TOP

جريدة المدى > غير مصنف > ابو سعيد الصحفي المناضل..رحلة النضال من القاعدة حتى الاستشهاد

ابو سعيد الصحفي المناضل..رحلة النضال من القاعدة حتى الاستشهاد

نشر في: 24 فبراير, 2010: 06:07 م

يصفه رفاقه بأنه كان قصير القامة، ولكنهم لايكتفون بهذا الصوف، وانما يشيرون الى ان كل من سمع بـ (ابو سعيد) ولم يره، يظنه عملاقا ضخم الجثة، مهيب الشكل ولم تكن شرطة نوري السعيد بمنجى من هذا الظن، ولكنه كان عملاقا حقا عملاقا في حياته وفي استشهاده.
ولاشك ان محبيه سمعوا به ولم يروه قد دهشوا حين وجدوه امامهم، قصير القامة مربوع الجسم. ولكن ما ان يبدأ بالحديث حتى ترتسم امامهم صورة، هي اكبر من تلك التي تصوروها ولاشك انهم يتفقون مع الرفيق كريم احمد (عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي) حين يصفه قائلا:ً -لقد كان عملاقا.. قصير القامة:هل رأيتم رجلا تغزل بحبيبته مثلما تغزل ابو سعيد بـ (الغزيلة) ؟.. لقد كان "ابو سعيد" يفعل هكذا سمى ماكنة الطباعة التي كانت تطبع بها "القاعدة" الغزيلة، وكان حريصا عليها ويعرف اجزاءها  قطعة قطعة، وكثيرا ما كان يشكو من صوتها.. ولكنه كان يعالجها باستمرار، فهي امانة الحزب لديه ولقد شهده شارع الشيخ عمر اكثر من مرة متجولا في المحلات والورش بحثا عن احد الثقاة او الاصدقاء لاصلاح قطعة صغيرة من الحديد خبأها بعناية. ويروي عنه احد اتى اليه مرة حاملا "دشلي" مثلوم، وطلب اصلاحه، وكان هذا العامل يعرف "ابو سعيد" جيدا، ويعرف شكواه من صوت المطبعة فقال له مداعبا، -سأصنع لك "دشلي" من الفايبر .."دشلي" صامت!! ابو سعيد .. هجر متع الحياة اليومية واستبدلها باصعب واحلى المتع ..فأستاذ الفيزياء هجر في لحظة ما ..مهمة التدريس في كلية الملك فيصل وهجر رداء (الافندية) واستبدله بالجراوية والعقال والدشداشة ترك منتديات الاحاديث المسالمة ترك دفء العائلة وبسهولة الوصول الى اماكنه الحبيبة بوسائط النقل العديدة، واكتفى بـ (البايسكل) وبلفح النسمات الباردة، هجر الموسيقى التي كان يعشقها، وهجر كل ما كان قادرا على الحصول عليه، ولم يكن هذا القرار نتيجة لحظة عابرة. بل امتداداً لوعي بدأ بالتفجر عند "ابو سعيد" في وقت مبكر، ولقد جرب النضال بكل اشكاله، فحين كان في حزب الشعب، كان من المساهمين النشطين في مجاله، ولكن بعد وثبة كانون انخرط في صفوف الحزب الشيوعي، وكانت تلك فترة تحول كبيرة في حياة المناضل عبد الجبار وهبي. (كلمة اليوم) كانت علامة بارزة في جريدة (اتحاد الشعب) هذا ما كان يتفق عليه الجميع مثلما كانوا يتفقون على ان الكثير من قراء "اتحاد الشعب" يبدأون بقراءة الجريدة من الصفحة الثانية حيث مكان كلمة (ابو سعيد) ويتفق الجميع ايضا على حرص الرجعيين على شراء اتحاد الشعب وقراءة "كلمة اليوم" فلقد كانت "كلمة اليوم" كلمة مميزة.. ولربما لم يتساءل احد حينها، كيف كان (ابو سعيد) يكتب كلمته، واين كان يكتبها؟ ذاكرة رفاقه تجيبنا بأنه كان متميزاً حتى في طريقة الكتابة. يروي احد عمال شارع الشيخ عمر، ان (ابو سعيد) كان يأتي في احيان كثيرة الى محلهن ويجلس بين العمال يراقب حركتهم، ويستمع لاحاديثهم والمفردات التي يستخدمونها، ويستمع ايضا لهمومهم وتقييماتهم للوضع السياسي ولوضع (السوق).. وفجأة كان يخرج قلمه ويبدأ بالكتابة ثم ينهض مودعا. وفي اليوم التالي يفاجأ العمال بمفرداتهم وببعض ما قالوه مكتوبا في (كلمة اليوم).  ويروي الشاعر رشدي العامل –الذي زامله في اتحاد الشعب – انهم كانوا في الجريدة يترقبون وقع اقدامه لانه حين كان يصل ، يملأ مبنى (اتحاد الشعب) بالاسئلة والمداعبات والحركة و.. الحياة التي لم تكن تنقص الرفاق الاخرين الا انه كان مميزا ، كان يتكلم ويداعب و.. (يحرك الجو) الى الحد الذي يأتي فيه الرفيق الشهيد عدنان البراك أو الرفيق الشهيد عبد الرحيم شريف طالبين منه ان يهدأ قليلا، ولكن الهدوء كان يتسلل الى الجريدة في اللحظة التي يغادر فيها (ابو سعيد) الى غرفته فجأة ليكتب –كلمة اليوم – وما ان ينتهي منها حتى تحل محل الهدوء (كركرات) "ابو سعيد" الجذلى ، ويستمر رشدي العامل في سرد الذكريات ويتوقف عند الايام الصعبة.. يوم كان الجميع بانتظار قرار الحكم الذي سيصدر من المجلس العسكري العرفي، وكان (ابو سعيد) جالسا، وحين رن جرس الهاتف رفعه الرفيق الشهيد عدنان البراك ثم استمع قليلا و...اغلق السماعة بوجوم وعرف الجميع ان المجلس العسكري العرفي قد اصدر حكمه بغلق (اتحاد الشعب) فران صمت حزين على الجميع، ولكن ضحكة "ابو سعيد" خرقته بمرح قائلاً: -هيه .! وداعا ايها التعب، يالله يا جماعة.. انهضوا..! فأستوقفه الرفيق البراك قائلاً: -الى اين؟ لقد اغلقت الجريدة حقا. ولكن العمل مستمر، فغدا ستصدر جريدة "صوت الشعب".وكانت (صوت الشعب) جريدة حصل الحزب على امتيازها باسم الرفيق الشهيد محمد حسين ابو العيس تحوطا لقرار المجلس العرفي. لم يغادر ابو سعيد يوما مرحه الا الى موقع الهدوء والنقاش المتفرد، فلقد كان صعبا ان يشهد المرء ملامح الحزن على وجهه ، اللهم الا في اللحظات التي كان يسمع فيها باعتقال احد الرفاق، فقد كان يحزن بشدة ويتذكر الرفيق كريم احمد انه كان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram