يسكنها قرابة، نصف مليون نسمة تقريباً جلّهم من الطبقة الفقيرة الكادحة، التي كانت تستبشر بالتغيير النيساني خيراً، وأن تنال ولو نسبة ضئيلة من الاهتمام والرعاية الحكومية، لكن واقع الحال غير ذلك بتاتاً، فعند ولوجك لمركز قضاء الحسينية، تستبعد انك في مكان ل
يسكنها قرابة، نصف مليون نسمة تقريباً جلّهم من الطبقة الفقيرة الكادحة، التي كانت تستبشر بالتغيير النيساني خيراً، وأن تنال ولو نسبة ضئيلة من الاهتمام والرعاية الحكومية، لكن واقع الحال غير ذلك بتاتاً، فعند ولوجك لمركز قضاء الحسينية، تستبعد انك في مكان لا يبعد عن العاصمة بغداد ومقر الحكومة المحلية سوى بضعة كيلومترات، مشاريع عدّة حاولت الحكومات المتعاقبة إنجازها لكنها لم تفلح، الى أن عصفت رياح الأزمة المالية التي زادت من معاناة اهالي الحسينية وأجبرتهم على التظاهر والتهديد بالاعتصام وقطع الشارع الذي يربط العاصمة بغداد بكردستان. بعد أن يأسوا من الاستجابة لمطالبهم ومناشداتهم المتكررة.
ابتزاز المقاول وسط غياب دور الدولة
المواطن علي هاشم تحدث لــ(المدى) عن منطقته الواقعة في مركز القضاء، والتي توقف مشروع المجاري فيها منذ (3) سنوات وتُركت الحفر من دون ردمها لتتحول الى مستنقعات في فصل الشتاء. مبيناً: أن الوضع الآن أفضل حيث يتبرع الاهالي قبيل موسم الأمطار بشراء الحصى الخابط (سبّيس) لرصف الشوارع الفرعية مما يسمح لهم الدخول الى مساكنهم بعد أن كانت مياه الأمطار تمنعهم. منوهاً: الى أن الاهمال الكبير الذي طال القضاء إن كان من الحكومة المحلية أو الوزارات المعنية بتوفير الخدمات.
فيما شكا المواطن علي طالب، من ضعف التيار الكهربائي، فالانقطاع المستمر مشكلة مشتركة لعموم العراق، مستدركاً: لكن القضاء يعاني من ضعف كبير في قوة التيار الكهربائي (الفولتية) لقدم محولاته والإسلاك التي هي (سنكل فيز) فتشغيل أجهزة التبريد أمر محال. مؤكداً: أن الجميع يكتفي بالمراوح والمبردات التي تسببت بشتى الأمراض الجلدية ومشكلات في التنفس. المواطن حسن غالب، تحدث عن عدم متابعة المقاول من قبل الجهات الرقابية والسماح له بتمديد مدة العمل وعدم تطبيق القانون، الأمر الذي جعل الكثير منهم يتأخر في إنجاز عمله حتى وصلنا لمرحلة التقشف. وعدم وجود أموال مما جعلهم اصحاب الحق، مردفاً: أن المقاول هو الآخر يخضع للابتزاز من جماعات متنفذة، لافتاً: الى حالة خطف تمت قبل سنوات وأخذ فدية منه نحو (250) الف دولار وقتل أخ مقاول آخر بسبب عدم استجابته لتهديداتهم وسط غياب دور الأجهزة الأمنية، مطالباً بإجراءات حكومية رادعة تضع حداً للإتاوات في القضاء.
مشاريع المجاري الستراتيجية
بشأن المشكلات التي تعترض اتمام المشاريع، بيّن مدير بلدية الحسينية المهندس مصطفى الشمري لــ(المدى) أن المشكلة في معظم المشاريع المتلكئة عادة، هي مشاريع المجاري التي تعد أساساً لكل مشاريع البنية التحتية الباقية. موضحاً: أن عدم اكمالها يعني استحالة تنفيذ أي مشروع بنية تحتية آخر، مهما كان نوعه، اضافة الى أن مشاريع المجاري يؤدي العمل بها الى انهيار اغلب شبكات الطرق الفرعية داخل الأحياء السكنية. لافتاً: الى بقاء شبكات الطرق دون اصلاح حتى اكمال مشاريع المجاري، وبما أن مشاريع المجاري لم تكتمل، فتلاحظ أن شوارع الأحياء تصبح مستنقعات مائية لا تستطيع السيارات السير من خلالها في اغلب أيام فصل الشتاء، بينما تتحول الى مداخن ترابية بفعل التراب الجاف في فصل الصيف. وبيّن الشمري: انه منذ نهاية سنة ٢٠١٤ وبداية سنة ٢٠١٥ التي شهدت نفاد الميزانية العراقية، بقيت هذه المشاريع على حالها دون تقدم ملموس ومن دون أي حلول واقعية تستطيع انهاء هذه المشكلة التي أتعبت السكّان. مؤكداً: أن العمل على وضع مشاريع جديدة لغرض تنفيذها غير ممكن بسبب عدم وجود التخصيص بالإضافة الى عدم حسم المشاريع المُعلقة.
وأضاف الشمري: أن واحدة من اهم المشاكل التي تواجهنا هي نقص سائقي الآليات الكبيرة و التي تستوجب سائقين متخصصين، مردفا،ً لدينا ما يزيد عن (50) آلية ولا يوجد سوى (15) سائقاً، الأمر الذي يجعل تلك الآليات خارج العمل، مضيفاً: نلجأ للآليات الأهلية في تقديم الخدمات البلدية من خلال التعاقد معهم من موازنة حملات التنظيف والتي توقفت منذ فترة، مستدركاً: لكن الأزمة الأخرى هي الوقود فتقدر حاجتنا بــ(50) الف لتر يومياً، بينما يخصص لنا (32) الف لتر لا تصرف منا سوى ( 16) ألف لتر والتي لا تغطي العمل سوى عشرة أيام .
وأكد مدير بلدية الحسينية: على ضرورة استحداث مركزين بلديين ليتم العمل بشكل أوسع وأكثر خدمة، فوجود بلدية واحدة ومركز بلدي في القضاء غير كافٍ . مطالباً بإعطاء صلاحيات أوسع للبلدية من خلال استخدام عوائد العقارات والمساطحات التابعة لبلدية الزهور .
خمسة مراكز صحية لنصف مليون نسمة ؟!
المواطن حسن كريم تحدث لــــ(المدى) الخدمات الطبية في أسوأ ما يكون، فلا وجود لمستشفى عام في القضاء، بالإضافة الى عدم وجود صالة ولادة وصالة طوارئ ، مردفاً، الامر الذي يهدد حياة الكثير من المرضى في حالة تأخر نقلهم بسبب مشاكل الطريق، إضافة الى قلة المراكز الصحية، فهناك نقص حاد في الكوادر الصحية والأدوية المقدمة. مؤكداً أن تلك الخدمات تجعلهم تحت رحمة العيادات الخارجية، وهذا يشكل ثقلاً على كاهلم بسبب ارتفاع كشفية الأطباء وغلاء اسعار الأدوية.
د. علي المعموري تحدث لــ(المدى) خمسة مراكز صحية في القضاء مع مركز تخصصي للأسنان. موضحاً: أن الحاجة الفعلية حسب منظمة الصحة العالمية، مركز صحي واحد لكل 40 الف نسمة. مستدركا،ً حتى هذه الخمسة مراكز لا تقدم الخدمة المطلوبة للمواطن بسبب نقص الأدوية والكوادر والأجهزة. المعاناة لا تقتصر على الخدمات الصحية، فالتعليم مأساوي، وهناك نقص حاد في الأبنية المدرسية، علي ناصر مشرف تربوي، أكد أن هناك أربعين بناية لـ(100) مدرسة، الأمر الذي جعل الدوام ثلاثياً في اغلب الأبنية. مضيفاً: يبدو أن المدارس الكارافانية وبسبب سرعة تشييدها ستكون المعالجة لنقص المدارس، لافتاً: الى أن الوضع المربك بسبب ضغط الدوام، لذا شيّد ما يقارب من (27) مدرسة للتقنين من هذه الضغوطات في مناطق القضاء، لكنها هي الأخرى انصدمت بجدار العجز المالي. مؤكداً أن النقص الحاد في الأبنية المدرسية وازدياد اعداد الطلبة جعلانا نعمل على مدارس واطئة الكلفة.
شباب القضاء اتحدوا
تؤكد الظروف الحالية استحالة أن تلتفت الحكومة الى القضاء أو تحاول أن تلملم شتات خدماته فما كان إلا من شباب القضاء، أن يدعوا الى تظاهرة سلمية وإجراءات تصعيدية أخرى، لو تطلب الأمر، عضو اللجنة التنسيقية سلام ناصر تحدث لــ(المدى) آخر العلاج الكي، وهذا ما اقتنعنا به، لذلك أخذنا على عاتقنا كشباب مستقلين عن أي انتماء حزبي، أن نحشد لتظاهرة سلمية. متابعاً: عملنا على أن تكون مطالبنا موحّدة وغير تعجيزية قابلة للتنفيذ لعلها تصلح الوضع. مردفاً: شرعت اللجنة بالتشاور مع أهل الاختصاص بوضع المطالب وصياغتها في بيان.
