هادي الطائيان الحديث عن" ابو سعيد" طويل وعريض وشيق، ومهما تحدثنا لا نستطيع الوصول الى ما نريده، كون الذي يتحدث عن "ابو سعيد" يجب ان يمتلك بيانه وبلاغته حتى يصدق في شخصيته الثقافية و الوطنية والنضالية.
كانت جريدة "اتحاد الشعب" تصدر و توزع بشكل سري، لكن بعد ثورة 14 تموز واطلاق الحريات للصحافة صدرت علانية وكان من كتابها الأساسيين المناضل عبد الجبار وهبي وهو يكتب عمودا بعنوان "كلمة اليوم" في الصفحة الثامنة، ومعه كان الكثير من المناضلين يكتبون في الجريدة ومنهم محمد حسين ابو العيس وعامر عبد الله وعبد القادر اسماعيل وغيرهم.كانت "اتحاد الشعب" من الجرائد واسعة الانتشار كونها تمثل لسان حال الحزب الشيوعي العراقي، وكان للراحل تأثيرا واسعا جدا في اوساط شرائح المجتمع العراقي و طبقاته كافة.كنا نتلقف الجريدة ، وعيوننا تتسارع الى الصفحة الثامنة قبل غيرها لنرى جديد "ابو سعيد" لذاك اليوم. ويذكر ان احد الصحفيين الانكليز لاحظ ظاهرة لدى العراقيين وهي قراءتهم الجريدة من الصفحة الاخيرة وكان يعد هذا الطبع قلة في المعرفة، والحقيقة ان العراقيين يذهبون الى الصفحة الثامنة/الاخيرة لقراءة "كلمة اليوم". في تلك المرحلة كان الناس ينتظرون الجديد من احداث سياسية واقتصادية واجتماعية من قلم "ابو سعيد" اذ كان يعبر عن احتياجاتهم وتطلعاتهم في هذه الحالات. "أبو سعيد" يعد أحد ابرز محرري "اتحاد الشعب"، ومعلما كبيرا، اهتم بالقضايا التي تمس الشعب بشكل مباشر بعماله وفلاحيه وطلابه ومثقفيه. ويعتبر "ابو سعيد" ناقدا سياسيا ساخرا شبيها بالممثل شارلي شابلن في فن إيصال الفكرة، اذ يجعل الناس تشتاق الى مقالاته، ومن عناوين هذه المقالات "شائعات واشياء اخرى" وفيه يسخر من العملاء و المعاميل، و"سارق الاكفان" و"اقطاب و اذناب" وكانت هذه العناوين تخبيء بين سطورها الكثير الكثير من المتعة والجدوى.
أبو سعيد...ملح الغذاء المعرفي
نشر في: 24 فبراير, 2010: 06:04 م