تمر اليوم الذكرى 15 لولادة صرح (المدى) الذي تسابق القائمون على تأسيسه ليكون الوليد الجديد نموذجاً صلباً في بنيانه، حُرّاً في افكاره مستشعراً هموم الشارع، باحثاً عن الحقيقة في دهاليز وخفايا زمن، تشابكت الأحداث وتغيّرت خارطة الرؤى في كيفية بناء نهج جديد لعمل الصحافة الحقيقية، بعيداً عن التأثيرات والإملاءات والاجتهادات الشخصية.
ولأن الإيمان بإحداث نقلة التغيير الجذري في أسس ومنهجية الأداء الصحفي الرياضي يتطلّب شخوصاً وأدوات وفكراً يستلهم الواقع الجديد بإيجابياته وسلبياته أولاً، ثم يبتكر طرقاً علمية ومهنية سلسة تستغل فيه فسحة الحرية المتاحة فتقترب من منابع الحقيقة بشكل جريء ملتزم يحفظ الحقوق ويرتدي روح القانون دون اساءة أو مزايدة ليرصد الخلل إن وجد ويمنح الحلول دوراً في المعالجة ويعزز النجاح متى ماكان حاضراً .
هكذا كان التوجه بالعمل بإشارات فكرية استلهمها جميع الزملاء بالمعايشة أو التوارث ممن سبقهم ليكون نتاج الأداء شاهداً على تلك الحقيقة طيلة السنوات الماضية بعد أن طوِّعت الاقلام لخدمة المؤسسات الرياضية بكل مسمياتها تقويماً ونقداً هادفاً يسهم في نهوضها دون أن تكون بعيدة عن اطلاع القارئ بتفاصيلها بشفافية بعيداً عن التهويل والتزويق.
عندما نتصفح بعض المحطات المهمة التي مرت على الرياضة العراقية.. سنجد أن (المدى الرياضي) كانت حاضرة بقوة وبرداء يميزها مقالاً أو حواراً أو بطرح موضوعي، حرصت على أن يكون للخبراء والشخصيات الرياضية من الرواد دور في تعضيد المواقف وإبداء الرأي والمشورة، فكان للدكتور باسل عبد المهدي والدكتور عبد القادر زينل والدكتور حارس محمد وغيرهم الكثير مساحة واسعة وحضور متميز على صفحات الجريدة اسهمت في وضوح صورة الحدث وألغت قيود التواصل بين القارئ وخبراء العمل الرياضي.
من المفيد أن نقف عند بعض الاحداث المهمة التي كانت بصمة المدى واضحة في فك طلاسم اسرارها بعيداً عن الإثارة، ولعلَّ أزمة قانون الاندية وما حصل من خلافات وتداعيات وتضارب في الآراء كان شاهداً على الاسلوب المهني الذي اتبع في احتواء جميع الاطراف سواء من رئيس لجنة الشباب والرياضة البرلمانية أو رئيس اللجنة الاولمبية أو وزارة الشباب والرياضة وطرح آرائهم بحوارات تجاوزت الروتين وتقديم حلول متوازنة وعملية تسهم في ردم الهوة بما يخدم الرياضة العراقية.
أما ازمة اتحاد الكرة وخاصة بعد تداعيات خروج المنتخب الوطني من المنافسة على احدى بطاقات التأهل الى كأس العالم 2018 فقد كان للقسم الرياضي سياسة واضحة بشقين، الأول قبل القرار على تولي الملاك التدريبي مهمة قيادة الأسود واسلوب اختيار اللاعبين والاستعداد حيث حذّرنا مراراً وتكراراً من خطورة ضياع الجهد والوقت من خلال عملية فصل المنتخب الأولمبي عن الوطني وتوجيه الدعم للمشاركة في الأولمبياد على حساب تصفيات كأس العالم الأهم، وما يترتب عليه من خلافات ربما تكون سبباً في خسارة اهداف المشاركتين، وهو ما حصل بالفعل في حين كان الشق الثاني يميل الى تهدأة المواقف وطرح الحلول المنطقية خارج اصوات التصعيد الانفعالي أو اثارة الشارع الكروي وصولاً الى قناعات وتفاهمات لتصحيح الأوضاع من خلال تشخيص الخلل بحيادية وتحميل المسؤولية لكل من أسهم في تراجع الكرة العراقية.
إن مسيرة تفعيل الأداء المهني وابتكار ادوات جديدة ترتقي بالصحافة الملتزمة نحو آفاق أكثر إشراقاً هو ضرورة نسعى اليها وحديث لا ينقطع عن مسامعنا في كل لقاءاتنا وحواراتنا مع القسم الرياضي الذي يبحث دائماً عن التجديد والتطوير وصولاً الى نموذج راقٍ وواجهة تنافس اشقاءها من الصحف الأخرى لتكون خير شاهد وممثل لإرث وتاريخ الصحافة الرياضية العراقية في الداخل والخارج.
أزمات برؤية ملتزمة
[post-views]
نشر في: 4 أغسطس, 2017: 09:01 م