ليس في بال القائمين على السياحة في البلد، تفعيل المشاركات في المهرجانات السياحية الدولية عبر جناح خاص يعرض ما نمتلكه من مواقع وصناعة تراثية سواء في المجالين الديني أو الأثري، على الرغم من أن هذه المشاركات تشكل عامل جذب كبيراً للسيّاح والمستثمرين في ا
ليس في بال القائمين على السياحة في البلد، تفعيل المشاركات في المهرجانات السياحية الدولية عبر جناح خاص يعرض ما نمتلكه من مواقع وصناعة تراثية سواء في المجالين الديني أو الأثري، على الرغم من أن هذه المشاركات تشكل عامل جذب كبيراً للسيّاح والمستثمرين في القطاع السياحي في آن واحد، بحسب مختصين بالشأن الاقتصادي، وفي وقت يرجّح مسؤولون في هيئة السياحة أسباب عدم المشاركة بالمهرجانات السياحية الدولية الى الوضع المالي الذي يمر به البلد، يؤكدون اليوم، باتت تقتصر على اجتماعات طريق الحرير التجاري، كون العراق يربط بين الدول التي تقع على هذا الطريق من الشرق الى الغرب، وهو يسعى مع منظمة السياحة العالمية، لعقد أحد اجتماعات ذلك المهرجان في بغداد.
بهذا الشأن يقول رئيس هيئة السياحة محمود الزبيدي في حديث لـ(لمدى)، إن الوضع المالي الصعب الذي يمر به البلد، أسهم في تراجع مشاركات العراق في المهرجانات الدولية للسياحة، موضحاً: كنا سابقاً ومن العام 2010 حتى العام 2014، نشارك في معارض سياحية عديدة في لندن وبرلين ودبي وموسكو، عبر عرض المنتجات الشعبية التراثية والفلكلورية المنوّعة. مبيناً: أن المشاركة لم تقتصر على ذلك، بل كانت للوفد حوارات جانبية مع الوفود المشاركة لأجل توطيد العلاقات مع الجميع، وفتح آفاق التعاون المستقبلي.
واستدرك الزبيدي: لكن التقشف الذي يمر به البلد، حال من دون الاستمرار بالمشاركة في المعارض السياحية التي اقتصرت على الحضور فقط دون المشاركة. مؤكداً: لدينا الآن مشاركات في طريق الحرير التجاري، وهو حدث سياحي يعقد كل ستة أشهر، من خلال تجمع 33 دولة يمر بها هذا الطريق التجاري التاريخي الذي يمتد لآلاف السنين، إذ يعتبر العراق الرابط بين الشرق والغرب من الصين الى أوروبا. مضيفاً: أنه تم احياءه على مستوى تسهيل حصول التأشيرة بين هذه الدول وعمل سوق حر لعرض بضائعها وتسويق صناعتها وتراثها، بالتالي، فإن حضور العراق في هذا التجمع كان فاعلاً ومهماً، وكانت لنا مشاركات عدة من خلاله بتقديم عروضنا السياحية والتسويق للسياحة في الخارج، من جانب آخر، فنحن نطمح ونسعى الآن لعقد أحد اجتماعاته في بغداد، الأمر الذي نتحرك للتنسيق بشأنه مع منظمة السياحة العالمية بهذا الصدد.
الخبير الاقتصادي أشرف عمارة، له رأي آخر حيث يؤكد في حديث لـ (المدى)، أن مسؤولي السياحة في العراق، لا توجد لديهم ايّة خلفية عن طبيعة المهرجانات السياحية التي تُقام في الدول الأخرى، على الرغم من أن المشاركة في هذه المهرجانات من خلال جناح عراقي خاص بما يملكه البلد من تراث وآثار وصناعة، تطلع عليه الشركات السياحية للدول الأخرى يُعد في غاية الأهمية، مستطرداً: عندما أذهب لأعرض بضاعتي وتراها الدول الأخرى، فهو بمثابة إعلان جذب لتلك الشركات، أن تأتي للتعامل معي بنفسها في الجناح العراقي، سواء في مجال السياحة الدينية أو السياحة الأخرى.
