يعتبر الموسيقار الروسي ديمتري شوستاكوفيتش(1906-1975" من أشهر الموسيقيين في القرن العشرين وكرس معظم مؤلفاته الموسيقية للاحداث التاريخية التي وقعت في بلاده. وبينها سيمفونيته الحادية عشرة "عام 1968" والقصيدة السمفونية المغناة "اعدام ستيبان رازين"
يعتبر الموسيقار الروسي ديمتري شوستاكوفيتش(1906-1975" من أشهر الموسيقيين في القرن العشرين وكرس معظم مؤلفاته الموسيقية للاحداث التاريخية التي وقعت في بلاده. وبينها سيمفونيته الحادية عشرة "عام 1968" والقصيدة السمفونية المغناة "اعدام ستيبان رازين" وملحمته السمفونية "لينينغراد" وسمفونيته الثامنة اللتان تم تأليفهما إبان الحرب الوطنية العظمى. كان دميتري شوستاكوفيتش يتتبع في ابداعه تقاليد وضعها بيتهوفن وباخ ومالير، إلى جانب الموسيقيين الروس موسرغسكي وتشايكوفسكي وبروكوفيف.
لم يقتصر ابداع دميتري شوستاكوفيتش على تأليف السيمفونيات، بل انه يعد مؤلفا للمقطوعات الموسيقية للغناء الجماعي والرباعيات والكونشرتو والاوبرات إلى جانب تأليفه الموسيقى التصويرية للافلام السينمائية والمسرحيات
عانى هذا المسيقار العظيم كثيرا من اساليب الحكم الستاليني ولعل قصة فيلم (بابل الجديدة ) الذي عرض لاول مرة عام 1929 نموذجا لتلك المعاناة حيث قامت الرقابة السوفيتية باقتطاع اجزاء منه عند عرضه.
وعلى الرغم من أنه قدم موسيقى "جميلة" تفاعلت مع التنقلات السريعة للفيلم ، إلا ان ديمتري شوستاكوفيتش كملحن تم تجاهله لانه "لا يعرف شيئا عن الموسيقى". وكان كل ذلك لأن صناع الفيلم كان لديهم كل الحق ليشيروا في المشهد الختامي الأصلي للفيلم أن عسكرة المجتمع كانت ربما ليست هي الطريق الدنيوي إلى الجنة السوفياتية.
وعندما تم عرض الفيلم، الذي كانت قصته تتركز على احداث كومونة باريس في عام 1871 ، أمرت الرقابة بحذف 20 في المئة من الفيلم، بما في ذلك النهاية "التحريضية".
ولسوء الحظ، فإن الموسيقى التصويرية للفيلم التي قام بتأليفها شوستكوفيتش، وكانت مخصصة للنسخة الأصلية، بقيت كما هي، مما أدى إلى توجيه الانتقادات اللاذعة للملحن البالغ من العمر آنذاك 23 عاما بعد مرور ثلاثة أسابيع. على العرض العام للفيلم بعد ثلاثة أسابيع. وتم منع تقديم الموسيقى التصويرية للجمهور
لكن العاصمة البريطانية شهدت عرض النسخة الاصلية للفيلم و للمرة الأولى منذ ان قدمت أمام رقابة موسكو، مصحوبة بالموسيقى التصويرية التي ألفها شوستكوفيتش.ومن المعروف جيدا أن فيلم بابل الجديدة، الذي عرض في صالة عرض باربيكان في لندن ، هو آخر فيلم عظيم من الحركة الطليعية السوفياتية، حين تم بعد ثورة 1917، دعوة الفنانين لخلق فن جديد لعالم جديد. ولكن هذا تغير مع صعود ستالين وفرض سيطرته على الدولة.
الفيلم الذي اخرجه كوزنتزيف وتروبير مؤسسا إحدى الفرق المسرحية الطليعية في العشرينيات يدور حول العلاقة بين لويزا، العاملة في مركز(بابل الجديدة) للتسوق في باريس، وجان، الجندي في الجيش الجمهوري الفرنسي.
وقال ماريك بيتل، الذي قاد فريق البحث الدولي للعثور على القطع المفقودة في الفيلم ثم استعادتها وإنتاج الفيلم من جديد، ( إن النهاية الأصلية للفيلم كانت تحمل رسالة غير مستساغة للسلطات. واضاف "ليس هناك شك في انها كانت تعتبر في تلك المرحلة تخريبية جدا ومثيرة للجدل ومعادية للعسكرة". تم عرض ذلك الفيلم الصامت مرة واحدة في لينينغراد ولكن عندما عرض على هيئة السينما في موسكو والتي كانت تعرف باسم سوفيكينو، ، تم اعتقال المخرجين لمدة أسبوع في حين "اتخذت قرارات حول ما يجب حذفه من مقاطع الفيلم". واصبحت النهاية الجديدة للفلم ، وفقا لبيتيل، تركز بشكل اكبر الآن حول مزايا الشيوعية بدلاً من رسالة الفيلم الاصلية التي كان عنوانها "لا تنضم إلى الجيش".
ونظرا لضيق الوقت قبل العرض الأول، الذي كان بعد أسبوعين ليتزامن مع كومونة باريس، لم يتم إعادة صياغة موسيقى شوستاكوفيتش لتتلائم مع ما تم حذفه من الفيلم.
وقال بيتل: "كان ذلك خطرا". "لم يكن هناك ما يكفي من الوقت للقيام بأي شيء مع الموسيقى". كان هناك حفنة من العروض "الرثة" قبل أن يتم التخلي عن الموسيقى وتقديم الإيقاعات العادية..
تألق نجم شوستاكوفيتش في ظل النظام السوفيتي حتى منتصف الثلاثينيات. وقد استقبلت أوبرا (سيدة ماكبث من منطقة متسنسك) بحماس عند صدورها في عام 1934 ولكن بعد أن شاهدها ستالين في عام 1936 لم تعجبه ، فنشرت مقالة في صحيفة برافدا الحكومية تنتقدها بشدة وتم منع عرضها لم يكتب شوستاكوفيتش أبدا أوبرا أخرى، ولكنه عمل في الكونسيرفاتوار حتى استذكرته الدولة مرة أخرى في عام 1948. ورحل في عام 1975.
وقد استخدم بيتل نسختين منفصلتين للفيلم بالإضافة إلى سيناريو للفلم، يحتوي على نهاية "مثيرة"، ونشرت في مجلة الفيلم السوفيتي في عام 1929.
ولسوء الحظ،فانه يعتقد أن لقطات النهاية الأصلية قد دمرت عندما سقطت قنبلة ألمانية على أرشيف لينينغراد في عام 1941.
عن: صحيفة التايمز