بعد محاولات عدّة للعلاج مستخدماً المراهم والعصارات المختلفة، والتي فشلت جميعها بعلاج التهاب وجهه، لازم (عمار) البيت وقرر الحصول على إجازة مرضية ليومين من عمله، بسبب "احمرار وجهه" الذي اشتد وترصع بحبوب تكاثرت من دون توقف، مسببةً التهاباً جلدياً حادّاً
بعد محاولات عدّة للعلاج مستخدماً المراهم والعصارات المختلفة، والتي فشلت جميعها بعلاج التهاب وجهه، لازم (عمار) البيت وقرر الحصول على إجازة مرضية ليومين من عمله، بسبب "احمرار وجهه" الذي اشتد وترصع بحبوب تكاثرت من دون توقف، مسببةً التهاباً جلدياً حادّاً، اضطره للتوجه الى طبيب مختص بالأمراض الجلدية، ليصفَ له علاجاً تضمَّن مراحل عدّة للشفاء، من ضمنها البقاء في المنزل بعيداً عن الشمس لمدة كافية، بعد استخدامه لعدّة مراهم مختلفة اشتراها من أحد "مراكز التجميل" كانت السبب في تفاقم حالته الصحية، كما أخبره الطبيب.
على طريقة الوجبات السريعة
أنس عادل (صحافي) يقول لـ(المدى): اعمل في أغلب ساعات النهار، ومع ازدياد حرارة الشمس التي تصل حدّ الغليان يتحتم عليَّ في بعض الأحيان الخروج للشارع، مستدركاً: ولكن في الأيام القليلة الماضية، اصابتني بعض الحروق في الوجه، وبحكم انشغالي الدائم، لم استطع الذهاب لطبيب مختص في الأمراض الجلدية، الامر الذي اضطرني لشراء "مرهّم" للحروق من إحدى الصيدليات القريبة ..
ويتابع عادل: في صباح اليوم التالي لاحظت أن حروقي ازدادت فيما انتقلت عدوى الحروق الى مناطق أخرى من جسمي، تبيّن بعد ذهابي لطبيب مختص، أن "العلاج" الذي استخدمته لم يكن علاجاً صالحاً للاستخدام، ولم يكن من مناشئ "انكليزية" كما مكتوب على المادة، وإنما تم تصنيعه محلياً!. لا نبالغ إن قلنا بأن الكثير من محال بيع "المراهم وعلاجات الجلد الطبية" تنتشر كانتشار محال بيع الخضراوات والألبسة، حتى بات بعضها يسمّى "مركز تجميل" ، وبعضها لا تختار لها اسماً لأنها بكل سهولة "بسطية أدوية" في سوق شعبي.. وليس ببعيد عن أرصفة الأسواق الشعبية، عند الدخول في شوارع وأزقة المدن، هناك من يصنع المراهم الجلدية والعلاجات مختلفة المهام في البيت يدوياً، عن طريق تجميع بعض الأدوية وخلطها ومن ثم تعبئتها في علب تزداد أسعارها بازدياد حجمها، يسميها يوسف ابراهيم خلطات لتصفية الوجه ومراهم طبيّة للشعر" مؤكداً أنه يتعامل مع احدى الصيدليات، ومحال الحلاقة النسائية والرجالية، لبيع بضاعته والترويج لها، مردفاً بالقول إنها متوفرة في كل مكان ويستخدمها النساء والرجال بشكل دائم لرخصها ولآثارها الجيدة .
فيما يستخدم محمد محمود طالب اعدادية مايعرف "بالخبطة الطبيّة" لغرضين الاعتناء ببشرة الوجه وازالة حب الشباب ويفضّل الحصول عليها من مصادر تصنيعها غير المرخصة، لانتشارها وسهولة الحصول عليها.. ويقول محمد لـ(المدى): احصل على عبوات "الخبطة الطبيّة" من محل حلاقة ارتاده دوماً، اخبرني صاحب المحل أنه يملك علاجاً جيداً لحب الشباب، وهو بسعر زهيد يستخدم لمرة واحدة في اليوم، ووعدني بمفعوله الذي ينعكس بعد اسبوعين من الاستخدام اليومي المتواصل.
