TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ناقوس الخطر ..

ناقوس الخطر ..

نشر في: 28 يوليو, 2017: 09:01 م

عندما يقدم المرء على الانتحار ، ينتفي لديه الاحساس بالشجاعة او الجبن كما اعتقد ، يصبح الأمر خلاصا من حالة يأس كامل ، فلو كان الانتحار وليدا للشجاعة فيمكن للمرء ان يفكر في بديل مناسب ولو كان يشعر بالجبن من مواجهة امر يصعب عليه تحمله ويجد في الانتحار حلاً له فقد يمكن أن يتردد ويتراجع عن قراره في آخر لحظة ، اما حالة الاحساس باليأس الكامل فهي التي تقود حتما الى الانتحار وهو مااقدم عليه عدد كبير من العراقيين في الفترة الاخيرة ليتحول الى ظاهرة مجتمعية تتفاوت نسبتها بين محافظة واخرى وتشكل خطرا على أمن وسلامة المجتمع ..
في محافظة ذي قار مثلا ، سجلت الاحصائيات مؤخرا نسبة غير مسبوقة في عدد المنتحرين ، ففي اسبوع واحد ، حدثت اربع حالات انتحار كان الضحايا فيها من الرجال رغم أن من المعروف عالميا ان النساء هن الاكثر ميلاً لانهاء حياتهن لدى تعرضهن لظروف قاهرة ..اية ظروف قاهرة اذن تلك التي بدأت تدفع الرجال الى اليأس الكامل ومن ثم الانتحار ؟!
يرى الباحثون الاجتماعيون إن الفقر سبب اول خاصة اذا ماعلمنا ان محافظة ذي قار من اكثر المحافظات العراقية معاناة من الفقر ومشاكل التعليم والسكن والصحة وعدم تكافؤ الفرص فضلا عن وجود اسباب اخرى كالاعراف الاجتماعية القاسية وشيوع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومايتولد عنها من اضرار اجتماعية تؤثر على الفتيات خصوصا كنشر صورهن او تهديدهن بها مايؤدي بهن الى حالة من العجز واليأس تقودهن الى الانتحار..وهناك سبب يفرض نفسه رغم عدم الاعتراف الكامل بدوره في تزايد حالات الانتحار وهو انتشار تعاطي المخدرات وماينتج عنه من اختلال في التعامل مع المجتمع وتأثير سلبي على سلوك الفرد يتلخص بحالة انعدام التوازن لديه ممايسلمه الى اليأس واللامبالاة وبالتالي الانتحار ..
في العراق ، نعرف جميعا ان هناك غيابا واضح للمؤسسات التي تبحث في مسببات تلك الظواهر وتعالجها اذ يقتصر الأمر على محاسبة المحرضين على الانتحار –ان وجدوا – قانونيا ضمن المادة القانونية (408) من قانون العقوبات التي تنص على معاقبة من يسهم في فعل الانتحار بالتحريض او المساعدة ، لكن هذا الامر لايعد رادعا كافيا فهناك من يجد في الانتحار فضيحة كبرى ولايتطرق لتفاصيله، وهكذا يفقد المنتحر حياته وحقه القانوني ويعتبر ضحية لسلوكه الشخصي ..
من هنا فأن وصول الانتحار الى مرحلة تحوله الى ظاهرة يدق ناقوس الخطر ويصبح معه التحقيق الامني ليس كافيا والنص القانوني ليس رادعا لذا تبرز الحاجة الى الاهتمام بالجانب النفسي والاجتماعي للفرد العراقي عن طريق المؤسسات المتخصصة وتوعية المواطن بالاثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي والمخدرات وما الى ذلك ...هذا في حالة كون تلك الاسباب هي التي تقف وراء تفكيره في الانتحار ، ولكن ، كيف يمكن ان نثني مواطنا عن انهاء حياته وحياة اولاده احيانا حين يفقد القدرة على مواجهة وحش كاسر كالفقر أو الظلم الاجتماعي ؟...هل تكفي النصيحة والتوعية أم يكون الحل في انقاذ المواطن العراقي من اليأس بتوفير فرص عمل وسكن وضمان اجتماعي وهي من ابسط حقوق أي مواطن في العالم كله
الحل يكمن بالتأكيد في ازالة مسببات اليأس لكن صعوبة تنفيذ ذلك في ظل انشغال الحكومات بتقاسم المناصب وتحقيق المكاسب الشخصية يمكن ان تسلمنا نحن أيضا الى اليأس فقد تواترت السنين والدورات الانتخابية دون أن يتحسن وضع الفرد العراقي ..وهكذا قد يصبح الانتحار حلاً في نهاية المطاف حتى لمن يجد في الأمل وسيلة لمواجهة صعوبات الحياة ، لأن غرسة الأمل لاتنمو في تربة قاحلة ..ومهملة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram