مع تقديري لكل من يتابع بتفصيل وإدراك عميقين لمآل الرياضة، فلا أمل قريب للانفراج في ظل انعدام المصداقية لدى البعض في أحاديثهم للإعلام وتنكّرهم لها في اليوم التالي، ولجوئهم الى معونة (فيسبوكية) جاهزة للدفاع عن الباطل أياً كان شكله ونوعه، ظناً أنهم يقزّمون صاحب الحق ويحولونه بين ليلة وأخرى فريسة اتهام لا دليل دامغ له إلا في مصانع الضمائر الفاسدة!
شؤون الرياضة، مثلما أركّز في مناقشاتي مع زملاء واصدقاء، تعجّ بأمثال هؤلاء ممن تنأى الرياضة عن أن تتشرّف بلباسهم اللا طهور، وهم لا يمثلونها، ولابد من انتقاء أفضل القوانين واللوائح التي تنقّي الوسط الرياضي من الطارئين والعابثين الذين لا همّ لهم سوى تكريس وجودهم في المكان مهما طال الزمان، مشكلتنا أننا كلما أردنا أن نصل الى نهاية أزمة لنقبر مخلفاتها ونمضي الى الأمام، نعاود استذكار المواقف الشخصية لهذا وذاك ومسببات النفور في العلاقات الرياضية، ونقطع حبل الود بلا تمهّل لعدم القبول بالمصارحة، كل ذلك يجري على حساب مصير الرياضة.
مصيبتنا أن اللوائح الماضية لتقويم اعوجاج الرياضة مازالت محط جدل ومناقشة منذ سنة ونصف السنة، اسهمت في تصدّع الرياضيين، وربما تقودهم الى التجميد، وما زال السؤال محيّراً : إذا كانت اللوائح هشّة ووظفّت في ظروف خاصة عام 2007 أوجبت إقامة الانتخابات تحت ضغوط سياسية واجتماعية ورياضية، أين دور الهيئات العامة منذ ذلك التاريخ حتى الآن، لماذا قبلت بوجود شخوص افتضح دورهم أنهم أقل مستوى من الموجبات التأهيلية لتسنّم الموقع؟!
لن نمنح البراءة أو نوجّه التهمة لأحد، لكن واقع الحال يسترعي دعم أي توجّه لطي صفحة الماضي التي لا يريد البعض نسيانها كي لا نمضي للأمام حتى لو كلّفنا العقوبة دولياً، ماذا نترقب أكثر من اشخاص ثقاة صارحوا (المدى) وزميلاتها في اعترافات ضمنية أو علنية أن كل ما جرى سابقاً أدى الى مواجهة الرياضة العراقية مرحلة خطيرة يترحّم الجميع على ماضيها بكل صفحاته المتفق والمختلف عليها؟!
إذا أردنا الخلاص من كل منغّصات الرياضة الولودة الواحدة تلو الأخرى، لابد من تحديد مدة عمل القائد الرياضي لئلا يستمرىء في تصرفاته ويمهد لبناء مملكته الخاصة مغتنماً تمترسه بالمستفيدين منه، مع ضرورة تقييم ما تم انجازه، وما أنفقه من مال الحكومة، فالعمل الرياضي ليس حكراً أو إرثاً لمن يتولى المهمة، لاسيما أن تجربة السنين الأربع عشرة أفرزت سلبيات لا حصر لها نتيجة تشبّث العديد من المسؤولين بمواقعهم من دون أن يفلحوا ليكونوا صُنّاع قرار في يومٍ ما!
هناك نقاط مثيرة في ملف الانتخابات المقبلة إن كانت في الأندية أم الاتحادات، وتحوم الشكوك الواقعية وليست المفترضة في العلاقة الوظيفية بين تعاطي بعض المسؤولين لمفردات عملهم اليومي، واسرار التعاقد مع اللاعبين والمدربين وبقية الملاكات الساندة التي تلعب دوراً حاسماً في التصويت لهم ونوابهم وهكذا بالنسبة للأعضاء، بما يعزز بقاء بعض الاشخاص غير المنتجين وليس لديهم إضافة تذكر في الحد الأدنى بمقاييس التخطيط البرامجي وبيانات نتائجه.
أعود للتذكير بفضائل رجل فاضِل مثل الدكتور باسل عبدالمهدي على رياضة العراق، وهو يتأبط ملفها المعقّد منذ عام 2008 يوم احتدم القرار في تصادم حرج بين الحكومة والمؤسسة الدولية على خلفية حل اللجنة الأولمبية الوطنية، ولم ييأس بعد ذلك من مراحل الاحباط وخيبات أمله في أكثر من مرشح لمنصب كان يلوذ في بيته طلباً لمشورة أو دعم ثم ينهزم في منتصف التسلّق نحو قمة المثالية التي ندّعيها ولم نرها قط، ويروح ينزلق الى أودية سحيقة ما بين الخنوع لقطّاع طرق الاصلاح وما بين الهروب من مواجهة باذخي الأموال في (كروبات الترف)، الرجل شخّص أمثال هكذا طلاب مناصب في أكثر من مقال موسوم، فضح مسببات فشلهم وقدم حلوله الناجعة قبل أن تتفاقم المشكلات وتطرح على مكاتب المؤسسات الدولية للشكوى ضد الحكومة!
نأمل أن يتكاتف الجميع من أجل حلول سريعة للأزمات الضاربة في جسد الرياضة المريض، كي تستقر اوضاعها بموجب القوانين الجديدة لاحداث متغيّرات ستراتيجية لواقع الاندية والاتحادات حاضراً ومستقبلاً.
كروبات الترف الرياضي
[post-views]
نشر في: 15 أغسطس, 2017: 03:33 م