TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حين يكون الفساد عقداً اجتماعياً

حين يكون الفساد عقداً اجتماعياً

نشر في: 29 يوليو, 2017: 09:01 م

المواطنون في البصرة فاقدو الأمل بحكومتهم المحلية، وهناك آمال معطلة تماما  بامكانية قيامها باعمالها، وهي بحكم المنتهية ولايتها او شبه المتوقفة، قبل أن يصعد رئيس المجلس صباح البزوني الى محكمة الجنايات بتهمة تعاطي الرشوة في قضية الكهرباء، بل قبل ذلك بأمد طويل، إذ اننا لم نشهد صلحاً وتوافقاً أو نيّة بالعمل المشترك  من أجل البصرة بين المجلس والدوائر التابعة له وبين المحافظ والدوائر التابعة له،  منذ ان توليا معا إدارة المدينة هذه، قبل نحو أربع سنوات. المحافظ من كتلة المجلس الأعلى (البصرة أولا) حيث لا اولاً ولا أخيراً، ورئيس المجلس من الدعوة، جناح المالكي، وغالبية أعضاء الحكومة يتفاوتون في نفوذهم بين البدريين والصدريين، اما البقية الباقية فهم بتعبير الشارع العشائري(لملوم) لا حول لهم ولا قوة.
  الشارع البصري يتبادل لغطاً وحديثاً يطول شرحه، ويتجنب الناس الخوض فيه، فالقضية لم تعد سياسية، او مصلحة عامة، نعم، العشيرة والحزب السياسي والمجموعة المسلحة هي من تتحكم وتفرض سلطتها، فهو(الشارع) في بعض تقديراته يترقب الساعة التي سيلتحق فيها النصراوي (المحافظ) بغريمه البزوني( رئيس المجلس)، ذلك لأن التهم باتت تكال الى هذا الفريق وذاك الفريق، ويبدو أن الكل تخلى عن الكل، فأحاديث مثل امكانية توجيه التهمة بالفساد الى الدائرة الفلانية لم يعد سراً، إذ الكل متهم في المدينة الخربة، التي تعطلت  المشاريع فيها وتوقفت عجلة الاصلاح عندها.  فدوائر مثل: الاستثمار ودوائر مثل العقود ودوائر مثل الكهرباء والماء والخدمات والصحة والشرطة وووو كلها دوائر قابلة لكي يقول المواطن فيها كلمة ما.
       في العراق اليوم، لا يمكن الحديث عن مفصل خال من الفساد، من يملك المال وبيده آلية صرف ما، ومن يملك ختماً وتوقيعا فهو جاهز للتهمة، بل وجاهز لتعاطي الرشوة، فالفساد في العراق أصبح ممارسة ووظيفة وتعاطي الرشى لم يعد سرا، ولا يكاد يسلم من ذلك موظف نافذ، ومن وجهة نظر الشعب لا يمكن تبرئة دائرة عراقية، أي دائرة، ذلك لأن شرف الوظيفة والالتزام بقواعد الخدمة عند البعض باتت من مسميات الماضي، ويكاد العراقيون يجمعون على أن الوظيفة المتقدمة تعني في بعض اهدافها الاستحواذ والغنى والتسلط والسرقة وهدفا لجمع الاراضي والبساتين والعمارات والمنافع الشخصية، حتى أمست الوظيفة في موضع التهمة لدى البعض، وبات الموظف الشريف النزيه غريبا، تبحث عنه فلا تجده وإن وجدته فهو لا يقدم ولا يؤخر، ومن لم يمارس الرشى وترتيب وضعه فهو عاجز، جبان أو بمعنى من المعاني هذه، بحسب تصور غالبية أبناء المجتمع.
  ما نسمعه من أحاديث الناس وتعاملاتهم الشخصية في دوائر التقاعد والمرور والشرطة وغيرها ما لا يمكن تصوره. والغريب أن الاحاديث تلك تتم في باص المصلحة والتكسي والشارع والمقهى والسوق والمضيف والمسجد، لكن لا جديد في الحلول ولا حلول جديدة، هناك شبه عقد اجتماعي بين الفساد والمجتمع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ناظر لطيف

    مع الاسف ان يكون هذا حال بلد مثل العراق. كاتبنا طالب عبد العزيز أحييك على مقالك هذا ,اود ان اشير أن كان هناك دائما تظهر بعض شخصيات الحكومة المحلية أو ما يسمى بالمجلس البلدي على الفضائيات وكانت تطلق الدعوات دائما وغالبا نحو اقليم البصرة، السؤال اليوم ماذا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram