الكثير من العراقيين ممن خاضوا غمار العمل السياسي قبل عشرات السنين ، اختاروا من الكنى ما يلائم توجهاتهم الأيديولوجية ، فهذا ابو عروبة ويعرب ووحدة ورسالة وعقيدة ، واخر ابو نضال وكفاح ، وانتصار وجلاء وفهد وزعيم وروزا ، وديمتري ، واحدهم اختار لابنه البكر اسم رفيق ، واصبحت كنيته " أبو رفيق " وهو لم يكن قياديا ، لكنه عبر عن ايمانه بفكر الحزب بطريقته الخاصة .
المرحوم كريم مطرود كان الأكثر حماسة بين رفاقه في تنفيذ الأوامر الحزبية . في مدة زمنية قصيرة استطاع تعلم القراءة والكتابة ، بتوصية حزبية من الرفاق المسؤولين، اطلع على التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي السابق وانتصارات الجيش الأحمر على النازية ، استوقفته شخصية ستالين حتى حفظ مقولاته فاخذ يرددها داخل اسرته ومكان عمله ، واعجابا بشخصية الزعيم الشيوعي قرر اطلاق اسمه على ابنه البكر . المرحومة ام كريم كانت اول المعترضين على اطلاق اسم غريب لحفيدها الأول ، لوحت بترك منزل ابنها والعودة الى قريتها احتجاجا على "ستالين " على الرغم من انها لا تعرف معنى الاسم والى اية عشيرة او حمولة ينتمي الرجل ، لكنها أصرت على ان يحمل الحفيد اسما من اختيارها. توصلت العائلة الى حل وسط بان يحمل الوليد اسمين الأول للتداول الداخلي والآخر للخارجي .
بمرور الزمن ومع ملاحقة الأنظمة المتعاقبة لمعارضيها وخاصة لقوى اليسار في العراق تعرض المرحوم كريم مطرود للاعتقال ، بعد اطلاق سراحه تقاعد من العمل السياسي وشكر ربه وقرأ سورة الفاتحة على روح والدته ، لأنها أصرت على ان يكون اسم ستالين في السجلات الرسمية "عبد علي" فأنقذت ابنها من تهمة خطيرة عقوبتها الإعدام او السجن المؤبد .
النخب السياسية العراقية المشاركة في الحكومات المتعاقبة لم تعترف بشكل صريح بفشلها ، ولكنها اتجهت نحو الانشطار لتشكيل تنظيمات جديدة بهدف تحقيق مكاسب انتخابية لضمان تمثيلها في الحكومة المقبلة . ما يثير استغراب المعنيين بمتابعة الشأن السياسي العراقي ، حرص المنشطرين على اختيار أسماء تنسجم مع الرغبة في الإشارة الى القاب محددة لها تأثير فعال في توسيع قاعدة التأييد الشعبية بحسب اعتقاد المنشطرين .
الحركة الانشطارية في الساحة العراقية وفرت فرصة للزعماء السياسيين تشكيل تيارات جديدة ، بأسماء الزعماء ، للخروج من الانتماء الطائفي والمذهبي بحسب مزاعمهم ، والانطلاق نحو الفضاء الوطني الواسع بطريقة بدلنا عليوي بعلاوي . مفوضية الانتخابات المشكوك باستقلاليتها تواصل منح الاجازات للأحزاب تجاوز عددها المئات ، اللهم زد وبارك ، في الأيام المقبلة سيتضاعف العدد وربما يتجاوز الألف حزب من دون ان يعرف العراقيون شيئا عن برامجها وقادتها المؤسسين ، مصادر تمويلها.
الواقع الراهن يفرض على العراقي اختيار كنية "ابو خيبة " لأنها تعبر بشكل حقيقي وبصورة ثلاثية الابعاد عن حجم معاناته ، واحباط تطلعاته في إقامة نظام ديمقراطي يتمتع بالاستقرار الأمني والسياسي وتلك كانت امنية المرحوم الرفيق أبو ستالين ، كريم مطرود .
ستالين كريم مطرود
[post-views]
نشر في: 28 يوليو, 2017: 09:01 م
جميع التعليقات 2
أبو أثير / بغداد
ألأستاذ الكريم ... لو أخذت أحصائية عددية بأسماء المواطنين العراقيين لوجدت أن القسم ألأعظم هي أسماء دينية أسلامية باذات كألأسم محمد وأحمد وعلي وحسين وحيدر وعمر وعبدالله الى آخره وتأتي بعدها أسماء ألأئمة ألأطهار وعظام القادة المسلمين والعرب في التأريخ ... أ
ناظر لطيف
مقال رائع ترتقي سخريته لما يحدث من احداث ساخرة ومؤلمة في العراق الجديد شكرا للاستاذ علاء حسن