خلَدَت فرق دوري الكرة الممتاز الى الراحة بعد عناء المشاركة في مسابقة النسخة 43 من تاريخها، اجهضَتْ خلالها منغّصات كثيرة لم تحد من تطلعاتها في مواصلة تحمّل ظروفها نحو المباراة الأخيرة التي حملت الرقم 684 من رحلتي الذهاب والإياب بعد إلغاء نتائج فريق أربيل إثر انسحابه من الدور 12، لينعم اللاعبون باستقرار نفسي وصفاء ذهني حتى مطلع تشرين الثاني كموعد مقترح لبدء الموسم الكروي الجديد.
إن المتابع النَهِم لمجريات الدوري يكاد يسجّل في كل دور ملاحظات كثيرة، بعضها فني، وآخر يخص التحكيم، وهناك انتقادات لاحَت لجنتي المسابقات والانضباط لم يسلم أعضاء الاتحاد من هجوم البعض، كونهم يتحملون مسؤولية الخروق والمجاملات وضرب اللوائح الخاصة بتنظيم البطولة، وفي مقدمتها التأجيل الكيفي حسب رغبة الأندية مداراة لمصالحها في تمثيل البلد خارجه أو لتفرّغ عدد من لاعبيها مع المنتخبات الوطنية، فجاء رصد الدوري بالعديد من الظواهر السلبية المطلوب دراستها من قبل أساتذة متخصصين مع نخبة من المحللين وثلة من الإعلاميين ممن واكبوا ونبّهوا واقترحوا عبر صُحفهم وقنوات التلفاز والإذاعة لما يصبّ في مصلحة تطوير المسابقة.
وبما أن نظام دوري الكرة لم يستقر على آلية محددة كما هو الحال في دوريات عربية تنظم اتحاداتها لوائح خاصة غير قابلة للاجتهاد لأنها تحترم القانون كحالة عامة في المجتمع ولا تجتزئ منه مادة أو فقرة في كرة القدم لتتصرّف به كيفما شاءت، فنظام الدوري قانون كروي يلزم جميع الأندية احترامه بعدما يؤيد ممثلوها تنفيذه، وعليه ينبغي الكف عن التلاعب بنظام المسابقة وجعله عُرضةً لأهواء لجنة المسابقات أو توظيفه لمصلحة انتخابات قريبة، أو تعويم قرار خاص بنادٍ مشمول بعقوبات تسري على غيره، أو عدم ترحيل أندية الى الدرجة الممتازة، لينطلق اتحاد الكرة بمرحلة اصلاح جدّي بعقد ورشة تطوير الدوري لا يترك فيها شاردة أو واردة إلا ويعالجها في توصيات الخبراء ممن ذكرناهم وتكون غير قابلة لأيّ تعديل أو حذف، فأعضاء الاتحاد منتخبون لخدمة اللعبة ولا سلطة لهم أعلى من الجمعية العمومية التي سيحضر ممثلوها لمناقشة أهل الشأن، وهم يقدمون لائحة دوري شاملة لمستلزمات نجاحه، أي أن اتحاد الكرة مطالب بالمصادقة كمجلس رسمي أمام الاتحادين الدولي والآسيوي لتمضي المسابقة بما يرى المعنيون صواباً في شكل التنافس ومدته وعدد الفرق المناسبة لظروف العراق.
صراحة، أثبتت المواسم الماضية لمسابقة دوري الكرة العراقي فشل الاتحاد فنياً وإدارياً، ونرجو أن لا يخرج رئيس الاتحاد أو أحد الأعضاء ثائراً لعبارة (الفشل) ومتباكياً على سنيّ خدماتهم الضائعة بالتصريحات ليس إلا، فالتفاخر بإقامة المسابقة ليس إنجازاً يُلجَم به كل من يوجّه نقداً للاتحاد، فدول أخرى مرّت بأقسى مما عانيناه، لكنها لم تتنازل عن أمورها التنظيمية أمام العالم، وإذا أصرّ أي مسؤول في الاتحاد على أن تنظيم الدوري يعد الأمثل والأنجح في دول المنطقة تأسيساً على تحديات المنطقة وما واجهه العراق من إرهاب وحرب واضطراب في وضعه الاقتصادي، إذن لمصلحة مَنْ توسيع نطاق المنافسة وقبول مشاركة أندية فقيرة يهرب أعضاء مجالس المحافظات من لجوجتها في سدّ عوزها المادي، ولماذا يستمر تمثيل أكثر من نادٍ لوزارة واحدة، وهل يستحسن الاتحاد أن تُهدر مليارات الدنانير على عقود موسم واحد تلزم الأندية من صاحبة التسلسل 20 الى 1 بالدفع تبدأ من 60 مليوناً إلى نصف مليار دينار، ومن يقف وراء عدم فتح التحقيق لعشرات الشكاوى التي باح بها لاعبون ومدربون تعرّضوا إلى تهديد علني قبل وبعد انتهاء مباريات الدوري وكلها موثّقة على لسان أصحابها في برامج رياضية على الهواء مباشرة لم تتعرّض الى مقص الرقيب، ثم هل ينفي الاتحاد تعرّضه الى ضغوط من مشجعين لأندية جماهيرية كانوا يحاججونه في مقرّه مطالبين بتأجيل مباراتهم؟!
فوضى عارمة مستترة بتصريحات ناعمة يوهِم رئيس وأعضاء لجنة المسابقات أنفسهم بأنهم أنجزوا أفضل عمل للكرة العراقية، ولم يجرؤ أي منهم بالاعتراف عن عجزه في منع الخروق خشية نزع الهيئة العامة الثقة عنه في انتخابات الدورة المقبلة سواء كمرشح لمنصب أم لجنة.
افتحوا طاولة الورشة لتَسِعَ كل المهتمين بمسابقة الدوري، ولا تحكموا على المنتقدين بسعيهم لإسقاطكم، فلا قيمة لأيّ عراقي أمام وطنه مهما كبُر شأنه أم صغر وهو يرى تبديد الأموال وتهديد الرجال ويَجبُن، ولا يُحرّك ساكناً، فرغم أهوال الأخطاء وكارثية الأحداث كالتي سقط إثرها مدرب كربلاء محمد عباس مقتولاً ضحية الفوضى التي نعنيها، تظل الكرة العراقية صابرة ولن تقهر، بانتظار أن تصحو عموميتها وتنشد الخلاص على يد منقذين بخبرتهم وعلميتهم وشجاعتهم بالدفاع عن "النظام واللائحة" أمام أي (أبو عضلة) يقفز عليهما لسرقة حقوق الآخرين!
ورشة تطوير الدوري
[post-views]
نشر في: 12 أغسطس, 2017: 04:57 م