أظهرت وثائق لوكالة المخابرات المركزية تم كشف النقاب عنها حديثا بعض الحقائق المروعة حول طرق تعامل الوكالة مع وسائل الإعلام.وتم الكشف عن سلسلة من المذكرات الداخلية تعود لعام 1984،وتتضمن أكثر من 900 ألف وثيقة تم رفع ا
أظهرت وثائق لوكالة المخابرات المركزية تم كشف النقاب عنها حديثا بعض الحقائق المروعة حول طرق تعامل الوكالة مع وسائل الإعلام.
وتم الكشف عن سلسلة من المذكرات الداخلية تعود لعام 1984،وتتضمن أكثر من 900 ألف وثيقة تم رفع السرية عنها
وكلف المفتش العام لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) من قبل مدير وكالة المخابرات المركزية بيل كيسي بالتحقيق في نقاط الضعف في عمل وكالة المخابرات المركزية الخاص بتدقيق محتويات وسائل الإعلام واستعراض موادها. وقد شملت واحدة من اقتراحاته على وجوب قيام وكالة المخابرات المركزية باكتساب نفوذ في الجامعات والمدارس التي تقوم بتدريس الصحافة من أجل تغيير محتوى المناهج الدراسية.
وتوضح احد المذكرات عن ايكال اللجنة المعنية تلك المهمة إلى احد موظفي الوكالة ، الذي حرر مذكرة سرية من أربع صفحات لمديره جيمس تايلور، الذي قام بتسليمها بدوره إلى مدير الوكالة بيل كيسي. وأيدت اللجنة على وجه التحديد الاقتراح المتعلق ببرنامج تتدخل فيه الوكالة في مناهج كليات الصحافة
وتكشف أكثر الأقسام المذهلة من مذكرات وكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه) - التي تحمل علامة "سري للغاية " - كيف تنظر الوكالة إلى الحريات الصحفية: "إن السلطة المطلقة تفسد الاشياء ، وسلطة وسائل الإعلام في هذا البلد شبه مطلقة".
"القوة المطلقة تفسد تماما": من المفارقات أن هذه الكلمات التي خرجت من وكالة الاستخبارات المركزية لم تطبق في حد ذاتها – فهي وكالة تجسس سرية تعمل في كثير من الأحيان فوق وخارج القانون (ومن الامثلة على ذلك عملية إيران كونترا، وغيرها من العمليات) - ولكن هذه هي الكلمات المطبقة على وسائل الإعلام. كما تشبه وكالة الاستخبارات المركزية الصحافة الاستقصائية بعمليات التجسس لصالح العدو الخارجي "يمكننا أن نذكر أوجه التشابه الدقيق في الأساليب والنتائج، إن لم يكن في الدوافع، بين محاولات وسائل الإعلام لاختراقنا ومحاولات الاجانب لأن يفعلوا الشيء نفسه".وتفيد احدى المذكرات "ربما حان الوقت لتجريم وسائل الإعلام": كان عقد الثمانينيات هو الفترة التي كانت فيه وكالة المخابرات المركزية مستمرة في الدفاع في مواجهة النتائج المذهلة من قبل لجنة الكنيسة 1975-1976. وقد كشفت لجنة الكونغرس، برئاسة فرانك تشورش، عن مديات انتهاك القانون من قبل وكالة الاستخبارات المركزية وغيرها من الوكالات الحكومية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الأمن القومي، بما في ذلك مؤامرات الاغتيال الأجنبية، والتصنت غير القانوني، وانتشار عمليات التجسس الداخلية وانتشار مكاتب البريد، واختلاق قصص إعلامية وهمية، وعديد الجواسيس والصحفيين الذين يعملون لصالح الوكالة في وكالات الانباء الأميركية والأجنبية. وأفيد بأن العديد من هذه البرامج قد تراجعت أو أزيلت بحلول الثمانينيات. وربما تمثل وثيقة عام 1984 فترة من إعادة تجميع داخلي للوكالة أو إعادة تصنيف للهجوم الجديد لاجل تشكيل تصورات الرأي العام
و"تذكر احدى الوثائق أن الوكالة لديها اتصالات رسمية مع أشخاص مؤثرين في الخارج ... لدينا اجتماعات دورية مع رؤساء الجامعات والكليات، وبعض منها بلا شك مع كليات الصحافة". وهذا هو القسم الذي تحمس له مدير الوكالة بيل كيسي ، و دعا الى الاهتمام به ونشر تعميم موجز حوله بين الإدارات.
وتهدف فكرة التأثير المباشر في الحرم الجامعي إلى تشكيل المنتج الإعلامي النهائي، والحصول على بعض التأثير في وقت مبكر جدا في وظائف الصحفيين الشباب، مما يؤدي إلى "تحدي ممارسة النشر بشكل عشوائي" - أي ضمان استشارة وكالة المخابرات المركزية قبل ان يتم نشر الأخبار. وربما يكون الخطر الأكثر شرا في الفقرات أدناه "نظرا لبعض التغييرات في المناهج الدراسية، فإن الجيل القادم من الصحفيين قد يظهرون بعض الارتقاء في الأخلاق".
كما تشير احدى الوثائق - "يجب ان تعزز وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) [حملات التأثير الإعلامي]":وقد أعدت وكالة المخابرات المركزية دليلا عمليا عن كيفية مكافحة وسائل الإعلام بمهارة مع تجنب الإشراف على الكونغرس، بما في ذلك تزويد الجمهور بقائمة " أمثلة " عن وسائل الإعلام التي تعتبرها وكالة الاستخبارات المركزية تحدث إضرارا بمهمتها، فضلا عن إنشاء منظمات بديلة لتشكيل وسائل الإعلام بشكل غير مباشر من أجل إخفاء دور وكالة المخابرات المركزية. وهناك جزء آخر من الوثيقة الكاملة، ، يتحدث عن التأثير المأمول الذي يمكن أن يؤديه المحقق الصحفي البارز: "ان قناعة واحدة رفيعة المستوى مدعومة بشكل جيد ستفعل الكثير".ونحن بالطبع نتذكر اليوم الحرب على ويكيليكس والمبلغين عن المخالفات. وقد أعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) الحالي مايك بومبيو مؤخرا عن ان"ويكيليكس" "هو جهاز استخبارات معادي غير حكومي". وتعمل وكالة المخابرات المركزية الآن بنشاط على تدمير وسائل الإعلام والإبلاغ عن المخالفات التي باتت قصصا لا نهاية لها من خلال إقامة شراكات مع وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم.وفي وقت لاحق تؤكد وثائق وكالة الاستخبارات المركزية والدراسات التاريخية أن كثيرا من الستراتيجية المنصوص عليها في هذه المذكرات تم تنفيذها بعناية وتطويرها. ومن الأمثلة على ذلك العديد من الأمثلة التي يمكن رؤيتها في دراسة داخلية لوكالة المخابرات المركزية عام 1997 بعنوان إدارة الكابوس: الشؤون العامة لوكالة المخابرات المركزية وقصة مؤامرة المخدرات. وقد تم تأليف هذه الورقة من قبل مركز دراسة الاستخبارات التابع للوكالة، وهو نوع من المراكز البحثية التي تعمل داخل الوكالة نفسها و الذي يعمل أيضا بشكل وثيق مع مكتب الشؤون العامة في الوكالة - الجناح الرسمي للعلاقات الإعلامية.
وتسرد وثيقة"إدارة الكابوس" تفاصيل الخطوات التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية لسحق صحفي من كاليفورنيا كان يدعى غاري ويبو الذي قام بسلسلة من التحقيقات كشفت ما عرف حينها بفضيحة نيكاراغوا كونترا حول المخدرات. ويتفاخر تقرير وكالة الاستخبارات المركزية بنشوء "قاعدة ثابتة وقوية للعلاقات المثمرة بالفعل مع الصحفيين" التي استغلت لمنع حدوث "أزمة حقيقية للعلاقات العامة"، كما اعترفت باستخدام الوكلاء والصحفيين الاصدقاء في وكالات الانباء الرئيسية لمهاجمة كل من غاري ويب وتحقيقاته .وعلى غرار مذكرات عام 1984 التي تشير إلى أهمية العلاقات العامة في تجنب "الهجوم المباشر " على الصحافة أو الحماية الدستورية لحرية التعبير، فإن دراسة يعود تاريخها الى عام 1997 تعترف بما كان يحدث وراء الكواليس من مناورات لتحقيق الغاية المنشودة: "في عالم العلاقات العامة، كما هو الحال في الحرب، فان تجنب الهزيمة امام العدو يمكن ان يعتبر نجاحا ". وأضافت قائلة" إننا نعيش في أوقات صعبة وعاطفية إلى حد ما، عندما لا تلتزم أعداد كبيرة من الأميركيين بنفس المعايير المنطقية أو الأدلة أو حتى النقاشات المتحضرة مثل تلك التي يتمسك بها أعضاء وكالة الاستخبارات المركزية ".ومن المرجح أن تكون هذه الأوراق السرية غيض من فيض من حيث الكشف عن الأعماق التي ذهبت إليها وكالات الاستخبارات الأميركية في دراسة كيفية التعامل مع الرأي العام. ولا شك أن المحتوى الأوسع نطاقا ما يزال مخفيا حتى الآن.
عن: موقع مينت برس نيوز