ويؤكد محمد على "فعاليتها وعملها الجيد" ويؤكد أيضاً على أنه في حال ترك استخدامها تتدهور اموره بعد أيام معدودة، وكأنه لم يستخدمها مطلقاً، الامر الذي يجبره على استخدامها باستمرار دون توقف، غير مدرك لأثارها "الخطيرة" على الجلد والتي تظهر بعد تراكم الاستخدام على المدى البعيد..
كشفيات الأطباء تنعش الأسواق السوداء
كالأمراض المزمنة تعاني اغلب المستشفيات العامة من قلة الأدوية، وهي ظاهرة ليست حديثة العهد، تدفع بالباحثين عن وصفة علاج من طبيب مختص للتوجه صوب العيادات الطبية الخاصة، التي يتوجب عليك دفع تسعيرة "الكشفية" ليقوم الطبيب بفحصك كاتباً لك العلاج، فتتوجه الى الصيدليات التي تكون في العادة قرب عيادات الاطباء لتأخذ العلاج.. يؤكد الكثيرون ومنهم أحد الكسبة الذي جمعنا به حوار قصير، أن دخلهم اليومي لايسمح لهم بالذهاب لطبيب مختص ثم صيدلية من اجل الحصول على علاج، فأسعار الكشفيات مرتفعة وربما يتوجب عليك الرجوع لأكثر من مرة للطبيب، فضلاً عن اسعار الادوية المرتفعة في الصيدليات، الأمر الذي يدفعهم الى التوجه لمصادر أخرى للعلاجات تتنوع بتنوع المرض، منها مايعرف "بطب الاعشاب" وآخر "الطب الروحاني" واذا كان العلاج لأكبر عضو في الانسان (الجلد) فهنالك السبل الكثيرة ذات الأسعار المناسبة.
ويوضح ماجد عبد الحسين (كاسب) لـ(المدى): لاحظت أن شعري بدأ بالتساقط، ولم اعر للأمر اهمية في بداية الأمر، لكنَّ شيئاً فشئياً أخذ التساقط بالازدياء، الامر الذي دفعني لتجربة الكثير من الخلطات والمراهم من اجل ايقاف عملية تساقط الشعر. مضيفاً: وفي كل مرة يفشل العلاج أجرب آخر، فاسعارها رخيصة، ويمكن الحصول عليها من اماكن متعددة بالأسواق التجارية ومحال الحلاقة، حتى اصبت بالتهاب في فروة الرأس بفعلها، الامر الذي اضطرني لتركها تجنباً لمرض ربما يكون أسوأ.
وتؤكد إحدى الامهات التي امتنعت عن استخدام المراهم الطبية المنتشرة رخيصة الاثمان، لطفلها الذي يعاني حساسية في الجلد تظهر من وقت لآخر، بعد تحذيرها من قبل طبيب مختص بأنها ادوية غير مناسبة لبشرة الطفل، وقد تؤدي الى آثار خطيرة بعد الاستخدام المتكرر.
إذ تقول أم زينب (ربة بيت) لايزال طفلي في السنة الثانية، وانا استخدم المراهم الجلدية المتاحة في الأسواق، ذات السعر المناسب والتي لاتحتاج الى كشفية طبيب، لعلاجه من بعض الحروق التي تظهر من حين لآخر، دون أن تزول نهائياً. مستدركةً: ولكن في احدى الزيارات الدورية لمستشفى المدينة، من اجل لقاح الاطفال، حذرنا طبيب كان يلقي بعض التعليمات للأمهات بخطورة استخدام الأدوية وعلاجات البشرة من دون وصفة طبيب أو استشارة مختص، فامتنعت عن شرائها.
