لم يكن ختام بطولة الأندية العربية في الاسكندرية مسكاً، ولم يقطع الترجي التونسي الطريق إلى منصة التتويج وسط الزهور، فقد طغت مشاهد العنف والاشتباك والضرب والشتيمة واقتلاع الكراسي من أماكنها في المدرجات، على أمسية الأحد، فكان يوم الختام سيئ الإخراج ، بدأ بأخطاء تحكيمية فادحة، وانتهى إلى مشاهد جماهيرية في خروج على كل عرف رياضي، وبالطبع فإن كل من كانت له يد في (مهزلة) الختام يرى لنفسه حقاً في أن يحتّج، وأن يرغي ويزبد، وأن يحطم، ما دامت قرارات التحكيم بهذا الضعف والقصور والتأثير على النتائج!
أهم وأبلغ وأبرز ما رصدته بعد (حفل) انتهاء البطولة وتغلب الترجي التونسي على الفيصلي الأردني في الوقت الإضافي، أن المحللين على قناة (أون سبورت) التي نقلت مباريات البطولة، تركوا ما حصل في المباراة، وما وقع به الحكم المصري إبراهيم نور الدين ومساعداه، وراحوا يعددون مظاهر الظلم الذي تعرّض له فريق ثالث غير الترجي التونسي، وغير الفيصلي الأردني .. لقد كانوا يستعيدون تلك القرارات القاسية التي أطاحت آمال فريق نادي نفط الوسط العراقي منذ المباراة الأولى، وأجمعوا على أن الهدف الثالث الذي حسم للبطولة للترجي والذي جاء من حالة تسلل لأربعة لاعبين في لحظة واحدة، لا يرقى إلى فداحة الثمن المتراكم الذي دفعه نفط الوسط في مبارياته من دون جريرة تذكر، سوى أن المقادير قادت إليه حكاماً لا يعرفون في أصول التحكيم إلا ما يعرفه شاعر فذ من العصر الجاهلي في صناعة الصواريخ!
لكن اللافت في البطولة ككل، أن الاستقواء العربي في الاحتجاج والعنف وإثارة المشكلات والمواجهات في الملاعب، لا يتم إلا بين أطراف عربية خالصة وعلى نحو حصري!
لقد كان هدف إعادة البطولة من قبل الاتحاد العربي لكرة القدم بعد تعثرات طويلة وغيبة أطول إظهار أن في الإمكان إقامة مسابقة سنوية للأندية المتميزة في دولها، وكان تخصيص جوائز مالية كبيرة منها مليونان ونصف المليون دولار للفريق الفائز بالبطولة واللقب حافزاً لإعادة الضوء والروح والقيمة إلى المسابقات العربية التي اختفت تماماً من خريطة الاهتمام والنشاطات في السنوات الماضية!
لكن ما حصل في البطولة من نزاع عربي – عربي ، يعيدنا إلى المربع الأول للأزمة المعهودة ، حيث تتجسد صورة الخلافات العربية الكبرى في السياسة (خير ما تتجسد) في ملاعب كرة القدم، بعد أن عرف السياسيون قيمة كرة القدم وثراءها الجماهيري، وغناها الإعلامي والمعنوي، وبدلاً من الاستفادة القصوى على هذا الصعيد لتمتين الروابط الكروية العربية، كان الميل إلى الشقاق والخلاف على أية جزئية مهما كانت ضئيلة!
وفي نهائي البطولة، الدليل والسند والشاهد على أن الاستقواء العربي يبقى محصوراً في محيطه القومي، ينمو، ويتفاعل، بفعل تبعات السياسة واحتقانها، وما يجرّه كل ذلك من سلوكيات ظهرت في البطولة، ثم كان يوم الختام شاهداً بليغاً على أن المسابقات العربية تحتاج إلى كثير من الوقت كي تتعافى من أمراض السياسة ودهاليزها ومكائدها، لا بل دعوني أقول إن هذه المناسبات الكروية لن تتعافى مما حصل إلا إذ سحبت السياسة يدها من هذا الاهتمام الجارف الذي تحظى به كرة القدم .. وهو أمر مستحيل!
تجربة كروية أرادها الاتحاد العربي بداية مختلفة لمسابقاته بعد تعثر طويل، وسعى أشقاؤنا المصريون بكل حفاوتهم وطيبتهم إلى إنجاحها على أرض تحمل كثيراً من الرمزية التاريخية هي الإسكندرية، لكن ماذا عسانا نفعل لأخطاء الحكام الساذجة – الفادحة، وما فتحته من جراح غائرة كادت تعصف بالبطولة ككل!
التـتـويـج.. بـمهـزلـة!!
نشر في: 7 أغسطس, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
بغداد تقترب من فك "شيفرة" الخلاف التركي السوري.. اردوغان يعلن الاستعداد والأسد لا يمانع
الكشف عن تفاصيل إصابة ميسي ومدة غيابه
بارزاني: عاشوراء فرصة لتوحيد الصفوف ونبذ الخلافات وتبني اللاعنف
شرطة الرصافة تنفي تعرض امرأة للتعذيب: ضربت نفسها
وزير الخارجية والمبعوث الأممي يؤكدان أهمية إيجاد تسوية شاملة للأزمة السورية
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)