واستدرك عمارة: لكن عندما لا توجد أيّ مشاركة عراقية في معرض سياحي أو مكان تتعرف الدول على الحضارة والصناعة والنشاط السياحي والصناعات الشعبية من خلاله، فهي بالتأكيد ستذهب الى أجنحة أخرى، مما يفقد البلد فرصاً اقتصادية كثيرة ومهمة. مسترسلاً: بل يتعدى الأمر ليشمل تحديد السعر في التعامل، والذي سيكون وفق رؤية البائع. مستغرباً: لانعرف لماذا العراق لا يشارك في هذه المهرجانات، خاصة وأن القائمين عليها هم من يتكفلون بكل المصاريف.
ويجدد الخبير الاقتصادي تأكيده: على أن العراق لم يشارك بهذه المهرجانات بشكل فاعل ومؤثر، حتى أن آخر مهرجان سياحي أقيم في دبي نهاية العام الماضي، لم تكن لنا فيه أيّ مشاركة، سواء بجناح عراقي أو من خلال الحضور، مستدركاً: لو كانت لدينا مشاركة فعلاً كما يقول البعض بشكل مؤثر، كانت ستثمر شيئاً ملموساً في المجالين السياحي والخدمي للمرافق السياحية في العراق، وبما لا يترك مجالاً للشك، أن القائمين على السياحة في البلد، لم تكن لديهم مشاركات فاعلة ومؤثرة في المهرجانات السياحية الدولية.
وأضاف عمارة: بالتالي وحتّى تكون لدينا مشاركات في مهرجانات كهذه، فاعلة وتثمر عن شيء، يجب علينا أولاً أن نعمل على اصلاح البنى التحتية في المرافق السياحية وفي المحافظات التي تحوي تلك المرافق سواء أكانت الدينية أم الأثرية، مردفاً: فنحن عندما نقوم بتحسين البنى التحتية لهذه المواقع، نستطيع عرضها للعالم بالشكل الأمثل الذي يجذب السيّاح لنا من كل دول العالم، مما يخدم البلد مالياً بشكل كبير، في وقت لانحمّل خزينة الدولة أية أموال، لأن المردودات المالية من تحسين البنى التحتية من خلال جذب المستثمرين والسيّاح ستكون كبيرة جداً.
ويمتاز العراق بتنوع وثراء منتجاته التراثية والشعبية، سواء أكانت النسيجية أم الصناعات اليدوية من تحف وانتيكات، ففيما مضى، كان السيّاح الأجانب يحرصون على اقتنائها، لكن الحال الآن يختلف، كما يبيّن جعفر جواد، أحد العاملين في مجال الصناعات الشعبية: بصورة عامة، فإن صناعاتنا الشعبية تعاني الإهمال خاصة بعد أن فقدت عدداً كبيراً من زبائنها، وهم السياح العرب والأجانب، فهؤلاء كانوا يشترون كميات كبيرة قبل عودتهم الى بلدانهم، وبذلك كانوا يدفعون لنا أجوراً جيدة. مردفاً: أما الآن فنحن نحاول أن نعمل من اجل الاستمرار في العطاء، وحتى لا تموت هذه الصناعات الشعبية التي هي موروث مهم من تراثنا، أكد: ضرورة المشاركة في المعارض الدولية الخاصة بالسياحة والمنتجات الشعبية والتراثية التي تعكس صورة إرث وثقافة العراق الغنيّة.
ويشدد باحثون في الصناعات التراثية الشعبية، أن الأمر يتطلب اعادة عضوية العراق في (مجلس الحرف العالمي) كونه مؤسسة عالمية ثقافية مرتبطة بمنظمة اليونسكو تشارك فيه اكثر من مئة دولة كأعضاء مساهمين ومشاركين في المؤتمرات الدولية التي يعقدها المجلس وتعمل على التعريف بالحرف اليدوية والصناعات الشعبية للهيئات والمؤسسات والدول المنظمة له عن طريق النشرات التي يوزعها وتضم أخبار وصور الصناعات الشعبية لأعضائه على اكثر من خمسمئة عنوان في مختلف أنحاء العالم، كما يعمل المجلس على تبادل الخبرات والتدريب والمشاهدة والمساهمة في تحسين الإنتاج اليدوي الشعبي والإكثار من الصناعات الشعبية وتعميمها وتبادلها وفتح الأسواق العالمية لتصريفها، مما يجب على هيئة السياحة والحرفيين الشعبيين أن يعملوا على تحسين إنتاجهم والمحافظة على أصالة صناعاتهم الشعبية وإبراز تراث العراق الحضاري في كل ما ينتجون ويصنعون.