TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > على خطى الموضة

على خطى الموضة

نشر في: 4 أغسطس, 2017: 09:01 م

 

أكثر موهبة يتقنها المسؤولون في بلادي هي الانقلاب على أفكارهم بمعدل 180درجة حسبما تقتضيه ظروف المرحلة ...فمن المناداة بأفكار متطرفة وتبني خطابات طائفية  من خلال الدعوة الى نبذ التطرف والتعايش السلمي ، ومن التشدد الاسلامي لبعض الاحزاب الى المناداة بأفكار ديمقراطية ومدنية ، ومن الدعوة الى الإصلاح والتغيير الى التمسك بالقوانين التي تضمن بقاءهم في السلطة ...هؤلاء المسؤولون الذين رفعهم الشعب على أكتافه ليضعهم على مقاعد السلطة وجدوا أنفسهم فجأة في مكان هو أعلى من أكتاف الشعب التي تسلقوها فبدأوا ينظرون إليه بتعال واستخفاف وصار البقاء في الأعلى مطلبهم ومبتغاهم بينما ظل الشعب يشرئب بانظاره اليهم أملا في تنفيذ وعودهم له ...إنهم يجيدون السير على خطى الموضة فيقلدون الصرعات الجديدة لكسب التأييد الشعبي رغم ان إرضاء الشعب هو- آخر همهم – لكن أصواته تهمهم !
حين خرج ممثل السيد السيستاني مثلا في إحدى خطب الجمعة ليعلن عن رغبة المرجعية بترصين أسس التعايش السلمي في المجتمع ، خرج علينا أكثر من مسؤول –اشتهر بعضهم بخطاباتهم الطائفية – ليعلنوا عن ضرورة التعايش السلمي ونبذ التطرف بل دعا مجلس الوزراء في جلسة طارئة الى سن قانون لتجريم التحريض الطائفي والعنصري وخطاب الكراهية ...وحين صار التركيز على اهالي المناطق المحررة عالميا وتناول الإعلام قصصهم وتحولت قضية النساء الإيزيديات الى حدث شهير ، بات اغلب المسؤولين يطلقون على أهالي تلك المناطق اسم (أهلنا ) ويتشدقون بمعاناتهم متناسين الاسباب التي حولت مناطقهم الى خراب وابناءها الى نازحين ...أما حين دعا رئيس الوزراء في بداية تسلمه المنصب الى الإصلاح وكشف ملفات الفساد فقد انبرى اغلب المسؤولين الى نشر الغسيل القذر لبعضهم البعض وباتوا يطرقون على وتر تغيير الوجوه المستهلكة بوجوه (تكنوقراط) ..وكانت آخر تلك الصرعات هي الانشقاق من الكتل الكبيرة وتكوين كتل جديدة ، فما إن اقدمت عليها احدى الكتل حتى لحق بها البقية في ظاهرة تشظي غريبة ومبتكرة تهدف كما يقال الى استحداث الافكار والوجوه والطاقات لإنتاج خليط أفضل يليق بالمرحلة المقبلة !! وحتى هذه اللحظة مازال تقليد الموضة والصرعات الانتخابية والسياسية جاريا و(مفيش حد أحسن من حد) ، لكن الحقيقة الوحيدة التي تعلن عن نفسها وسط هذه الموجة من التقليد الأعمى هي ان هؤلاء المسؤولين مستعدون لسلوك كل السبل ليواصلوا التربع على أكتاف الشعب والبقاء في الأعلى ،لأن النزول الى مستواه قد يفقدهم مناصبهم ، وهكذا وأمام أول اختبار يكشفون عن نواياهم فيمررون القوانين التي تحافظ على مكاسبهم ويبعدون عن طريقهم كل حجر عثرة يمكن ان يعيق تسيدهم المشهد العراقي ..
المطلوب من الشعب هذه المرة ألا يمرر أكاذيبهم وأن يكف عن تأييد مايصدر عنهم من صرعات فليس فيها حلول لمشاكله بل لمشاكلهم فقط ولمخاوفهم من فقدان المناصب ، فهل على الشعب أن يساندهم ليواصلوا التربع على
أكتافه؟!

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram