adnan.h@almadapaper.net
للتذكير فقط، فإننا – أنتَ وأنا - لسنوات كثيرة امتدّت عقوداً، ناضلنا معاً من أجل الأهداف ذاتها: الحرية، الديمقراطية، التنمية، والحكم الذاتي (ثم الفيدرالية) لكردستان العراق.
كنّا قريبين من بعضنا طوال الوقت، كأننا جئنا من أم واحدة وأب واحد. في الجامعة عملنا معاً في أيام النضال السرّي، والعلني كذلك. في السجون والمعتقلات تعرضنا للتعذيب القاسي ذاته على أيدي الجلّادين أنفسهم .. تحمّلناه بقوة إيماننا المشترك بأن الطغاة أعمارهم قصار مهما طال بها الزمن وبأن المستقبل لنا. وفي تلك الأيام وفّرت لكَ الحماية في بيتي (البغدادي أو الموصلي أو البصري) من أعين جواسيس الأمن، وقدّمتَ أنت لي الملاذ في السليمانية وأربيل عندما لاحقني الجلاوزة.
عندما صعدتَّ الجبل مُلتحقاً بقوات البيشمركة، في مختلف العهود، لحقتُ بك نصيراً.. كنتَ كريماً معي، لا أنكر هذا، وفي مجرى واحد سال دم رفاقك ورفاقي الذين قدّموا أرواحهم قرباناً لقضيتنا المشتركة القائمة حتى الآن. ويومَ تحررتَ أنتَ من حكم الطغيان بفضل الانتفاضة (1991) والحماية الدولية، كنتُ أنا فَرِحاً مثلك بما تحقّق لك .. شاركتُكَ التطلّع لأن يؤسّس الاقليم تجربةً ديمقراطيةً تكون دليلاً وقدوة لي ولأهلي العرب في سائر مناطق العراق لنبني الدولة الديمقراطية الاتحادية التي جابهنا نحن الإثنان الكثير من المشقّة والعسف والعذاب والجوع في سبيلها.
يومَ سقط الدكتاتور في بغداد احتفلنا معاً، وقلنا بلسان واحد أننا قد صرنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمنا التاريخي المشترك.
لم تمضِ الرياح بما تشتهي السفن .. هذا أمر واضح .. وهذا لم يكن خاصّاً بك وحدك .. أنا أيضاً وجدتُ أن الذين تولّوا الحكم في بغداد قد خانوا أحلامي وأحلامك، وهي أحلام الشعب العراقي بمختلف قومياته، فقد انصرفوا إلى فسادهم الذي تحقّقه لهم سلطة استحوذوا عليها بالغشّ والكذب وتقديم الرشى وتزوير نتائج الانتخابات، واحتكار المناصب والوظائف بتعيين عديمي الكفاءة وناقصي الخبرة والوطنية ومزوّري الشهادات فيها.
أعرفُ أن السوء الذي نالني قد نالك أيضاً.. وأعرفُ أن هذا ممّا كان وراء تبنّيك شعار الاستقلال للاقليم، بعدما أعيتك الحيلة في إعادة القطار إلى سكته.
أنا أتفهم هذا، فلقد كنتُ منذ البداية، كما تعرف، ولم أزل مؤيداً عن قناعة لحقّ الكرد في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة الموحدة.
لكنّك، أخي النائب الكردي، تخذلني الآن الخذلان الكبير بوقوفك في مجلس النواب في صفّ هؤلاء الذين حطّموا أحلامنا المشتركة وزادوا الخراب المتوارث من عهد الدكتاتورية وحروبها خراباً، ليُصبح خرابنا المشترك اسطورياً. لا أفهم موقفك، بل إنه يثير حنقي وغيظي .. لا أستحق منك أن تكون مثل "سكينة خاصرة"، تصوّت في المجلس لصالح القوانين المناهضة لمصالحي والمحطمة لأحلامي في عراق ديمقراطي آمن ومزدهر، فيدرالي أو كونفدرالي إذا ما اخترتَ البقاء فيه، وجار مسالم لك، إذا ما اخترتَ الاستقلال.
أخي النائب الكردي .. ليس هذا عشمي فيك، أن تمرّر قانوناً ينتقص من حريتي في التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، المكفولة في الدستور .. ليس عشمي فيك أن تصوّت لصالح قانون انتخابات يكرّس احتكار السلطة في أيدي هؤلاء الذين أطاحوا آمالنا المشتركة ويسعون لتخريب علاقتنا التاريخية، وسوى ذلك من القوانين السيئة .. إذا كنتَ ذاهباً إلى الاستقلال لماذا تريدني أن أعيش في دولة دكتاتورية شبيهة بالدولة التي ناضلنا طويلاً ضدها؟ .. وإذا كنتَ تريد البقاء معي في هذه الدولة، فلماذا تكون عوناً لحكّامها على ان يستبدّوا بنا نحن الإثنين مثلما استبدّ بنا نظام صدام؟
لماذا؟؟؟؟ .. أجبني ..!
جميع التعليقات 6
خالد السلطاني
كأنك تقول ما في ذهني وقلبي، كأنك تفضح بكلماتك تلك اولئك الذين يدعون بانهم حريصون على المثل والمبادئ اكثر منا. عشت وعاش قلمك تحياتي واحتراماتي
أحمد هاشم الحسيني
ما خان الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن .
أبو أثير / بيروت
أستاذ عدنان ... قلها بصراحة وبدون مجاملة لسياسة الصحيفة التي تعمل فيها ... لماذا صوت النواب ألأكراد وخاصة نواب حزبي ألأتحاد والديمقراطي الكردستاني لقانون سنياغو بالنسبة التي أرادتها ألأحزاب ألأخرى الدينية وألأسلامية لكبيرة التي تسيطر على المشهد السياسي وت
حميد الكفائي
ربما لأنه لم يكن صادقا معك وربما لأنه كان منذ البداية يريد الخلاص من العراق الذي كنت تريد إصلاحه كي يكون وطنا للجميع وربما لأنه لا يهتم لما سيحصل في العراق بعد قيام الدولة الكردية لأنه لم يكن له أي حب أساسا... بإمكانك أن تزيل (ربما) إن شئت فقد وضعتها للمج
نزار حنا الديراني
أضيف الى قولك أيها الاستاذ الفاضل بأن الاكراد صوتوا لصالح قرار إجتثاث البعث وحل الجيش الا انهم لم يطبقوه في اقليمهم وصوتوا للمحاصصة الطائفية المقيتة إلا انهم لم يطبقوها في الاقليم صوتوا لصالح قرارات جعلت العراق محط صراعات وتخلف وشوارعه مكتظة بالنفايات وال
سامي الرمضاني
عزيزي الاستاذ عدنان حسين اتفق مع العديد من النقاط التي طرحتها حول طموحات ونضالات الشعب العراقي بجميع قومياته عبر عشرات السنين من النضال المشترك من أجل الاستقلال الوطني وضد الطغيان والطغاة وخاصة نظام الطاغية صدام. ولكن ماتذكره عن حكام العراق اليوم في بغدا