي يتكفل بسقي المناطق الآخرى... والجيجان سمّي بذلك نسبة الى الوالي العثماني (محمد باشا الشيشان) الذي زار المهناوية ... ومن الشخصيات التي زارت المهناوية أيضاً المس بيل ( 1868م...1927م) التي عملت متخفية بهيئة رجل أفغاني (مطهرجي)... وكانت مسؤولة عن ختان العشرات من أهالي المهناوية ومناطق كثيرة في الفرات الأوسط في بداية القرن العشرين.. ولها قصة مع رجل من المنطقة ملخصها أنها ذات يوم وأثناء تخفيها بهيئة رجل، اضطرت للمبيت عندهم وقد أصر ذلك الرجل أن يذبح لها ديكاً رغم ضيق الوقت لأنها وصلتهم متأخرة.. بعد سنوات طويلة زار هذا الرجل بغداد بمعية أحد زعماء العشائر وكانت (المس بيل) حاضرة .. فلما أراد الشيخ الانصراف قامت الخاتون كما كانوا يسمونها بإكرام الحاشية ببعض الربيات.. فلما وصلت أمام ذلك الرجل ضاعفت له المبلغ.. فاستغرب الحضور تصرفها ... فقالت لهم (هذا رجل كريم..) وذكرته بتلك الليلة، حيث تعشت عندهم وسط استغرابهم وذهولهم..
جعفر الخليلي وجريدة الراعي
وفي المهناوية واحدة من أقدم مدارس العراق التي انشأت على الطراز الأنكليزي في البناء عام 1928وظلت قائمة حتى عام 2004م ولها الفضل الكبير في نشر التعليم بين أبناء المنطقة.... وتمتاز أرضها بالخصوبة لذا اشتهرت بأنها مدينة العنبر، فضلاً عن إنتاجها الوفير من القمح والشعير وبعض المحاصيل والخضر التي تزرع في قراها الكثيرة مثل اللوبياء والباميا والخيار والباذنجان، وفيها أهوار صغيرة المساحة لكنها كانت فيما مضى عامرة بالأسماك والطيور.. ولاتزال أطرافها تجتذب هواة الصيد وأكثر الطيور شهرة فيها هي الحجّل والدراج ... وفيها تقريباً أنواع النخيل المعروفة في العراق، فهناك الخستاوي والدكل والنيرسي والبربن والمكتوم وأصابع العروس والخضراوي .. لكن للزهدي خصوصية كبيرة، حيث ينتشر في ربوعها بنسبة كبيرة وذلك لطبيعة إنتاجه التي تمتاز بالوفرة ومقاومة فترات الخزن الطويلة.. وفيها مزار معروف يقع في أطرافها لسيد من ذرية الإمام الكاظم يعرف بسيد أسماعيل يزوره الناس لاسيما في الأعياد وينذرون له... وممن سكنها الشاعر الشعبي المعروف الحاج زاير الدويج (1860م..1919م) وكانت له أخبار ومواقف مع الشيخ عبادي آل حسين (1855م...1935م) وهو إحدى الشخصيات المؤثرة في أحداث العراق مطلع القرن العشرين، وكان من ضمن أعيان العراق الذين اتصلوا بالشريف حسين بن علي (1854م..1931م) ليكون أحد أولاده ملكاً على العراق .. وله مساهمة فعّالة في ثورة العشرين على الرغم من أنه كان في الـ(65) من عمره وقد غضبت عليه بريطانيا وقصفت مضيفه وزجّت به في سجن الحلة مع بقية الثوار، ولم يطلق سراحه الاّ عام 1921م وفي الحكم الملكي كان ضمن الدورة الأولى لمجلس النواب العراقي وهو رجل متنور جداً يقدر العلم وأهله، إذ استقدم الأستاذ جعفر الخليلي (1904م..1985م) للإشراف على تعليم أبنائه .. ومن ثم ساعد الخليلي على إصدار جريدة (الراعي) عام 1932م وكانت أول جريدة يصدرها، وممن زارها الملك فيصل الثاني(1935م- 1958م) برفقة الوصي عبدالإله. وكانت زيارة الملك بدعوة من المرحوم الطيار كاظم عبادي (1913م-1982 م) وكان حينئذ قائد القوة الجوية (1954م- 1958م).
ومن أعلامها النائب والوزير أركان العبادي (1915م - 1969م) وهو من أبرز نوّاب العهد الملكي .. درس في معاهد وكليات بريطانيا سنوات طويلة... وكان يتكلم أكثر من 3 لغات، فضلاً عن اللغة العربية التي يجيدها ويتحدث بها بلباقة قلَّ نظيرها... وله مؤلفات فكرية مهمة وفي أيام توليه لوزارة الشؤون الاجتماعية حدث فيضان بغداد الشهير عام 1954م فأدار تلك الأزمة بمهارة كبيرة على الرغم من الصعوبات والمعوقات الجسيمة.
المهناوية عبارة عن أيشانات ثلاثة تحيط بها المياه من كل جانب، وتقع غرب موقع الناحية الحالي بمسافة واحد ونصف كم، وقد تكونت بالأخص على ايشان (أل كوير) ثم امتدت إلى ايشان (عكر) . كانت تسمى سورا من نواحي الكوفة وتعرف صدورها اليوم بالجذع وتنبع من جهة شط الحلة اليمنى، باتجاه الكوفة ومنطقة سورا سابقاً. تبعد الناحية عن مركز المحافظة 36 كم، حيث يربطها طريق معبد تم انشاءه عام 1983 الذي يرتبط بالشارع الرئيس الذي يربط محافظة الديوانية بمحافظة بابل والعاصمة بغداد. تحوي مدارس بواقع 21 مدرسة ابتدائية و4 مدارس متوسطة، منها واحدة للبنات كما توجد مدرسة ثانوية مختلطة وروضة واحدة للأطفال وتعتبر الزراعة من أهم الحرف التي يزاولها أبناء الناحية، حيث يقوم اغلب السكان بزراعة الحبوب وبخاصة الرز (الشلب) والحنطة والشعير وتكثر في الناحية بساتين النخيل، فضلاً عن قيام السكان بتربية المواشي. المهناوية الآن دخلها الايقاع المتسارع للحياة العصرية... بدأت أطرافها تفقد أنماط البناء الريفي التقليدي وبدأ أهلها يغيرون من عاداتهم، وربما قلّ تعلقهم بالمكان والزراعة لكنها ماتزال ريفية متشبثة بمخالب الذكرى وتحتضن غرينها الأزلي. تصحو على رفيف الفواخت والكروان وتغفو مع زقزقة العصافير وهي عائدة الى الغرب واليوكالبتوز والصفصاف وما أجمل ما قاله أحد أبنائها وهو في ريف لبنان..
كش ياجبل لبنان البزل جنة..... كرنفل العاكول والصبخة حنة