واسترسل ناصر: طالبنا باستثناء المشاريع المتوقفة من قرار مجلس الوزراء لسنة 2014 القاضي بإيقاف جميع المشاريع مثل تعبيد الطرق وصيانة المنظومة الكهربائية للقضاء واكمال الأبنية المدرسية وغير ذلك من مشاريع خدمية وصحية وتعليمية. مستطرداً: ولأننا نعرف أن اصلاح الوضع لا يتم إلا بقرارات من جهات عليا، كان أول مطلب، هو لن نتفاوض إلا مع رئاسة الوزراء. وأوضح عضو اللجنة التنسيقية لتظاهرات الحسينية: توقعنا أن الامانة العامة لم تستجب لمطلبنا التفاوضي، فتظاهر الآلاف من أهالي القضاء ملتزمين بتعليمات اللجنة التنظيمية لا شعارات حزبية أو فئوية ولا علم سوى علم العراق، والتأكيد على احترام القانون والتعاون مع القوات الأمنية. مؤكداً: كان الجميع على قدر عالٍ من الانضباط والالتزام وبعد التظاهر قررنا قطع الطريق الدولي الرابط بين بغداد واقليم كردستان، إلى أن جاءت لجنة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء وبالتنسيق مع الحكومتين المحليتين لمحافظة بغداد وقضاء الحسينية وشكلت لجنة للعمل على دراسة وتحقيق المطالب .
بهذا الشأن أكد محافظ بغداد عطوان العطواني، عزمه على تغيير ملامح قضاء الحسينية وتوفير الخدمات لها, مشيراً الى سبب تأخر انجاز المشاريع في القضاء يعود لتأخر الموازنة.
وقال العطواني في بيان اطلعت عليه (المدى) إن قضاء الحسينية يعاني كثيراً ومشروع المجاري قد أوقف الكثير من المشاريع الأخرى كالتبليط والماء والإنارة وهذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة البلديات, والتي وعدت المحافظة بإكمال المشروع بعد موافقة مجلس الوزراء على تخصيص الأموال لهذا المشروع. مضيفاً: أن أسباب تأخير تنفيذ المشاريع في قضاء الحسينية هي تأخر الموازنة والروتين والتعقيدات الإدارية وعدم تعاون الجهات الحكومية خلال الفترات السابقة. وأشار العطواني، بحسب البيان، إلى أن هناك رغبة جادة لتقديم الخدمات الى أهالي الحسينية التي جاءت من خلال المتابعات والزيارات المستمرة للقضاء ولقاء وجهاء المنطقة ومسؤوليها، مبيناً انه سيتم العمل على تغيير ملامح قضاء الحسينية. واصفاً تظاهرات الأهالي بـ"البناءة"، وأنها لم تحمل سوى مطالب مشروعة والتزام المتظاهرين بالسلمية.
متى تجنى ثمار التظاهر؟
عن نتائج التظاهرة، المهندس خليفة الساعدي قائممقام قضاء الحسينية تحدث لـــ(المدى) من خلال عقد اجتماع بين اللجنة المكلفة من رئاسة الوزراء والمعاون الفني لمحافظ بغداد والحكومة المحلية للقضاء وأعضاء اللجنة التنسيقية للتظاهرات وبعد دراسة المطالب وعرضها في جلسة مجلس الوزراء تم نقل معمل الاسفلت الى القضاء وآليات فرش السبيس. منوهاً: الى استثناء المشاريع المتوقفة من قانون مجلس الوزراء والتي نسبة الإنجاز فيها عالية. وتخصيص 43 ملياراً للشوارع المكتملة بنيتها التحتية، واستبدال شبكة الماء واكمال المرحلة الثانية منها. ولفت الساعدي: الى اطلاق المبالغ المتبقية لشركة عثمان قادر شرط اكمال شبكة المجاري وتحويل مستحقات المقاول الى وزارة الاعمار والاسكان والبلديات العامة، وتبليط الشوارع، وتحديث شبكة الكهرباء السنكل فيز وتحويلها لثري فيز. مشيراً: الى مخاطبة وزارة الصحة لاستكمال تأهيل المستشفى العام في القضاء واكمال (7) مدارس حديدية نسبة الإنجاز فيها 90% تابعات لوزارة التربية ومخاطبة الدوائر في عموم المحافظة ممن لديهم سائقو آليات من أهل القضاء لغرض تنسيبهم الى بلدية الزهور .
رغم الاستجابة للمطالب وتشكيل لجنة من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء والحكومتين المحلية للمحافظة والقضاء، إلا أن الاهالي متخوفون من المماطلة أو بطء التنفيذ، حسين الشويلي مدرس بيّن لـ(المدى): انه بالرغم من كل ذلك وما اثمر عن التظاهرات، إلا أن المخاوف قائمة من عدم التنفيذ أو المماطلة. متمنياً: أن لايكون كل ذلك اشبه (بالبنج) لتهدئة الموقف والتغاضي عن الاعتصام الذي هددت به اللجنة المنظمة للتظاهرات. مؤكداً: على ضرورة تشكيل لجنة من أهالي ووجهاء القضاء لمتابعة سير العمل بما أقرّ في الاجتماعات.