أسعار زهيدة لمناشئ عالمية
عندما تنفق الشركات العالمية الأموال الطائلة للترويج عن منتجاتها الطبية ومستحضرات التجميل ، لابد من اسعار بيع مرتفعة نسبياً لما تحمله تلك السلع من جودة وكفاءة، ولكن عند المرور بأزقة (الباب الشرقي) احد اسواق العاصمة بغداد الأكثر شعبية، ستجد أن تلك الماركات العالمية بأسعار صادمة، وقد تشعر بالغضب لأنك اشتريت أحد المنتجات التي أمامك والمعروض بسعر لا يتجاوز الألفين دينار عراقي، بعشرة دولارات من احدى الأسواق.. ولكن في حقيقة الأمر أنها تالفة وبعضها قد استنفد زمن الاستخدام، وبات "اكسباير" والبعض الآخر تم تقليده بحرفية عالية، أما الاخطر من ذلك فهو المنتج الذي لايزال صالحاً للاستخدام مثلما كتب على غلافه، ولكنه تالف من الداخل، بسبب حفظه طويلاً وبظروف غير مناسبة، جعلت منه فاسداً من الداخل صالحاً من الخارج..
ويؤكد أحد الباعة عند سؤاله عن مصدر البضاعة قال بكل صراحة، إنها مخزونة منذ زمن بعيد ، لم يتم تصريفها، ولصعوبة حفظها بشكل سليم، أتلفت بفعل حرارة الجو والرطوبة، فيعمد التجّار الى بيعها بأقل الأسعار تخلصاً من عددها المتراكم، فتصل إلينا.
يقول د. كمال الطائي (اختصاص الأمراض الجلدية): إن المستهلك هو الوحيد المسؤول عن شراء الأدوية الطبية الصالحة من عدمها، حيث أنه لا يمكن أن يباع منتج بسعر زهيد جداً ومغاير عن سعره الأصلي بدون أن يسبب ضرراً لمشتريه، كما يشدد على ضرورة عدم شراء منتجات التجميل أو علاجات للجلد من الأسواق المحلية من دون استشارة مختصين على الأقل.
وتابع الطائي: أواجه الكثير من الحالات التي سببتها مستحضرات التجميل، والأدوية المغشوشة، في تشويه الجسد من خلال ظهور بعض آثار حساسية الجلد على هيئة احمرار، والتهابات جلدية ، يؤدي تراكم استعمالها على المدى البعيد الى أمراض خطيرة وبعضها يكون معدياً.
نصائح وتعليمات مهمة
وأضاف اختصاص الأمراض الجلدية: أن كل مادة يتم تصنيعها من المواد الكيميائية تصل إلى الجلد ويتم امتصاصها، لتصل بعد ذلك إلى مجرى الدم ومن ثم إلى الأعضاء الحيوية، فمثلاً الصابون أو مزيل العرق والشامبوهات وصبغات الشعر، ومراهم الجلد المختلفة، اذا كانت تالفة قد تؤدي إلى حساسية الجلد وتهيجه وتهيج العين وقد يصل الأمر الى حدوث اضطرابات في الجهاز التنفسي، وبعضها يؤدي الى ظهور مضاعفات صحية غير متوقعة، لا تظهر إلا بعد تراكم استعمالها لمدة من الزمن. وحول ضرورة تجنب استخدام الأدوية وبخاصة الجلدية المتاحة بكثرة والتي تتعدد أماكن الحصول عليها، وجّه الطائي بعض التعليمات والإرشادات الطبية قائلاً: يجب أولاً عند ظهور أيّ علامات غير طبيعية على الجلد، الذهاب الى طبيب مختص لتشخيص المرض ووضع العلاج المناسب، مضيفاً: كما يجب التقليل من استخدام مركبات التجميل، بمختلف انواعها، وضرورة قراءة المكونات ومعرفة النسب المسموح بها قبل استخدام أيّ مراهم للجلد. وبالنسبة للعلاجات الجلدية التي لا تحمل قائمة بالمكونات، شدد الطائي على أنه لابد من الامتناع عن استخدامها نهائياً، بينما فضّل شراء المركبات العضوية أو الطبيعية، كما أكد على ضرورة شراء الأدوية من الصيدليات أو المحال التي تحمل علامات تجارية معروفة بدلاً من الانجراف وراء الأسعار الزهيدة لمنتجات مجهولة المصدر، مشيراً الى اهمية وجود ثقافة للمستخدم بأبجديات شراء الأدوية الصالحة للاستخدام.
