TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أمْسِكْ محافظاً .. من الكتل الكبيرة!

أمْسِكْ محافظاً .. من الكتل الكبيرة!

نشر في: 12 أغسطس, 2017: 06:12 م

adnan.h@almadapaper.net

أصبح لدينا الآن محافظان اثنان فارّان من وجه العدالة، هما محافظ الانبار ومحافظ البصرة.  لدينا أيضاً محافظ واحد محكوم بالسجن عن أكثر من قضية هو محافظ صلاح الدين، ومحافظ واحد حُكِم عليه بالسجن وبعد يومين أو ثلاثة عاد إلى منصبه معزّزاً مكرّماً (محافظ بابل)، ليس لأن المحكمة اكتشفت لاحقاً براءته وإنما لشموله بقانون العفو العام الذي صمّمه مجلس النواب خصيصاً للعفو عن الإرهابيين (السنّة) مقابل العفو عن الفاسدين (الشيعة)، بمقتضى نظام المحاصصة!
المحافظون الأربعة لا تجمع في ما بينهم قضية واحدة فقط، هي الفساد الإداري والمالي التي أتّهموا أو أدينوا بها، فثمة شيء آخر يجمعهم هو أنهم صاروا في مناصبهم التنفيذية الكبيرة لا عن خبرة ولا عن كفاءة ولا عن نزاهة، بل لأنهم ينتمون الى ما توصف بأنها كتل كبيرة، وهي الكتل التي شكّلت الأغلبية الساحقة في مجالس المحافظات، كما في مجلس النواب، بفضل نظام انتخابي متحيّز للكبار، ومفوضية انتخابات فاسدة شكّلها الكبار من ممثلين عنهم، وأموال طائلة يتحصّل عليها الكبار من المال العام بحكم مواقعه في مناصب الدولة العليا. والمحافظون الأربعة جميعاً موزعون بين كتلتي التحالف الوطني واتحاد القوى الكبيرتين.
المحافظون الأربعة هؤلاء ليسوا الوحيدين من المتورّطين في الفساد الإداري والمالي من ذوي المناصب الرفيعة. دولتنا حافلة بالفاسدين الذين يحتلّون مناصب عليا، ومنذ أيام فقط كشفت هيئة النزاهة في تقريرها نصف السنوي عن أنها أصدرت في النصف الاول من العام الحالي وحده أوامر استقدام في حق 28 وزيراً أو مَنْ هم بدرجة الوزير.
هؤلاء، الوزراء ومَنْ هم بدرجتهم، هم أيضاً  تجمع في ما بينهم ومع المحافظين الأربعة القضيتان إيّاهما: الفساد الإداري والمالي، وتمثيل الأحزاب والقوى المتنفذة في مجلس النواب والحكومة وعموم الدولة (الكتل الكبيرة)، وهم جميعاً سقطوا في شرك النزاهة بفضل الصراعات والمنافسات والمناكفات في ما بين كتلهم وأحزابهم (الكبيرة)، (عندما يختلف اللصوص تظهر السرقة).
من المفترض أنْ تُلقِم هذه المعطيات حجراً ممثلي الأحزاب والقوى الكبيرة وببغاواتهم في الإعلام والفضاء الالكتروني، الذين ما فتئوا يبرّرون قيام مجلس النواب للتوّ بتشريع قانون انتخابات غير عادل وغير منصف بأن مشاكل البلاد ناجمة عن وجود الكتل الصغيرة في مجالس المحافظات! وبالتالي فإن إبعاد هذه الكتل الصغيرة "التي تلعب دور بيضة القبان"، بحسب تعبير أحد ممثلي الكتل الكبيرة، من شأنه أن يحقّق الانسجام بين أعضاء مجالس المحافظات، ويجلب الاستقرار للمحافظات ويجعل ناس المحافظات يعيشون عيشة سعيدة!
الكتل الكبيرة وبعض المتنطّعين لصالحها، تبرّعاً أو بأجر، يريدون لنا أن نُغمض الأعين عن فسادها ونُمسك بالألسنة حيال سوء إدارتها، وأن نعتقد بأن الكتل الصغيرة هي سبب البلوى التي تعيشها بلادنا على مدى أكثر من عشر سنين منذ أن وطّدت قوى الإسلام السياسي هيمنتها على مقادير البلاد وتعاملت مع مئات مليارات النفط بوصفها غنائم حرب وأسلاب عمليات أسر وسبي.
قضية المحافظين الأربعة وأولئك الذين تلاحقهم هيئة النزاهة الآن، ليست في الواقع سوى القمة من جبل الفساد الذي لم يزل تسعة أعشاره غير ظاهر للعيان، لكنّ الحواسّ الخمس تُدركها كل الإدراك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram