كاظم الواسطيلم يبق إلاّ القليل من الوقت للكثير مما ينتظره المواطن العراقي من الذين سيجلسون، ممثلين له، تحت قبة البرلمان. أيام معدودة سبقها كلام لا تُعَد مفرداته عن برامج عملٍ قادمة، ووعودٍ، لا يلزمها سوى زمن الترشيح، بتجاوز اخفاقات، أو ما يسميه البعض « فشل « التجربة الحالية – برلمانا وحكومة – ووضع حدٍ لكل التداعيات السياسية والخدمية التي أبقت المواطن في أسرها،
وتحت قسوة تأثيرها، خلال المرحلة الانتخابية السابقة. وقبل هذا باعوام، يدور الحديث في كل مكان عن تأثير المحاصصة الطائفية على واقعنا السياسي والاجتماعي، متجسّدة في توافقات سياسية هشّة، ومنزوعة الثقة، سببت اختلالا في بنية العمل الحكومي والبرلماني، على حد سواء. وتجلّى ذلك، في الخلافات المستمرة على اتخاذ القرارات التي لها علاقة بمصالح المجتمع والدولة، وما سببه تأجيلها المتكرر من أضرار في حياة المواطن والوطن. وهنالك قوى الإرهاب التي دمرّت الكثير من الممتلكات الخاصة والعامة، وفتكت بالأكثر من أرواح المواطنين الابرياء، تحت مسميّات وأسباب مختلفة، لم تتفق النخب المؤتلفة في العملية السياسية على تحديد هويتها الحقيقية، ووضع ستراتيجية عمل وطني مشترك متفق عليها بين قادة الكتل والاحزاب لمواجهة تلك القوى،والاتفاق على آليات فعّالة تساعد على تجفيف ينابيعها في الداخل، بعد تشخيص حاضناتها المحلية وكشف حقيقتها أمام المواطن العراقي، ليعرف كيف يتعامل بوضوح مع ما يحيطه، وماهي الاساليب المناسبة للتعاون في منع الاخطار التي تهدد حياته، وتمنع بناء وطنه. لقد جعلت، تلك المسمّيات والاسباب المختلفة،قوى الارهاب والجريمة في العراق، عالما شبحياّ لا حدود محلية لهويته، يتسلل، كما الهواء، إلى أسواقنا ومؤسساتنا وشوارعنا، ليقيم مجازره الدموية موّزعة على أيام الأسبوع. من جهة أخرى ظل الفساد المالي والاداري يدور على لسانٍ المواطنين، بمختلف شرائحهم ومشاربهم، ومتداولاً على مدار الساعة في وسائل الاعلام المختلفة. وظلت المشكلة الأكثرايلاما، بالنسبة للمواطن، هو تشخيص بعض المفسدين، ممن لديهم مواقع في الدولة والحكومة، دون اتخاذ اجراءات قانونية بحقهم، وافلات معظمهم من المحاسبة والعقاب، مما خلق التباساً مربكاًفي موقفه مما يجري، وأضعف علاقته بالدولة ومؤسساتها. إن ضعف هذه العلاقة شكّل تأثيرا سلبياً على مختلف مجالات الحياة السياسية والأمنية. لا اريد من ذلك نفي ما تحقق من انجازات نسبية ملموسة في مجال تحسين الواقع الأمني، ولا الغاء دور بعض المخلصين في العمل من اجل الانتقال إلى واقعٍ سياسي أكثر تماسكاً ونضجاً، وفي ظل ظروفٍ محلية واقليمية خلقت الكثير من العراقيل في طريق العملية السياسية، ومحاولة افشالها بكل الوسائل. ولست مع من يدعي فشل هذه العملية بدوافعٍ مضللة، بل أنا مع الاعتقاد بأن التجربة العراقية، بعد عملية التغييرعام 2003، تعيش حراكا سياسيا واجتماعيا وثقافيا لم يبلّور، بعد، معطىً محدداً، يمكن اعتباره شكلا للفشل أو النجاح. ومن هنا يتم التركيز على دور النخب السياسية في دقة التشخيص لحالات الخلل، والعمل باستقامة ونزاهة على بناء هذه التجربة على وفق ما تقتضيه مصلحة المواطن ومستقبل الوطن. والجزء الأكبر من الحل يعتمد اليوم على دور الناخب العراقي، ومشاركته النوعية في الانتخابات القادمة. والمشاركة النوعية تعني حسن اختياره للمرشحين، وان لا يخضع لأي تأثير خارج ارادته، يصادر صوته الحقيقي الذي يحدد شكل العملية السياسية القادمة، وطبيعة النخب السياسية التي يعتمد عليها في ادارة شؤون البلاد، وحل المشاكل العالقة , ولأن القائمة الانتخابية مفتوحة، والمرشحون متاحون بالاسماء، فأن المواطن نفسه سيتحمل جزءاً من مسؤولية العملية السياسية بعد الانتخابات، ولهذا ينبغي أن يجعل من نفسه طرفاّ مشاركاً في صنع القرار، لا يسكت عن ضياع صوته في خفايا المنصب والنفوذ، ويتابع عمل من منحهم هذا الصوت. فليضع المرشحون الجدد هذا الصوت فوق برامجهم، وقبل وعودهم.
وقفة :الصــوت القــــادم
نشر في: 24 فبراير, 2010: 04:59 م