الدراسة والاختصاص الأكاديمي
وبشأن الخلطات المركبة من عدة انواع من المراهم، يقول الصيدلي علي الدهان لـ(المدى) الوضع الدوائي في العراق ليس فوضى فقط، بل كارثة حقيقية، وهي ليست وليدة اليوم، إذ بدأت هذه الممارسات وبفضل ضعف القانون منذ بداية التسعينيات. مبينا: قانوناً، الصيدلي فقط هو المجاز بخزن وبيع وتركيب الأدوية. مضيفاً: أن تركيب الأدوية أو ما تقصده (الخلطة) ليست بالعملية السهلة، فقد تقتضي وزن كل مادة على حدة، ثم تحديد كمية ونسبة وتركيز كل مادة وأحياناً تسلسل مزج المواد مع بعضها يكون له تأثير على المنتج النهائي.
وأوضح الدهان: أن تلك العملية تحتاج الى اعداد أكاديمي مسبق خلال الدراسة الجامعية وممارسة وتدريب. منوهاً: وما لم تُتبع الخطوات المذكورة بكل دقّة وحرفية، بالتأكيد ستكون هناك خطورة على الجلد . مضيفاً: على سبيل المثال، تعاني أمريكا حالياً من نقص الصيادلة المؤهلين لمزج الأدوية سواء أكانت خلطات الدهون للجلد أم مزج عدّة أدوية في كبسولة واحدة أم في تحويل الحبوب الى شراب للمرضى الكبار في السن الذين لا يستطيعون أخذ الدواء على شكل حبوب.
وفيما يخص اتجاه الصيدلي الى التركيب أو ما يعرف بالخلطات بيّن الدهان: الصيدلي لا يتجه كيفياً الى التركيب. مردفاً: تركيب الأدوية يتم بموجب وصفة طبيب مثبت فيها أسم المواد التي يجب مزجها مع كمياتها والجرعة المطلوبة. مشدداً: لا تنتظم الخدمات الطبية والممارسات العلاجية مالم يكن هنالك نظام صحي واضح المعالم تسنده تشريعات واضحة وحازمة تضع الوصف الوظيفي لكل عامل ممن يعملون في القطاع الصحي. مؤكداً: أن العراق من البلدان التي عجزت وما زالت عاجزةً عن وضع نظام صحي متكامل، فتداخلت الأمور وأختلط الحابل بالنابل ومن المؤكد أن المريض هو الضحية.
خلطات مجربة وفورية
عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي العديد من البيجات أو الصفحات الخاصة بالترويج لعلاج الامراض الجلدية والخلطات، نشاهد اعلانات بعضها ممول تغري الكثير من النساء والشباب فهي قادرة، حسب المعلن، على ازالة البقع الداكنة، والنمش وحروق الشمس، وآثار حب الشباب، كما تعمل على تفتيح البشرة، مشددة على أن هذه الخلطات تستخدم على انواع البشرة كافة، كل هذا المفعول الذي عجز عن الوصول إليه اطباء العالم، تجده بسعر 5 آلاف دينار للعلبة المتوسطة الحجم، خبيرة التجميل د. سرى حسن تقول لـ(المدى) تردني الكثير من هذه الحالات نتيجة استخدام هذه الخلطات مجهولة المصدر والنسبة المرهمية.
لافتة: الى أن بعض العاملين في الصيدليات أو المستشفيات وحسب معلوماتهم البسيطة يقومون بتركيب تلك المواد بشكل غير دقيق وعمل ترويج لها. مبينة: أن العديد من النساء والشباب ممن يعانون من مشاكل جلدية في الوجه للأسف، يقتنون تلك الخلطات لأجل العلاج لكنها للأسف تزيد من تدهور حالتهم. وتسترسل خبيرة التجميل: أن افضل شيء لمعالجة مشاكل البشرة هي الخلطات الطبيعية والاهتمام بعناية ونظافة الوجه من خلال استخدام مواد تنظيف معروفة المصدر والتراكيب. مؤكدة: على ضرورة اختيار وقت غسل الوجه اثناء العمل، وأن يكون بالماء البارد والتنشيف بطريقة هادئة بعيداً عن الدعك. داعية الى عدم اقتناء أيّ من الخلطات التي تُباع في الشارع أو صيدليات الرصيف أو في عيادة المضمدين غير المجازة، وحصر اقتنائها من الصيدليات والأطباء.